 (1).jpg)
ناصر أبوطاحون يكتب: "الإيغور" مشكلة مواطنين أم مشكلة مسلمين؟

أسفل الماء تنتظر السمكة بشغف السنارة التى ستصطادها بعد أن رأت شقيقتها و هى تصعد لأعلى مشدودة بخيط ذات السنارة..
هى تركز فقط فى الطعم الذى يكسو السنارة ، لا تنظر الى الخيط ، و لا تتذكر أن نفس الطعم سحب شقيقتها الى أعلى
العلوم الحديثة أثبتت أن السمكة بلا ذاكرة تقريبا، و أنها لا تحتفظ فى عقلها بأى ذكريات
كذلك الفأر تجده يدخل نفس المصيدة التى اصطادت اسلافه جيلا بعد جيل، فلا تاريخ له يستفيد منه، و لا ذكريات تحميه
و رغم أن ربنا سبحانه و تعالى كرم الانسان بالعقل و خلق له المخ الذى يمكنه من الاحتفاظ بالتاريخ و احداثه و تداعياته ليستعين به على استمرار الحياة و صنع المستقبل، إلا أن البعض يصر على إهدار العقل و تغييب العمل به و يعيد و يكرر أخطاءه بنفس التفاصيل دون ان ينتبه لذلك.
و السنارة التى تصطاد بنى جلدتنا - من العرب و المسلمين خصوصا - تكون مخفية بـ ”طُعم” نصرة المسلمين فى مكان ما، و مصحوبة ببعض الروائح المحفزة لابتلاع الطعم بكل أريحية مثل أخبار هدم المساجد او التعذيب او القتل للمسلمين و غيرها من الأمور
و سريعا ما نلتقط الطعم و نسقط فى الفخ و ما نلبث أن نخرج منه حتى نسقط فى فخ اخر، دون أن نتوقف و نتدارس نتائج ما وقع على الأمة و على الإسلام مما جرى، أو كيف أن تلك الهبة صبت فى مصالح الأعداء
و لم يهتز جفن لأولئك المجرمين و هم يقفون على أطلال الخرائب التى صنعوها بأيديهم فى البلاد الاسلامية و العربية تحت زعم الدفاع عن المسلمين
و الموضوع أصبح معروف و برنامج محدد يقف خلفه ضابط ما فى السى أى أيه يديره وكأنه فنان يحرك العرائس على المسرح
و عادة ما تبدأ بهوجة إعلامية مفاجئة فى جميع وسائل الاعلام و الوكالات العالمية، و كلها بالمناسبة أذرع لأجهزة المخابرات الغربية، و تستمر حالة البكاء و الأخبار المفبركة و المصنوعة عن منطقة ما او اقليم او دولة تتعرض لانتهاكات حقوق الانسان
و من المهم ان يكون هناك قادة لهذه العمليات من نفس الدولة و بالمصادفة كلهم يقيمون فى امريكا، و يستقبلهم قادة امريكا فى البيت الابيض و الكونجرس لصنع حالة حولهم
و حسب الحالة فى المكان المستهدف يتم التحرك، بعد دراسة امكانية العمل العسكرى، سواء بتنشيط عمليات عنف و ارهاب ، او بتدخل عسكرى مباشر من امريكا و حلفاءها
و لو راجعنا مع حدث مع دول مثل افغانستان و العراق و ليبيا و سوريا و اليمن بالتفصيل، ستجد أن نفس المجرمين الذين وقفوا خلف تدمير و هدم منجزات هذه الدول و تشريد و قتل شعوبها هم نفس المجرمين الذين يتصدرون المشهد الأن فى قضية الايغور الصينيين
المشكلة ان الشعوب العربية حولت نفسها الى سمك بلا ذاكرة و تتلقف اى سنارة تلقى لها و تشارك بلا وعى فى معارك غيرها
و فى الواقع انا لا يمكن أن أتفهم قضية انفصال اقليم تركستان عن الصين لمجرد ان مواطنيه مسلمين، و إلا كان علينا أن نقبل بانفصال اقاليم مصرية لدى بعض سكانها رغبات اجرامية نحو الانفصال
