 (1).jpg)
أسامة داود يكتب:حكاية سطو وزراء البيزنس على معهد ناصر ( 4 )

كان إسماعيل سلام يصل الليل بالنهار لينجز استراتيجية حدد ملامحها لوزارة الصحة.
ولأنه إبن سوق وتربية التنظيمات السياسية والشعبية وعاصر عهودا كثيرة ، كان يدرك ان العمر لو أمهله لتنفيذ اهدافه النبيلة لصالح المواطن والوطن ، فلن تمهله قرارات الاقالة إذا ما ما أقدم على تهديد عرش مافيا الإتجار فى أرواح البشر ومنهم مافيا صناعة الدواء وأصحاب المصالح وبارونات الصناعات المدمرة للصحة وأصحاب شركات صناعة السجائر.
حارب سلام مافيا تحويل الصحة الى سلعة عبر المستشفيات الخاصة التى عرفت طريقها فى مصر وقت الرئيس السادات الذى منح طبيبه الخاص الدكتور محمد مجدى حق انشاء أول مستشفى خاص وهى السلام الدولى ، وكانت بداية ظهور بيزنس الصحة الذى خرج من عباءة العمل العام الى إدارة قطاع الصحة نفسه مع وصول الحرس الجديد جمال مبارك مدعومًا بوزراء البيزنس ليوقعوا عقد زواج غير شرعى بين قمة السلطة فى الدولة وبين مافيا المصالح المسماه تهذبًا رجال البيزنس.
كانت أحلام إسماعيل سلام تنتقل بقطاع الصحة فى مصر من مرحلة الى مرحلة أكبر وأخطر، فقرر ان يحول معهد ناصر الى مدينة طبية تجمع بين العلاج لكل فئات المجتمع ، بل قبلة للسياحة العلاجية أيضًا ، وقرر أن تكون نموذجا من مدينة الحسين الطبية فى الاردن.
وتعددت التخصصات وتفوق المعهد عالميًا فى الجراحات الدقيقة وأصبح يستقبل علماء الطب فى العالم فى زيارات عمل ينظمها سلام الذى أشتهر عنه تعدد علاقاته الدولية، وحركته الدءوبة التى لم تكن تتوقف، وقراراته الجرئية التى كانت تسبب له العديد من المتاعب ، وتؤسس ضده جبهة صلبه من الخصوم تجمعهم المصالح... شركات الدواء، والمستلزمات الطبية وصناع السجائر، وسماسرة الاتجار بآلام البشر عبر المستشفيات والعيادات وعشوائيات الصحة، التى نمت مع إنحسار مؤسسات الصحة العامة للدولة وتراجع موازنتها مع نهاية السبعينيات وحتى بداية النصف الثانى من العقد الاخير من القرن الماضى.
وبدأت جبهة المصالح قصف إسماعيل سلام ومعه حلم الفقير فى مصر
[caption id="attachment_99042" align="aligncenter" width="1300"] إسماعيل سلام[/caption]
التوسع الرأسى للمدينة الطبية
كان حلم سلام قد بدأ يأتى ثمارة عبر توافد الاف المرضى من الدول العربية والافريقية الى معهد ناصر بعدما كانو يذهبون الى المستشفيات الاستثمارية ، وكان إسم معهد ناصر ودوره الرائد فى الجراحات الدقيقة والعلاج المتقدم قد انتقل مع أطباء البعثات الطبية التى تأهلت به عبر برنامج الزمالة الذى سبق وأسسه إسماعيل سلام الى بلدانهم ودولهم العربية والإفريقية وأصبحوا بمثابة سفراء للمعهد دون أن يدفع الملايين للإعلان عن نفسه ونجاحاته الطبية . وأصبح مكتب مدير معهد ناصر مقرا يلتقى به عدد من سفراء ودبلوماسي الدول العربية والافريقية لزيارة ومتابعة حالة رعايا دولهم.. فأنشأ المعهد إدارة تحت مسمى إدارة العلاج السياحى، وبدأت الفكرة تكبر وتتبلور وكان لابد من استيعاب الوفود المتلاحقة عبر رحلات طائرة أطلق عليها القوافل العلاجية ، قرر سلام إستخدام مساحة على يمين معهد ناصر ملاصقة لواجهته الرئيسية على النيل وقام بالتخطيط لإنشاء مبنى فندقى من 12 طابقا يستخدمه المرضى الاثرياء من مصر والدول العربية فى فترة النقاهة ومقر لاقامة مرافقيهم كان إسماعيل سلام الذى وصل مع حكومة كمال الجنزورى، قد تبنى رؤية تنموية