أسامة داود يسأل : لماذا تجاهل الملا دعوة عمالقة البترول السابقين لـ “إيجبس 2023”
14 فبراير 2023 | 11:00 صباحًا

>> أين سامح فهمى وعبد الخالق عياد وعبد الله غراب وأسامة كمال وهانى ضاحى ؟
>> حزين لتجاهل خبرات رجال عاشوا أقسى الظروف وتعاملوا مع كل الازمات بحرفية ومهنية
>> لماذا غاب إبراهيم صالح ومحمد طويلة وعبد العليم طه وكمال مصطفى وطارق الحديدى وعمرو مصطفى ومحمد المصرى
>> كل هؤلاء تشبعوا من المناصب ولم يعد لديهم رغبة فى مقعد أو منصب ولكن لديهم حلول للأزمات
مع انعقاد مؤتمر ومعرض إيجبس 2023 ، وخلال حضورى الحلقات النقاشية والجلسات التى تناقش وتبحث عن حلول لمشاكل العالم فى مجال الطاقة ، كنت أتوقع دعوة قيادات قطاع البترول السابقين الذين عاشوا وتعاملوا مع كل الظروف الصعبة التى مرت بها مصر عبر تاريخها ، ومنهم من هو على قيد الحياة أطال الله فى أعمارهم والاستعانة بخبراتهم ، خصوصا وأن لديهم كما أعلم حلولا جذرية لمشاكل عديدة وأزمات تخص الطاقة ليس فى مصر وحدها بل فى البلدان التى تعيش ظروفنا.
لقد كان حضور كل هذه الخبرات ضروريا ، خاصة وأن معرض ومؤتمر إيجبس 2023 يأتى عقب أزمتين عالميتين ضربتا أركان الاقتصادين العالمى والمصرى وهما جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية .
كنت أظن ان لدى المهندس طارق الملا وزير البترول الرؤية التى تجعله يفكر قليلا قبل المؤتمر ، وأن يوجه الدعوة لأصحاب الخبرات والكفاءات السابقة والمسئولين السابقين مثل سامح فهمى وعبد الله غراب وأسامة كمال وهانى ضاحى وجميعهم وزراء سابقون وابراهيم صالح ومحمد طويلة وعبد العليم طه وطارق الحديدى وكمال مصطفى وسيد الخراشى ومدحت يوسف وعمرو مصطفى وجميعهم أداروا دواليب انتاج وتكرير وتصنيع كل المشروعات التى تخص قطاع البترول، وليس من بينهم من يطمع فى مقعد الوزير بإعتبار أن هذا الأمر كان سببا فى إستبعاد الكفاءات خلال الفترة الماضية.
فقد تشبع كل هؤلاء المسئولين السابقين من المناصب ولم يعد لديهم رغبة فى مقعد أو منصب ، ولكن لديهم خبرات متراكمة نجحوا من خلالها وبعد فضل الله عليهم أن يؤدوا دورا خطيرا كان سببا فى أن تصبح مصر لديها احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعى وكان لديهم أيضا رؤية جعلت الاحتياطى من الزيت الخام لا ينخفض عن مستوى 3 مليارات برميل ، رغم أن انتاجنا وقتها كان يصل الى 750 الف برميل يوميا وليس متأرجحا كما هو الان ما بين 450 و 500 الف فقط.
أتحدث وأنا حزين لتجاهل وعدم الاستفادة بخبرات رجال عاشوا أقسى الظروف وتعاملوا مع كل الازمات بحرفية ومهنية لتصبح تصرفاتهم مدارس فى إدارة أزمات الطاقة.
ألم يكن سامح فهمى هو الذى وضع أول استراتيجية لقطاع البترول وأبدع فأسس البنية التحتية التى نتحدث عنها الآن من خلال انشاء الشركات القابضة ، خاصة القابضة للغازات الطبيعية ليمنحها كل السلطات والصلاحيات فى البحث والاستكتشاف عن الغاز؟.
أيضا رؤيته فى الوصول بالغاز الطبيعى الى المدن والقرى ليحل محل البوتاجاز ، وليوفر للدولة مليارات الدولارات سنويا كانت تضخ فى شراء تلك السلعة الضرورية والاستراتيجية قبل ان تتراجع أهميتها مع توافر الغاز الطبيعى؟.
