
ناصر أبوطاحون يكتب : هل ولى زمن القطن المصرى؟

. منذ سنوات وأنا – وغيرى كثيرون- ننادى بإنقاذ محصول القطن من الضياع حتى بُح صوتنا ولا حياة لمن ينادى.. حتى أوشكت زراعة القطن أن تندثر فى مصر لصالح زراعات لا قيمة فعلية لها مثل "بطيخ اللب" على سبيل المثال. وباعتبارى فلاح أولاً ومهتم بقطاع الزراعة ثانياً على أساس أنه قطاع يعمل به أكثر من ثلث عدد سكان مصر، ثم يهم كل أهل مصر باعتبار هذا القطاع يؤثر فى كل بيت مصرى بما ينتجه من منتجات زراعية.. لكل ذلك سأقصر مقالى هذه المرة على محصول القطن فقط.. ومنذ نعومة أظافرنا ونحن نتعلم أن القطن هو الذهب الأبيض لمصر ، حيث كان المحصول الرئيسى للفلاحين ، يضربون به المواعيد لمناسباتهم فالزواج فى القطن والحج فى القطن والبناء فى القطن وكسوة اهل البيت فى القطن وسداد الديون فى القطن، أى أنه ارتبط فى العقل الجمعى للفلاحين بالموسم الذى يمسكون فيه الفلوس نقداً. ومن يراجع الأرقام سيكتشف اننا كنا نزرع فى مصرى ما يزيد عن ثلاثة ملايين فدان قطن سنويا وكنا نصدر عدة ملايين من القناطير للأسواق المختلفة فى كل بقاع العالم. ثم مع مجىء يوسف والى لوزراة الزراعة على عهد المخلوع حسنى مبارك وبدأ يرفع شعارات كاذبة فاسدة مثل "تحرير قطاع الزراعة" أخذ محصول القطن يتراجع تدريجياً حتى اصبحنا لا نستطيع تصدير عدة الاف من القناطير فى ظل فتح الباب أمام استيراد اقطان قصيرة التيلة من اسواق الهند وباكستان وامريكا. و مع تراجع المساحات المنزرعة من القطن وقلة انتاجه سنويا لصالح زراعات أخرى مثل لب البطيخ وغيره حاولنا أن ننبه وقتها لخطورة ما يجرى باعتباره كان يمهد لخروج مصر من سوق القطن العالمى وفقدان الميزة النسبية لمصر فى انتاج القطن. وقد حبا الله مصر بمناخ خاص يساعدها على إنتاج أجود الأقطان طويلة التيلة وفائقة الطول التى تتيح إنتاج أفضل الغزول وأجود الملابس.. و تمتلك مصر ميزات هائلة وخبرات كبيرة جدا فى إنتاج القطن.. ومما يثير الأسى والحزن أننا نفقد كل ذلك فى غياب رؤية شاملة لإنقاذ هذا المحصول الذى هجره الفلاحون بسبب إلإرتفاع الكبير فى تكاليف إنتاجه، فى مقابل انخفاض مذل لأسعاره مما يجعل زراعته أمراً عبثياً بالنسبة للفلاح لأنه سيكون كمن يعمل ليحقق خسائر . المهم فى الأمر ان مشاكل القطن كثيرة ومتنوعة ومرتبطة بقطاع صناعة الغزل والنسيج المرتبك أصلاً.. لذلك فأنا منذ سنوات وأنا أطالب بعقد مؤتمر قومى للقطن باعتباره أحد أهم المنتجات الزراعية لمصر . وأجدد الدعوة -التى سأعمل عليها إن شاء الله خلال الفترة المقبلة- لكى يعقد هذا المؤتمر تحت رعاية رئيس الجمهورية حتى نستطيع وضع ما يُخلص إليه المؤتمر موضع التنفيذ. و تصورى أن يكون هذا المؤتمر معنياً ببحث وضع حلول جذرية لمشكلات محصول القطن ، ووضع دور محورى وواضح للدولة فى رعاية القطن ومنتجيه من خلال دعم القطن من أجل استعادة الدور المصرى فى سوق القطن . كما يجب أن يهتم المؤتمر فى محوره الثانى بموضوع تصنيع القطن داخل مصر وإدخال تغيير استراتيجى داخل قطاع صناعة الغزل والنسيج فى مصر من خلال تغيير المصانع لتتوافق مع تيلة القطن المصرى مؤتمر قومى للقطن يعنى بزراعته وصناعته وتحويله لمنتج نهائى للتصدير نستطيع من خلاله تحقيق إضافة قوية للاقتصاد المصرى يجب أن يكون على رأس اولويات البرلمان المقبل. مؤتمر قومى للقطن يجب أن يعد له جيداً ويحضره فلاحون وخبراء زراعة وتسويق وخبراء صناعة و شركات العاملة فى صناعة الغزل والنسيج. هذه دعوتى أتوجه بها لكل مصر ولكل أهلنا من الفلاحين ومنتجى القطن . وسوف نستمر فى دعوتنا حتى نستعيد الدور الرئيسى للقطن فى الاقتصاد المصرى وفى حياة الفلاحين حتى نغنى من جديد : "شرفت يا قطن النيل .. يا حلاوة عليك يا جميل"