مذكرات قنديل : عارضت تصدير الغاز لإسرائيل .. فأقالنى مبارك من الوزارة ( الحلقة 19 )

مذكرات قنديل : عارضت تصدير الغاز لإسرائيل  .. فأقالنى مبارك من الوزارة ( الحلقة 19 )



>> قررت حجب كل المعلومات عن حقيقة الاحتياطيات حتى لا تبتزنا إسرائيل أو غيرها

>> تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل مستحيل أن يكون قرار وزير أو رئيس وزراء بل قرار سياسى 

>> الرئيس الأسبق أرسل لي عمر سليمان ليطيب خاطري بعد إقالتي 

>> لهذا السبب قبلتَ بتصدير البترول وقت وجودي فى الوزارة وبعد عام 2000 انتقدت تصدير الغاز الطبيعى

>> مبارك قال لى في 1991 : نريد أن نصدّر غازًا طبيعيًّا لإسرائيل فقلت له: نحن فى احتياج إليه

>> تصدير الغاز جريمة وسبق أن رفضتها 

>> لم نأتِ إلى المناصب بالبراشوت كما حدث بعد ذلك

>> لاأعرف سبب تعيين البنبي رئيسًا لشركة «جابكو» 

>> قررت ترك من جاء بهم البنبي داخل إدارة خاصة بهم فأطلق العاملون عليها «الإسبتاليا» 

>> تفكيك القطاع بدأ بعملية فصل شبكات نقل الغاز عن شركة أنابيب البترول

 >> قطاع البترول كان قد تحول للإنفاق على إنشاء مبانٍ ضخمة وفخمة



تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل .


والى تفاصيل الحلقة التاسعة عشر والتى يكشف فيها «عبد الهادى قنديل» عن نوايا نظام «مبارك» فى تصدير الغاز؟ وهل تصدير الغاز الطبيعى يمثل خطيئة ؟ كما يكشف عن أن معارضته تصدير الغاز لإسرائيل  .. كانت السبب في إقالة مبارك له الوزارة 

ويؤكد : قررت حجب كل المعلومات عن حقيقة الاحتياطيات حتى لا يتم ابتزازنا من جانب إسرائيل أو غيرها ، وأن تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل مستحيل أن يكون قرار وزير أو حتى رئيس وزراء بل قرار سياسى 

يقول قنديل : كنا عائلة نشعر ببعض، نحترم ونقدر بعضنا بعضًا، وهذا لم يستمر، والسبب أننى و«أحمد عز الدين هلال» كنا قد تربينا فى القطاع منذ الصغر، ولم نأتِ إلى المناصب بالبراشوت كما حدث بعد ذلك». هكذا يتحدث «عبد الهادى قنديل» بنبرة حزينة.

متابعاً: «كان الدكتور «حمدى البنبى» فى بعثة بالخارج، ثم عمل فى شركة «بلاعيم»، وبعد احتلال إسرائيل لحقولها نُقل للعمل فى شركة «ويبكو»، والتى تدرج فيها حتى وصل الى مدير عام لإدارة الإنتاج، وجاء به «عز الدين هلال» رئيسًا لشركة «جابكو» فى عام 1968 مرة واحدة، ولم أعرف السبب، ثم أتى «البنبى» بعدد من الأساتذة بالجامعة، منهم: الدكتور «فاروق قناوى»، والدكتور «مصطفى شعراوى»، وغيرهما. وكان لدىَّ حساسية من المهتمين بالدراسة النظرية دون الاهتمام بالجانب العملى».

