
هل يؤثر تثبيت الفيدرالي لسعر الفائدة على النفط وكيف ؟

أسعار النفط تتجه إلى المزيد من التذبذب خلال الفترة المقبلة، بعد قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تثبيت معدلات الفائدة الرئيسية، بحسب خبراء طاقة عالميين أشاروا في الوقت ذاته إلى وجود عوامل أخرى تتسبب في هذا التذبذب.
وقام المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأربعاء، بتثبيت معدلات الفائدة الرئيسية ضمن نطاق 5 و5.25 بالمئة للمرة الأولى منذ يناير 2022، متوقعاً رفعين للفائدة حتى نهاية 2023 بواقع 25 نقطة أساسلكل منها.
ومنذ مارس 2022، رفع الفيدرالي معدل الفائدة 10 مرات، ما أدى إلى تراجع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى 4 بالمئة خلال مايو الماضي، بعد أن وصل في منتصف 2022 إلى أعلى مستوياته فينحو 4 عقود متجاوزاً الـ 9 بالمئة، ولكنه مع ذلك لا يزال بعيداً عن مستهدف المركزي الأميركي البالغ 2 بالمئة.
ومن خلال لتحقيق التوازن بين المخاطر التي يواجهها الاقتصاد واستمرار المعركة لكبح جماح التضخم، قالت اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة التي تحدد سعر الفائدة في بيان ختامي لاجتماعها على مدى اليومين الماضيين "الإبقاء على النطاق المستهدف لسعر الفائدة دون تغيير يتيح للجنة تقييم أي معلومات إضافية وتداعياتها على السياسة النقدية".
وقللت بنوك أميركية تراقب شؤون النفط في "وول ستريت" توقعاتها تجاه أسعار النفط، مرجحة عدم حدوثارتفاع للأسعار خلال العام الجاري، حيث خفض "جيه بي مورغان" في أحدث تقرير له أمس الأربعاء أهدافالأسعار لخام برنت بـ 11 بالمئة للنصف الثاني إلى 82 دولاراً للبرميل.
و قد خفض بنك غولدمان ساكس، في بداية الأسبوع الجاري توقعاته لأسعار النفط، للمرة الثالثة، في غضون 6 أشهر، في ظل وفرة المعروض بالأسواق، وضبابية الاقتصاد العالمي التي تثير المخاوف بشأن مستقبل الطلب، حيث توقع وصول سعر خام برنت إلى 86 دولاراً للبرميل في ديسمبر المقبل، من 95 دولاراً كان يتوقعها سابقاً.
فيما أبقت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها الشهري الصادر في 13 يونيو الجاري، على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، خلال العام الجاري، عند 2.35 مليون برميل يومياً، وذلك للشهر الرابع على التوالي، كما أبقت على توقعاتها لنمو المعروض من خارجها في 2023 عند 1.4 مليون برميل يومياً، وقالت أوبك: "إن إنتاجها من النفط انخفض بمقدار 464 ألف برميل يوميا في مايو ليصل إلى 28.06 مليون برميل يومياً مع بدء تطبيق التخفيضات الطوعية التي تعهدت بها السعودية ودول أخرى بالمنظمة.
و رفعت وكالة الطاقة الدولية في تقرير سوق النفط الصادر أمس الأربعاء، توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال العام الجاري، ليصل إلى مستوى قياسي جديد، بدعم من نمو الاستهلاك الصيني، حيث قالت: "إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع إلى 102.3 مليون برميل يومياً هذا العام، مع نمو سنوي متوقع 2.4 مليون برميل يومياً، مقابل 2.2 مليوناً في تقديرات الشهر الماضي.
فيما قال عامر الشوبكي، مستشار الطاقة الدولي: "جاء قرار الفيدرالي الأميركي بتثبيت سعر الفائدة حسب التوقعات، حيث يعد هذا القرار خطوة لقياس مدى تفاعل الأسواق ومدى تأثير الارتفاعات العشرة التي أجراه الفيدرالي على سعر الفائدة منذ العام الماضي على القطاع المصرفي الأميركي، أما تأثير القرار على أسعار النفط فسنرى المزيد من تذبذب الأسعار في الفترة المقبلة، لكن بالمجمل لا يمكن حصر تأثر أسعار النفط بسعر الفائدة، بل هناك عوامل أخرى".
ونوه الشوبكي إلى أن تصريح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول بتوقع ارتفاعات أخرىللفائدة (ارتفاعين حتى نهاية العام الجاري لكل منها ربع نقطة) أي المزيد من تشدد السياسة النقدية أخباراًليست مبشرة للأسواق وللاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن تصريحه يحمل جانب سياسي إلى جانب العواملالاقتصادية البحتة التي هي من صلب عمله، ما سيؤثر أسعار النفط انخفاضاً وعلى الاقتصاد وعلى مشاعرالمتعاملين والمضاربين في أسواق النفط.
