الدكتور ماهر عزيز يكتب: المزيج الأمثل للتوليد الكهربي في مصر (4)

المزيج الأمثل للكهرباء المصرية

يحتاج مزيج الطاقة الأولية لإنتاج القوى الكهربية بمصر إذن إلى إعادة هيكلة عاجلة، تدخل بمقتضاها مصادر جديدة فى معادلة المزيج الأمثل منذ اللحظة الراهنة دون إبطاء.

فالاستمرار على الوضع الراهن يعنى الاعتماد بنسبة لا تقل عن 80% على استهلاك الغاز الطبيعى والنفط فى توليد القوى الكهربية بمصر حتى عام 2035، كما يعنى بالضرورة فقر المزيج الكلى للطاقة الأولية المطلوبة إلى التنوع والتشارك بمصادر أخرى للطاقة الأولية.

وهنا يبزغ الفحم باعتباره مصدر الطاقة الأولية المرشح بقوة للدخول إلى مزيج الطاقة الأولية بمصر عاجلاً دون إبطاء.

ويعزز المشهد العالمى للطاقة بقوة هذا الخيار.. فالمخزون العالمى من النفط والغاز يكفى باستهلاكات اليوم لحوالى خمس وأربعين سنة قادمة، بينما يكفى الفحم لحوالى 200 سنة قادمة (وفى تقدير آخر 300 سنة قادمة)، وذلك بمعدل زيادة سنوية فى الاستهلاك العالمى تقدر بحوالى 2.5%.

الفحم يشارك في مزيج الطاقة

كذلك فإن الفحم يشارك مشاركة جسيمة فى مزيج الطاقة الأولية بمعظم دول العالم، فهو يشارك، على سبيل المثال -كما أسلفنا- بنسبة 75% فى مزيج الطاقة بالهند، وبنسبة 71% فى إسرائيل، وتربو نسبة مشاركته على 30% فى أوربا.. وهكذا. وتتوقع الدراسات الراهنة للمزيج العالمى للطاقة الأولية مشاركة كبيرة من الفحم بما لا يقل عن 36% بحلول عام 2040.

وبناءً على ذلك فإن المزيج الأرجح اللازم لتوليد الكهرباء بمصر يتعين أن يشتمل على نسبة للغاز الطبيعى لاتتجاوز 35% حتى 2035، فقط للحفاظ على القدرات المشغلة بالغاز الطبيعى حالياً مستمرة فى التشغيل إلى انتهاء عمرها الافتراضى، أما القدرات الجديدة المخطط لدخولها الشبكة الكهربية المصرية خلال المدى 2020 – 2035 فيتعين إعادة النظر فيها لتحويل النسبة العظمى منها إلى خيار استخدام الفحم كوقود بديلاً عن الغاز الطبيعى. وفى هذا الصدد فإن أقرب السيناريوهات للمزيج المرجح للطاقة الكهربية عام 2035 يمكن أن يكون على النحو التالى: • الغاز الطبيعى 35% • النفط (المازوت بصفة رئيسية) 5% • الفحم 30% • النووية 10% • الطاقة الجديدة والمتجددة (بما فيها القوى المائية) 20%

وهنالك العديد من السيناريوهات التى لا تخرج فى جوهرها عن هذا المزيج، كأن تزداد مشاركة القوى النووية إلى 15%، أو تُزَاد مشاركة الطاقة المتجددة إلى 25-30%، وذلك على أن تتصاعد مستقبلاً مشاركة هذه المصادر الأولية الثلاثة: الفحم والنووية والمتجددات لتحل رويداً رويداً محل الغاز الطبيعى والنفط الناضبين بطبيعتهما، والمطلوبين فى الوقت ذاته لاستخدامات أخرى حرجة وماسة لا يوجد فى المستقبل المنظور بدائل لها سواء فى قطاع النقل أو الصناعة أو الاستخدام المنزلى.

استراتيجية الطاقة المستدامة

ويقترب هذا المقترح الأمثل لمزيج التوليد الكهربى فى مصر من السيناريو الأرجح بين أربعة سيناريوهات اشتملت عليها "استراتيجية الطاقة الكهربية المستدامة والمتكاملة حتى عام 2035" (نوفمبر 2015)، حيث اقترح السيناريو الأرجح مزيجاً للتوليد الكهربى عام 2035 على النحو التالى:

• محطات الغاز الطبيعى 19.9% • محطات الفحم 34.0% • محطات النووى 8.9% • محطات القوى الهيدرولية 3.2% • محطات الطاقات الجديدة والمتجددة (قوى الرياح 14.6%، والشمسية الفوتوفلطية 11.8%، والشمسية المركزة 7.6%) 34.0%

إن مصر ستحتاج حتى عام 2035 إلى الغاز الطبيعى لتشغيل الرصيد القائم من محطات الدورة المركبة والغازية التى تبلغ حالياً 56.1% من إجمالى التوليد الكهربى الراهن، فضلاً عن جزء لا يستهان به من المحطات البخارية القائمة التى تبلغ حوالى 43.9% من إجمالى التوليد الكهربى الحالى، وذلك كاف جداً ليستهلك جل الغاز الطبيعى المصرى حتى عام 2035 دن أدنى إضافة من أية محطات أخرى لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعى، ولن يكون هنالك مناص للخروج من هذه الأزمة سوى بالتكنولوجيا النظيفة لوقود الفحم الوفير بالتضافر مع القوى النووية.