
الطاقة الدولية" : الطلب العالمي على النفط قد يبلغ ذروته قبل 2030

تتنبأ وكالة الطاقة الدولية تباطؤ نمو الطلب على النفط بوتيرة حادّة بحلول عام 2028، ما يرجّح أن يصل الاستهلاك العالمي إلى ذروته قبل نهاية العقد الحالي (2030)، بناءً على السياسات الحكومية الحالية واتجاهات السوق، مع ارتفاع الأسعار ومخاوف أمن الإمدادات، التي أبرزتها أزمة الطاقة العالمية، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ودفعت إلى تسريع التحول نحو المصادر النظيفة.
ووفق تقرير آفاق سوق النفط متوسطة الأجل، الصادر اليوم الأربعاء (14 يونيو/حزيران 2023)، من المتوقع ارتفاع إجمالي الطلب العالمي على النفط بنسبة 6% بين عامي 2022 و2028، ليصل إلى 105.7 مليون برميل يوميًا، مدعومًا بالطلب من قطاعي البتروكيماويات والطيران.
ورغم هذه الزيادة التراكمية، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تباطؤ نمو الطلب على النفط من 2.4 مليون برميل يوميًا في 2023 إلى 0.4 مليون برميل يوميًا فقط عام 2028، ما يعني أن ذروة الاستهلاك العالمي تلوح في الأفق.
ومن الوارد أن تمثّل منظمة آسيا والمحيط الهادئ 90% من النمو المتوقع للطلب بين عامي 2022 و2028،وفق التقرير، الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
صرح مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، إن التحول إلى اقتصاد الطاقة النظيفة يسير بخطى سريعة،مع اقتراب بلوغ ذروة الطلب العالمي على النفط قبل نهاية هذا العقد، وسط زخم السيارات الكهربائية وكفاءة الطاقة والتقنيات الأخرى.
وطلب بيرول منتجي النفط للانتباه بعناية إلى وتيرة التغيير المتصاعدة نحو الطاقة النظيفة وإدارةقراراتهم الاستثمارية بطريقة صحيحة لضمان انتقال منظم بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
و تتنبأ الوكالة الدولية أن يبلغ الطلب على النفط- الذي يستثني الوقود الحيوي والمواد الأوليةالبتروكيماوية والاستعمالات الأخرى غير المتعلقة بالطاقة- ذروته عند 81.6 مليون برميل يوميًا في عام2028.
خاصةً، من المرجح أن يتراجع استهلاك النفط في قطاع النقل بعد عام 2026، مع التوسع في المركباتالكهربائية ونمو الوقود الحيوي وتحسين كفاءة الاستهلاك.
وعلي الرغم من دور الصين الكبير في انتعاش الطلب العالمي على النفط في 2023، بعد رفع قيود الإغلاق المتعلقة بجائحة كورونا، فإنه من المتوقع أن يتباطأ الاستهلاك الصيني بوتيرة ملحوظة بدءًا من عام 2024.
رغم ذلك، فإن الطلب المتزايد على البتروكيماويات والنمو القوي للاستهلاك في الاقتصادات الناشئة والناميةسيعوّضان التراجع في الاقتصادات المتقدمة.
ومن جهة أخرى، من المتوقع ارتفاع الاستثمارات العالمية في استكشاف وإنتاج النفط والغاز بنسبة 11%،على أساس سنوي، لتصل إلى 528 مليار دولار عام 2023، وهو أعلى مستوى منذ عام 2015.
ومن وجهة نظر وكالة الطاقة الدولية أن تأثير زيادة الإنفاق سيقابلها جزئيًا ارتفاع التكلفة، ورغم ذلك، فإن هذاالمستوى من الاستثمار -حال استمراره- سيكون كافيًا لتلبية الطلب المتوقع على النفط بحلول 2028.
تري توقعات وكالة الطاقة الدولية استمرار كبار منتجي النفط في خطط استثمارات وتعزيز الإنتاج، حتى معتباطؤ نمو الطلب، ما يؤدي إلى طاقة إنتاجية فائضة لا تقلّ عن 3.8 مليون برميل يوميًا، خلال مدّة التوقعات(2022-2023)، تتركز في الشرق الأوسط.
رغم ذلك، يشير التقرير إلى عدد من العوامل التي يمكن أن تؤثّر في توازن السوق على المدى المتوسط، بمافي ذلك الاتجاهات الاقتصادية العالمية غير المؤكدة، وقرارات أوبك+، وسياسة قطاع التكرير في الصين.
تجدر الإشارة إلى أن تحالف أوبك+ قد قرر تمديد سياسة خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا حتىعام 2024، فضلًا عن استمرار تخفيضات طوعية إضافية يبلغ إجماليها 1.66 مليون برميل يوميًا من جانب9 دول حتى العام نفسه.
وتسيطر الدول المنتجة للنفط خارج تحالف أوبك+ على خطط زيادة المعروض العالمي في المدى المتوسط، معتوقّع ارتفاع قدره 5.1 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2028، بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل وغايانا.
في المقابل، تقود السعودية والإمارات والعراق خطط تعزيز الطاقة الإنتاجية داخل أوبك+، في حين منالمتوقع انخفاض إنتاج النفط الروسي بسبب العقوبات الغربية، ما يؤدي في النهاية إلى تحقيق طاقةصافية لدى التحالف تبلغ 0.8 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2028.
وترى وكالة الطاقة الدولية أنه رغم التوقعات أن يتجاوز حجم الإضافات الصافية لسعة التكرير بحلول عام2028 نموَ الطلب على المنتجات المكررة، فإن الاتجاهات المتباينة بين أنواع الوقود المختلفة تعني أنه لا يمكناستبعاد تكرار أزمة 2022.
ومن المتوقع ارتفاع طاقة تكرير النفط في العالم بمقدار 4.4 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2028، وفق التقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
تراجعت قدرة تكرير النفط حول العالم بسبب موجات الإغلاق المتعلقة بجائحة كورونا، واتجاه المصافي إلىإنتاج الوقود الحيوي، وتأخيرات المشروعات الجديدة منذ الجائحة.
وأدّى ذلك، مع الانخفاض الحادّ في صادرات المنتجات النفطية الصينية واضطراب التدفقات التجارية الروسية، إلى تحقيق أرباح قياسية للصناعة العام الماضي (2022)، وارتفاع أسعار المنتجات المكررة لمستويات تاريخية.