لذلك فإن أسعار النفط لم تتأثر كثيراً في الجلسة الأولى صباح اليوم، إذ كان الارتفاع بسيطاً جداً يقاربالنصف بالمئة بينما كان من المفروض أن يرتفع أكثر لو لم يكمل جيروم باول حديثه بتوقعاته لاجتماعاتالفيدرالي المقبلة، وفقاً للشوبكي.
وحول العوامل الأخرى التي تؤثر على أسعار النفط، يضيف مستشار الطاقة الدولي الشوبكي: "النشاطالاقتصادي في الصين له تأثير كبير على أسعار النفط، حيث من المتوقع أن تستحوذ الصين على 50 بالمئةمن النمو في الطلب على النفط، لكن النشاط الاقتصادي ينمو بوتير أقل من المتوقع وذلك وفقاً لمؤشريالإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة اللذان يعتبران أداتان مهمتان لقياس مدى النشاط الاقتصادي، وقدارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي أقل من المتوقع في مايو بواقع 3.5 بالمئة بينما كان المتوقع 3.6 بالمئة،وانخفض مؤشر مبيعات التجزئة إلى 13 نقطة بينما كان في بينما كان في أبريل 18 نقطة، وهذا سيؤديإلى تذبذب أسعار النفط".
كما رفع البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى مستوى 4 بالمئة، فيزيادة هي الثامنة على التوالي منذ العام الماضي، وتترقب الأسواق اجتماع للبنك المركزي الياباني غداً إذ منالمتوقع أن يثبت سعر الفائدة، ما يعني أن المؤشرات الاقتصادية مختلطة، طبقاً لما قاله الشوبكي.
وصرح المدير التنفيذي لمركز كوروم للدراسات في لندن، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لـ "اقتصادسكاي نيوز عربية": "إن تثبيت سعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي يشير إلى أن نسبة التضخم هيالسبب الأساسي لنهج الفيدرالي برفع سعر الفائدة خلال الأشهر الماضية، إذ نرى الآن أن نسبة التضخممعتدلة، وهو ما دفع الفيدرالي إلى تثبيت الفائدة في اجتماعه الأخير، فإذا كان سبب التضخم يعود في جزءكبير منه إلى ارتفاع سعر النفط والذي بدوره أدى الى ارتفاع أسعار السلع الأخرى فالآن نلاحظ انخفاضجميع أسعار السلع ومنها النفط، وهذا يعني أن الفيدرالي يتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة".
وألمح الرفاعي إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع في الولايات المتحدة إلى جانب تباطؤ النشاطالاقتصادي الصيني والركود في ألمانيا وترجيح دخول دول أوروبية أخرى في الركود سيضغط على أسعارالنفط خلال المرحلة المقبلة وتحديداً حتى نهاية العام الجاري، متوقعاً أن يكون اتجاه سعر النفط نحوالانخفاض، مستبعداً أن تصعد الأسعار أكثر من 85 دولاراً للبرميل.
ورجح الرفاعي أن تتراوح أسعار النفط بين 70 و80 دولاراً للبرميل حتى نهاية العام الجاري، أما في حالدخل الاقتصاد الأميركي في الركود فتوقع الرفاعي أن تهبط الأسعار دون الـ 70 دولاراً للبرميل.
وأكد الدكتور ممدوح سلامة خبير النفط العالمي المقيم في لندن في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوزعربية" أن تأثير قرار الفيدرالي الأميركي بعدم رفع سعر الفائدة هذه المرة محدود جداً على أسعار النفطوالطلب العالمي على النفط، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك فقد حذر الفيدرالي أنه قد يضطر أن يرفع سعرالفائدة مرتين خلال العام الجاري ما يعطيه الوقت لتقييم سياسته المالية وإجراءات رفع أسعار الفائدة علىالتضخم المالي.
وأوضح الدكتور سلامة: "إن قرار الاحتياطي الفيدرالي مدفوع بمؤشرات تدل على تباطؤ ارتفاع التضخم فيمايو بنسبة 0.1 بالمئة فقط وأيضاً المخاوف من أن المزيد من الزيادات الحادة قد تؤدي إلى انهيار بنك تجاريأميركي رابع الأمر الذي يمكن أن يتسبب بأزمة مصرفية أو مالية عالمية، علاوة على ذلك، فإن هذه المخاوف هيوراء استمرار الضغط على أسعار النفط".
لا انتعاش في الطلب على النفط
كشفت الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي الدكتورة كارول نخلة: "إن مجلس الاحتياطي الفيدراليالأميركي أخذ استراحة في اجتماعه الأخير بعدم رفع الفائدة، بهدف قياس مدى تجاوب الاقتصاد مع قراراترفع الفائدة التي اتخذها على فترة طويلة نسبياً وبالتالي فإن تأثير ذلك يحتاج المزيد من الوقت حتىيظهر".
و أوضحت الدكتورة نخلة، أنها لا تتوقع انتعاشاً في الطلب على النفط جراء قرار الفيدرالي بتثبيت سعرالفائدة والتي اعتبرته قراراً مؤقتاً ولن يكون له تأثير ملحوظ على الأسواق، وخصوصاً أن الفيدرالي صرحأنه سيستمر برفع الفائدة في الأشهر المقبلة.