بعيدة المدى، وبعدما وصلت نسبة الاشغال بـ «معهد ناصر»، بسبب كفاءة الخدمة الطبية المقدمة إلى أعلى مستوياتها، ( 100% ) ، فضلاً عن قوائم انتظار خلقت «حاجة ماسّة» حسب تعبيره لتأسيس الملحق التكميلى محل الجدل. بكُلفة قدرها 40 مليون جنيه فى زمن التأسيس ارتفعت عمدان المُلحق التكميلى لمعهد ناصر، لرفع المعاناة اليومية لأهالى المرضى الأجانب الذين يتلقون العلاج به، قرر سلام تدشين عنابر إقامة للمرضى، وربطها معماريًا بالمستشفى الأم عام 2000 على وجه التحديد، ليستلهم المبنى فلسفته ومعماره من مركز العجوزة الطبى التابع للقوات المُسلحة. بحسب مقال سلّام، تحتوى السجلات الوزارية لوزارة الصحة على مُذكرة إنشاء خاصة بالمبنى الجديد، فضلاً عن مستندات مناقصة الإنشاءات التى تمت على النسق الحكومى المعتاد، ليمتلك المبنى على إثرها كودا خاصا به فى التخطيط. «شهادة ميلاد» الوزير الأسبق تُحدد بشكل واضح ملامح المبنى على النحو التالى، فهو مبنى مكوّن من 12 طابقا مُشيدة على نسق معمارى دائرى، وتتنوّع الأدوار الوظيفية لطوابقه على طابقين للتأهيل الطبيعى، وطابقين للخدمات، ليتبقى ثمانية أدوار مُخصصة لما أشار له الوزير بـ«إسكان المرضى»، موزعة على 2290 غرفة، من بينها 19 جناحًا خاصًا. تبلُغ مساحة المبنى العملاق نحو 30 ألف متر مُربع، ويُقدِر سلام حجم الإنجاز فى تطوُر البناء والتجهيز بنهاية عهده بنحو 80%، بتكلفة لا تزيد على 45 مليون جنيه مصرى. وبحسابات زمن الإنشاء كان المطلوب لاستكمال المبنى من تشطيبات وتجهيزات لا تتجاوز 5 ملايين جنيه وكان سلام يعلم أن المبلغ بالفعل من السهل تدبيره من فائض بنود الأورام والمستشفيات والإسعاف الطائر بميزانية الوزارة لحساب ما اعتبره «مشروعًا قوميًا» من شأنه إدخال 100 مليون جنيه سنويًا إلى خزانة الدولة، كدخل صافى من الملحق التكميلى لمعهد ناصر.22 فدانا بجزيرة الوراق
لم يكن المبنى الذى قارب على الانتهاء منه هو كل ما فى جعبة سلام فقط ، بل استطاع الحصول على تخصيص لمساحة 22 فدانا بجزيرة الوراق لإنشاء امتداد لمنتجع علاج واستشفاء يربط بينه وبين معهد ناصر تليفريك لنقل المرضى بين تلقى العلاج ومنتجع الاستشفاء ، وتم بالفعل عمل تكسية لها ناحية جسر النيل.. وتم تخصيص لنش لصالح المعهد للعبور خلال مراحل التجهيز من والى أرض المعهد بجزيرة الوراق ليصبح منتجع إستشفائى يدر مئات الملايين من الدولارات سنويا توجه الى التوسع فى منظومة الصحة والتى كان يدرك سلام عبر إهتمامه بمعهد ناصر أن يكون نموذج يتعدد بتعدد أقاليم مصر.معهد ناصر مشروع اقتصادي
كان هدف اسماعيل سلام ان يصبح معهد ناصر مشروعا اقتصاديا يحصد من القادرين لينفق على غير القادرين واستمر البناء وقبل بدء عمليات التشطيب للفندق المطل على النيل تم اقالة اسماعيل سلام بعد تقدمه بمشروع قانون يحمل شركات صناعة السجائر تكاليف الامراض الناتجة عن التدخين ، وتزامن تقديم المشروع حملة صحفية قادها ابراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم. ليقال اسماعيل سلام ويتم تجميد المشروع القومى لتحويل معهد ناصر الى مدينة سياحة علاجية فى مصر ويتوقف الحلم الذى كان قد قارب أن يصبح واقعًا وهو منتجع الاستشفاء بجزيرة الوراق كإمتداد للمعهد ومبناه الفندقى.. مع وصول حكومة رجال المصالح وسماسرة الصحة ومصاصى دماء الشعب الى أعلى درجات السلطة. [caption id="attachment_99052" align="aligncenter" width="614"]