واستطرد «قنديل»: «لم تنجح محاولتنا فى التغيير من تفكيرهم النظرى رغم إسناد مهام لهم، ووجدتهم ليسوا على قدر المسئولية، فقررت تركهم حسب رغبتهم وداخل إدارة خاصة بهم، فأطلق العاملون بالهيئة والشركات على تلك الإدارة «الإسبتليا» أى المستشفى؛ باعتبارها إدارة الدكاترة». مردفاً: «أما بالنسبة للبحث العلمى والدراسات التى تخدم قطاع البترول، فكنا حريصين عليها، وكنا نرسل بعثات من داخل القطاع إلى الخارج لمن تمرَّسوا فى الجانب العملى، ونضع شروطًا صارمة، منها: متابعتهم وإرسال تقارير عنهم بصورة أسبوعية؛ للتأكد من اهتمامهم بالتعليم، وكانوا يحققون تقدمًا فى المجال العلمى والعملى، عاد على القطاع بفوائد قصوى. وبعد أن تركت الوزارة، وجاء الدكتور حمدى البنبى، أسند مهمة رئاسة شركة «أسيوط» لتكرير البترول لأحد الحاصلين على الدكتوراه، وجاء به من شركة جابكو لإنتاج البترول، بينما لم يكن لديه أى خبرة فى مجال تكرير البترول دون أن يكون من المهتمين بالجانب العملى، ففشل فشلاً ذريعًا»!



رفضت تصدير الغاز لإسرائيل.. فتمَّت إقالتى


متى بدأت نوايا نظام «مبارك» فى تصدير الغاز؟ وهل تصدير الغاز الطبيعى يمثل خطيئة؟ أجاب «قنديل» عن هذا السؤال المهم قائلاً: «التقيت بالرئيس مبارك فى عام 1991، وقال لى: نريد أن نصدّر غازًا طبيعيًّا لإسرائيل. فقلت له: ليس لدينا غاز كافٍ للتصدير. فكان رده: السفير الأمريكى قدم لى معلومات بوجود كميات ضخمة من الغاز». متابعًا: «أصابتنى الدهشة التى لاحظها الرئيس، وقلت له: يا افندم هم الأمريكان هم اللى يقولوا عندنا إيه ولا نعمل إيه وما نعملش إيه؟ اسألنى أنا يا افندم. أنا مستشارك وليس السفير الأمريكى. وأنا أعلم بما لدينا من غاز، ونحن فى احتياج إليه». فأومأ برأسه موافقًا ومقتنعًا بكلامى، وقال: «عندك حق»!!

واستطرد «قنديل»: «أضفت قائلًا: يا سيادة الريس ليس لدينا سوى 18 تريليون قدم مكعب، وإنتاج البترول يتراجع حاليًّا، ولا توجد حقول كبيرة حاليًّا، وهو مخزون للمستقبل. 

فقال «مبارك: «طيب». وبالطبع قررت حجب كل المعلومات عن حقيقة الاحتياطيات، ولم أعلنها بعد ذلك؛ حتى لا يتم ابتزازنا من جانب إسرائيل أو غيرها. 

وحتى لا يتم تسريب المعلومات بشأن الاحتياطيات؛ قمت بتغيير نظام تعيين رؤساء الشركات، حيث كان يتم تعيينهم من خلال رئيس الوزراء، ويصبح عزلهم من سلطة رئيس الحكومة فقط. فجعلت كل رؤساء الشركات الذين أرسل أوراقهم لاعتمادها يكونون بدرجة «نواب لرئيس هيئة البترول»، ويتم انتدابهم للعمل كرؤساء شركات، وهو نظام متبع عالميًّا، وهو ما حقق لهم موقعًا بالهيئة، ومستوى وظيفيًّا أكبر، بالإضافة إلى أن هذا النظام منحنى القدرة على إعادتهم للهيئة فى أى وقت أريده إذا ما خرجوا عن آلية العمل بقطاع البترول، وبالتالى أوقفت تدخل أحد فى شئون البترول.. وفى أول تعديل كنت خارج الوزارة»! 

ويكمل «قنديل»: «بعد أيام أرسل «مبارك» لى السيد «عمر سليمان» رئيس المخابرات فى ذلك الوقت؛ لزيارتى ويطيب خاطري تقديرًا من جانبه، وكنت فى قرية سيدى «كرير» السياحية». 

منوهًاً بأن «أسعار الغاز الطبيعى كانت ترتبط بسعر المازوت وهو المستوى الخاص به؛ لأنه بديل للمازوت كوقود نظيف، وكانت الشركات سعيدة بتلك المعادلة، ورأيت أن وزارة البترول ارتكبت خطأ فيما بعد، وهو ربط سعر الغاز بأسعار الخام، وهذه المعادلة السعرية الجديدة ألزمت مصر منذ ذلك الوقت بدفع الكثير من الأموال كقيمة لحصة الشركات الأجنبية التى يتم شراؤها، وهو ما أدى إلى طمع تلك الشركات. 