ألم يجعل سامح فهمى مصر مرفأ لتصدير الغاز الطبيعى عبر وحدات الإسالة فى إدكو ودمياط وليجعل لمصر أهمية فى مد اوربا بإحتياجاتها من الغاز وتصبح هى المنفذ الوحيد لتصدير غاز بعض الدول للخارج؟
ألم يكن لسامح فهمى رؤية فى علاج ازمة اقتصادية للدولة عندما نجح فى وضع استراتيجية للبتروكيماويات عبر فصل نشاطها من هيئة البترول وتحويله الى قابضة ، حتى أصبحت فى عقد من الزمان تؤسس وتدير مجموعة من الشركات التى تدر للدولة مليارات الدولارات سنويا؟
لماذا يتم تجاهل رؤية وخبرة عبد الخالق عياد رئيس هيئة البترول الأسبق الذى كان له السبق فى مجالات الحفر ، وكان أول من درس وتعامل مع نظام الحفر المائل عبر شركة “أموكو” بعد تأميم شركة آبار الزيت العامة حاليا فى منتصف الستينيات ، وكان له دور ريادى فى تصنيع أول حفار فى الترسانة البحرية بالاسكندرية من خلال شركة أجنبية ليؤسس فى مصر استرتيجية صناعة الحفارات ، وكان هو من أسس وأدار شركة الحفر المصرية.
وعبد الله غراب وابراهيم صالح وعبد العليم طه وطارق الحديدى وهم من قيادات تولت رئاسة هيئة البترول وأولهم كان وزيرا للبترول فى أصعب الظروف ونجحوا جميعا فى تأمين احتياجات مصر من الطاقة عبر فكر ورؤية وبخبرات تراكمت لديهم عبر سنوات طويلة.
وهناك بالطبع محمد طويلة الذى جعل من إدارة الغاز الطبيعى بهيئة البترول شركة قابضة استطاعت ان ترتفع بإحتياطيات الغاز الطبيعى من 36 الى ما يقرب من 70 تريليون قدم مكعب.
ومن يعترض على هذه الأرقام عليه ان يراجع حجم ما انتجته مصر منذ عام 2000 من الغاز الطبيعى وهو ما أسس لسلسلة الاكتشافات التى توالت فيما بعد.
ومحمد شعيب المبدع الذى نجح وباقتدار فى فسخ عقد تصدير الغاز لإسرائيل وقت وزارة عبد الله غراب ، عندما وجد ان الالتزام به يسبب خسائر كبيرة لمصر مستغلا توقفهم عن سداد مستحقات مصر لمدة ثلاثة شهور بسبب عدم تدفيع كل الكميات المتفق عليها لهم ، ليخرج لهم بندا من العقد يلغى بموجبه التعاقد فى أكبر صفعة اقتصادية على وجه اسرائيل ، وعندما أرادت اسرائيل تسييس الموضوع قال كلمته : إن هذا الأمر اقتصادى بحت بين شركات وليس له أى علاقة بالشئون السياسية للدولة.. كما اعتذر عدة مرات عن قبول ترشحة لموقع وزير البترول.
وكمال مصطفى الذى أبدع فى مجال المشروعات فتحولت بتروجت الوليدة – التى كانت تتعرض لحرب من الشركات العالمية – الى عملاق يعمل فى دول كثيرة خارج مصر وتفوز فى مناقصات على الشركات العالمية.
أتحدث عن هانى ضاحى ذلك المبدع الذى نجح أثناء أحداث ثورة 25 يناير فى تحقيق استقرار قطاع الطاقة وتأمين احتياجات الدولة عبر موقعه فى رئاسة هيئة البترول ، بجانب الوزير عبد الله غراب وليحقق معجزة بسداد أكثر من 3 مليارات دولار مستحقات للشركاء الاجانب وتأمين توفير المنتجات للدولة ، وكما قال لى ، فقد كان يلتقى بالراحل الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء فى مكتب تم اعداده فى مبنى هيئة الاستثمار بشارع صلاح سالم عصر كل يوم جمعة لمناقشة أدق تفاصيل أزمات نقص الاحتياجات وكيفية ادارتها.
وجميعهم والحمد لله لن يكونوا منافسين للمهندس الملا على مقعد الوزير والكل يعلم أن هذا الامر هو الشئ الوحيد الذى يقلقه بكل تأكيد ، وكان من بينهم طارق الحديدى الذى استقال من رئاسة هيئة البترول أو عمرو مصطفى الذى ترك موقعه قبل التقاعد بعام أو محمد المصرى الذى تم خلعه من رئاسة الهيئة العامة للبترول ومن “ايجاس” ليستقر بنهاية ممر بالقابضة للبتروكيماويات فى عمل لم يمارسة طوال حياته ويجلس فى مكتب صغير لمدة عامين انتظارا لتحويله للتقاعد ، بينما كانت وطنية الرجل هى ما جعلته يرفض عروضا من شركات عالمية للعمل معها وقال لهم قولته المشهورة : “لن أجلس على الجانب الآخر من مائدة الاجتماعات .. ومن الاخر أنا ابن هيئة البترول”.
نعم اتعجب لغياب هؤلاء الخبراء والعمالقة الأفذاذ الاكثر ادراكا لمشاكلنا والأمهر فى تقديم فكر ورؤية لعلاج أزمات تعرض لها قطاع الطاقة فى مصر والعديد من الدول ، وكان على المهندس طارق الملا أن يدرك ان لهؤلاء دور تستفيد منه مصر والعالم وبالتأكيد لن يخطفوا منه الأضواء.