و لكن من الضرورى ان اتناقش حول حق مسلمى الايغور فى ممارسة شعائرهم بحرية و بناء مساجدهم و تنمية مناطقهم و ان يتمتعوا بحقوق المواطنة الكاملة فى الدولة الصينية، و ان يكون دعمنا على هذا الصعيد
لكن أن نحول كل مشكلة تريدها امريكا مع دولة ما الى قضية حربية عسكرية ونخسرها كالعادة ، فتلك كارثة ما بعدها كارثة
فلم تكن هناك مشكلة لمسلمى افغانستان لكى نحولها الى ساحة حرب لصالح امريكا فدمرنا افغانستان و حولناها الى حاضنة لتفريخ وتدريب و تصدير الارهابيين لكل دولنا العربية
و لم تكن هناك مشكلة لمسلمى سوريا حتى يتم حشد كل العناصر الارهابية من كل دول العالم بزعم الدفاع عنهم ، ثم نقتلهم و نحتل منازلهم و بيوتهم و ندمر مدنهم و نخربها و نشغل جيشها عن عدوه الحقيقى
و لم يكن هناك مشكلة لمسلمى ليبيا حتى نفعل بها ما تم فعله و تدميرها و تحويلها لدولة فاشلة و اكثر من نصف شعبها لاجىء فى الخارج و الباقى يعيش تحت نيران المليشيات المتصارعة بلا خدمات و لا ماء و لا كهرباء، بعد ان كانوا يحصلون على تلك الخدمات شبه مجانى
و لم تكن هناك مشكلة لمسلمى اليمن حتى نحولها الى ميدان ضرب نار و نهدمها فوق رؤوسهم
و بالطبع لم تكن هناك مشكلة لمسلمى سيناء لكى يتم تسليحهم و خلط القبلى بالدينى لمقاتلة الجيش المصرى و اقامة ولاية سيناء
و أكيد أكيد لم تكن هناك مشكلة اسلام و لا مسلمين فى مصر لكى يأتى لها ذلك الليبى البائس الذى زعم انه جاء ليدافع عن المسلمين فى مصر و تم ضبطه بعد عملية الواحات الشهيرة
إنها معارك العبث التى يصنعها اعداء الأمة لأبناءها ليقتتلوا فيها، و يستخدمون بعض الخونة ممن يزعمون انهم يدافعون عن الاسلام و هم يجرون أهله الى التهلكة كل يوم، و ينشط فيها من لا يملكون سوى عاطفة بريئة و قلب سليم
و لكن البراءة و سلامة القلب ليست كافية لدخول المعارك
فمعركة الايغور ليست معركة الاسلام و لا معركة المسلمين، و لكنها معركة هواوى و الجيل الخامس بين امريكا و الصين
فأمريكا “عدونا الأول و الأكبر” و قائدة الاستعمار الجديد تعيش فى صراع خاسر مع الصين حول المستقبل و الاقتصاد و التكنولوجيا،و تتأخر كل يوم عن الصين، و تريد أن تفتح جرحاً على حدود الصين عساه يؤخرها ،فما مصلحتنا نحن ؟ أو حتى ما هى مصلحة مسلمى الايغور فى ذلك ؟
هل يظن أحد ان الصين سيتم تركيعها فى تلك المعركة ؟؟
أم أنها معركة تخطط أمريكا لإطالتها و زيادة ضحاياها من أجل الاستثمار فيها
لماذا لا نفكر بعقولنا قبل ان نبدأ معاركنا الخاسرة؟
لماذا نريد فتح معركة ستتمكن الصين خلالها من فعل ما لم تفعله بالايغور ، لماذا نريد اطلاق رصاصة سترد علينا بسيل من الصواريخ؟؟
لماذا لا تتحرك الدول الاسلامية بالفعل من خلال منظمة التعاون الاسلامى للتأكد من الاوضاع الحقيقية لمسلمى الايغور، و التباحث مع الصين فى حقوقهم الغائبة إن كنا جادين حقا فى الدفاع عنهم و عن دينهم و حقوقهم الدينية، أم أن المقصود هو استخدامهم كأوراق لعب فى الصراع الدولى ؟؟
لماذا يريدها البعض حربا سيدفع الايغور وحدهم اثمانها الباهظة؟
لماذ لا نتعلم من الدروس و نصر على ان نكون سمكا صغيرا يجرى وراء السنانير أو يأكلنا السمك الكبير لو نجونا من السنارة؟