وأعتقد أن تصدير الغاز جريمة تم ارتكابها، وسبق أن رفضت ذلك، وكان رفضى وراء خروجى من الوزارة».

لكن من المعروف أن تصدير الغاز الطبيعى او التعامل مع إسرائيل من المستحيل أن يكون قرار وزير أو حتى رئيس وزراء؛  لكونه ليس قرارًا اقتصاديًّا يمكن لأى مسئول اتخاذه حتى ولو كان يحقق المصلحة العامة للدولة، ولكنه قرار سياسى. 



السادات وصفه بالتصرف الاضطرارى


لماذا قبلتَ بتصدير البترول وقت وجودك فى الوزارة وبعد عام 2000 انتقدت تصدير الغاز الطبيعى؟ أجاب «قنديل» قائلاً: « اضطررنا للتصدير أيام السادات؛ لأن الرئيس قال لنا: إن وضعنا المالى تحت الصفر بعد حرب أكتوبر، وكانت الدولة بلا موارد حقيقية، وهو ما أجبرنا على زيادة الإنتاج من البترول والتصدير. وكما قال السادات: ليس أمامنا حل بديل، ونحن مضطرون لذلك. 

ووقتها استفدنا من ذلك بخلق رصيد لهيئة البترول من عائد تصدير خام البترول، والهدف إنشاء مشروع نووى كطاقة بديلة، أيضًا لم نُخِلَّ بمبدأ الحفاظ على الاحتياطيات دون نقص، فأصريت على أن تكون الاكتشافات التى نحققها موازية للإنتاج، بل وزيادة أيضًا. ولكن بعد ذلك لم يكن هناك مبرر لتصدير البترول أو الغاز؛ لأن الغاز مخزون تحت الأرض، لا تتصرف فيه إلا بقدر احتياجك لاستخدامات الصناعة والمنازل والسيارات.. ربما تكون هناك ضغوط وظروف اضطرتهم لذلك، ولكن تحت أى ظروف كان يجب عدم الإسراف فى الإنتاج».

تفكيك القطاع مصطلح يتردد كلما تم فصل شركة فى قطاع البترول لتستقل بنشاطها، وسألت عبد الهادى قنديل: متى بدأ تفكيك قطاع البترول؟  فأجاب قائلاً: «تفكيك القطاع بدأ بعملية فصل شبكات نقل الغاز عن شركة أنابيب البترول، ومن خلال «جاسكو» التى تأسست وقت الدكتور حمدى البنبى، وكان يجب أن تظل كل خطوط نقل الغاز مع شركة الأنابيب، مع الاحتفاظ بمركز تحكم مستقل لشبكات الغاز.

 وعندما كنت فى الوزارة كان يتم تجهيز مركز للتنسيق بين شبكات الغاز الطبيعى مثلما يحدث فى العالم كله، وتم ذلك بالفعل فى مقر أنابيب البترول بمسطرد مثلما يحدث فى إيطاليا، حيث نجد مركز التحكم سنام «SNAM» للغاز، مع خطوط أنابيب البترول فى كيان واحد. وما حدث هو تفكيك لقطاع البترول؛ لأن دورى أن أجمع وألملم القطاع، وهو ما يحقق وفورات مالية كبيرة». 

متابعاً: «رأيت أن قطاع البترول تحول الفترة الماضية للإنفاق على إنشاء مبانٍ ضخمة وفخمة، وهذا خطأ؛ لأن دور البترول هو الإنفاق على الاستثمارات فيما يخص البترول وليس على المبانى». 

لكنى قمت بطرح هذا الأمر على خبراء فى مجال شبكات الغاز الطبيعى، فجاء رأيهم مخالفًا للكيميائى عبد الهادى قنديل، وهو أن الفصل كان قد أصبح هامًّا بسبب تزايد نشاط الغاز، وبالتالى تزايدت أطوال شبكات نقل وتوزيع الغاز الطبيعى، حتى وصل إلى حوالى 50 ألف كيلو متر خطوط رئيسية وفرعية، بالإضافة إلى أن استقلال كل نشاط بمفرده يