أسامة داود يكشف: الجانى الحقيقى فى جريمة إيتاي البارود

الحريق يشتعل بعد وصول فرق الانقاذ.. كيف؟!

لهذه الاسباب تتكرر حوادث البترول!
تصريحات بطعم الإدانة، والجميع يسير خلف الوهم.. لأجزم بأن حادث ايتاى البارود لن يكون الأخير ولأسباب سوف أذكرها رغم التيار الجارف بحصر الجريمة فى عنق اللصوص الذين ارتكبوا جريمة الكسر والسرقة.
قال المهندس عبد المنعم حافظ رئيس شركة أنابيب البترول، في تصريحاته أمس حول حادث حريق خط أنابيب المنتجات البترولية المار من منطقة عزبة المواسير: "إنه في تمام الساعة الواحدة ظهر اليوم جرى اكتشاف محاولة تركيب "كليبس" بخط منتجات بترولية بإيتاي البارود محافظة البحيرة من جانب لصوص؛ بغرض السرقة، وحدث تسرب لمنتج البنزين على الأرض وبالترعة المجاورة".
ذلك الحادث الذي أسفر عن مصرع 7 أشخاص وإصابة 16 آخرين حسبما ذكرت وزارة الصحة.
وأضاف حافظ: "انتقلت فرق الفنيين بالشركة لموقع الحادث، وجرى إغلاق "المحبس" قبل الكسر وبعده والسيطرة على التسريب وإبلاغ الشرطة والنيابة العامة بالحادث، وتمت معاينة المكان وتحرير محضر بالواقعة فى الخامسة مساءً".
وهنا نتوقف قليلاً قبل أن نكمل التصريحات، التى يجب أن تكون دليل اتهام وإدانة، تستوجب مساءلة عاجلة .
نعم يقول إنه تم اكتشاف جريمة السرقة، وإنه تم إبلاغ الشرطة والنيابة العامة، وتمت معاينة المكان وتحرير محضر بالواقعة.. كل ذلك انتهى عند الخامسة مساء، وماذا بعد؟
ما هى الخطوات التى كان يجب اتخاذها من جانب رئيس الشركة وبتعليمات الوزير ورئيس الهيئة؟
ماذا كان هو التصرف الطبيعي والمنطقى المفترض اتخاذه فور اكتشاف الواقعة وليس بعد إبلاغ الشركة ومعاينة النيابة؟
أولاً وقف التسرب ومعالجة مكانه بعد تصويره لحظة بلحظة حتى يكون هو دليلاً طبيعيًّا أمام كل جهات التحقيق، وأولها الشرطة والنيابة..

الحريق يتحدى 

أعود لنكمل قراءة تصريحات رئيس شركة أنابيب البترول الدكتور عبد المنعم حافظ، والتى تمثل اعترافات لا تصريحات.
ماذا فعل الرجل؟
يقول: "عقب ذلك، ونتيجة لمصدر لهب مجهول؛ حدث اشتعال فى المنتج المتسرب؛ جراء الحادث، وتمت السيطرة على الحريق الذي شب في مكان التسريب بالأرض بالكامل". إلى هنا نقول ولماذا حدث الحريق؟
لماذا لم تقم الشركة بعمل كردون وإزالة كافة أشكال التلوث الناتج عن تسرب منتج البنزين فورًا؟ كيف تركت الشركة وقياداتها  تلك الواقعة دون التأكد من أنه تم تغطية الخط وتأمين المنطقة بالكامل، ووضع لافتات تحذير بعدم الاقتراب من المكان؛
باعتبار أنه من المتوقع أن يكون مصدر خطر فى حالة الاقتراب منه بمصدر لهب، حتى ولو كان إلقاء عقب سيجارة من أحد المارِّين عليه؟
ألم توجد تعليمات فى وزارة البترول وهيئتها وشركاتها ومناطق التخزين وعبر خطوط النقل بأنها مناطق خطر؟
أيضًا أسأل السيد المهندس طارق الملا وزير البترول، الذى أعلن منذ العام الماضى عن رفع حالة الطوارئ القصوى فى قطاع البترول فى مجال السلامة والصحة المهنية، هل برنامج السلامة والصحة المهنية الذى أعلنته سيادتك يستهدف زيادة عدد الحوادث، لا الحد منها؟!.
وأقول ألم يقع منذ أسابيع حادثان فى شركة خالدة وبنفس الطريقة وبنفس الأسلوب، وراح ضحية الحادث الأول عدد من العاملين البسطاء من عمال المقاولات؟
أقول للمهندس الملا، الذى رفع حالة الطوارئ للسلامة والصحة المهنية: ألم يقع انفجاران فى خطوط نقل المنتجات، أحدهما بشارع التسعين بالتجمع الخامس، ولولا ستر الله لقُتل العديد من الأبرياء؟
ومن قبلها حادث شركة سيدبك الذى خلف ورائه عشرات الحالات ما بين وفاة وعاهات مستديمة.. ألم يحدث انفجار فى مستودعات شركة الإسكندرية للبترول العام الماضى؟، وعللت ذلك بالرعد والبرق، بينما كان الحهاز المخصص لامتصاص الصواعق موجودًا، فما الذى حدث؟
لا تقل إن الصاعقة كانت أكبر من قدرة الجهاز، وهو ما سيدفعنى للرد عليك بسؤال: هل الصواعق فى مصر تتجاوز قوة مثيلتها فى البلاد الأوروبية؟
وأجيب: بالطبع لا، ولكن الفارق بين السلامة والصحة المهنية فى قطاع يتولى تجريف الخبرات المتميزة به وبين هناك حيث يتم التأمين بالطرق السليمة دون فبركة أو شغل أونطة؛ لأن هناك حسابًا لمن يخطئ، وهناك خبرات لا يتم طردها من القطاع بطرق التطفيش أو الركنة فى مكاتب تشبه الثلاجات.

تآكل الخبرات

أثناء حضور مؤتمر الـ "موك" بالإسكندرية منتصف الشهر الماضى،  سألت أحد أكبر القيادات فى قطاع البترول عن أسباب الحوادث التى يتعرض لها قطاع البترول، فجاء رده فى ثلاث كلمات لا رابع لها "تآكل الخبرات بالقطاع "!!
تلاقى هذا الرد مع العديد من الأحداث التى تمت داخل القطاع بطريقة إقصاء الخبرات  بالتجريف المتعمد خلال السنوات الماضية للعديد من العناصر الفنية والعلمية الذى يحدث فى قطاع البترول للقيادات التى لها قوة فى علم الإدارة هو أكبر جريمة يتعرض لها قطاع البترول.
وأن حريق خط الأنابيب المار من إيتاى البارود لم يكن هو الأول ولن يكون الأخير طالما أننا نبحث فى كل جريمة عن محولجى ليحمل هو الشيلة!!
وإزاء الردود والتصريحات المؤسفة لا أجد ردًّا سوى أن أقول: ليته صمَت.. ليته صمَت!!