د. ماهر عزيز يكتب: الطاقة العالمية : على أبواب عهد جديد (١)

  تحت شعار "الطاقة للرخاء" عقد مجلس الطاقة العالمى مؤتمره الرابع والعشرين في أبو ظبى بالإمارات العربية المتحدة خلال الفترة: 9-12 سبتمبر 2019، وهو حدث جلل في عالم الطاقة ، حيث يعقد مجلس الطاقة العالمى مؤتمره الكبير كل ثلاث سنوات ، ويحضره حشد عظيم من خبراء الطاقة في العالم أجمع، إلى جانب وزراء الطاقة في دول العالم، والرؤساء التنفيذيين، وكبار السياسيين، ورجال الأعمال والبنوك ومؤسسات التمويل، والأكاديميين، والمبدعين والمبتكرين، وأقطاب الشركات الكبرى العاملة في مجال الطاقة من موقعه الفريد كممثل لجميع الطاقات دون استثناء، بما يجعله أهم حدث للطاقة في العالم كل ثلاث سنوات. والهدف من المؤتمر هو استشراف مسارات التحول في الانتقال بعالم الطاقة الذى قد يقدم فرصاً للأعمال تثرى حياة البشر أجمعين على ظهر الكوكب ، ويُمَكِّن كل المجتمعات من الازدهار ، ومن إعادة إنتاج النظم الداعمة للحياة الطبيعية على الأرض. كذلك فالمؤتمر اضطلع بتوفير منصة مثالية لمجتمع الطاقة العالمى كى يتضافر معاً في إحراز انتقالات ناجحة للطاقة قد تُخَصِّبُ الحياة وتثريها دون إجحاف أو تحامل أو تحيز أو إلحاق الضرر بأى مصدر من مصادر الطاقة. والتغيرات القائدة المحركة في طرق إنتاج وتجارة واستهلاك الطاقة تأتى بكثافة الآن من السكان العالميين الذين يتزايدون ترابطاً، والأكثر وعياً بالبيئة، ومن الروح الجديدة للأعمال الصغيرة، والصعود الحادث للرقمنة التفكيكية. وترتحل القوى الآن على طول سلسلة القيمة للطاقة نحو المستهلكين المسلحين بالبيانات، بما في ذلك أولئك المشتغلين بالطاقة، والواقع أن التجددية في الانتقال الطاقى energy transition تندفع الآن على نحو متزايد من القطاعات ذات الارتباط، وعلى الأخص قطاع النقل. والتحدى يكمن في مناولة الرفاهية والرخاء للجميع، بتقوية الوعد البازغ للعهد الجديد بالوفرة العالمية لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة ، والتكنولوجيات النظيفة.. ونحن بحاجة لأن نتخذ خطوات صلبة لحماية كوكبنا وتمكين جميع المجتمعات من الازدهار بتأمين تدفقات الطاقة المستدامة التي يُعول عليها، ويمكن دفع ثمنها، لكل فرد في أي وقت، وأى مكان. المنظورات الجديدة على مدى العقد الأخير ظل مجلس لطاقة العالمى يتتبع بانتظام تبصرات القيادة، ومخرجات الأداء السياساتى، والتطورات الجديدة للطاقة، ولقد بزغت خلال ذلك أربعة منظورات جوهرية. أولاً: الارتحال إلى ما وراء استراتيجيات الحجم لتمكين خدمات القيمة المضافة لقد دخل العالم عهداً جديداً يحمل وعداً بوفرة الطاقة النظيفة من امتزاج المتجددات بمسارات الكربون الصفرى الخالصة، مع ذروة الطلب المتوقعة على الوقود الهيدركربونى. وتؤثر الرقمنة على سلسلة القيمة للطاقة بما يُمَكِّن من مكتسبات الإمداد، ويُيَسِّر الارتحال في القوى الكهربية من حائزى الموارد الرئيسيين إلى مجمعى جانب الطلب، فمستقبل طاقة أكثر ارتكازاً على المستهلك يبزغ الآن في عالم الطاقة، وعهد النمو ذي الأساس الحجمى بسبيله للانتهاء، بينما الفرص الجديدة للقيمة المضافة وخدمات الطاقة المستزادة في تصاعد مستمر. ثانياً: القبول المتنامى للمعضلة الثلاثية المرتبطة بالطاقة على مدى العشرين سنة الماضية عانت أكثر من 120 دولة أحد نماذج التحسن الإجمالى في الأداء تجاه ما عرف بالمعضلة الثلاثية لأمن الطاقة، ومساواتية الطاقة، والمستدامية البيئية، وهذه التحديات السياساتية المترابطة مستمرة في الصعود – فالأمن "المرن"، والتكيف " الدينامى"، والمدخل الطاقى "الأنفع"، ونزع الكربنة "الممكن أداء مقابله".. صارت جزءاً من المفردات الجديدة المتداولة الآن بكثرة. ثالثاً: التفهم بأن التعجيل بالكهربة بينما يدفع نزع الكربنة دفعاً حثيثاً ليس كافياً بعد لتقليص دكتور مهندس/ ماهر عزيز استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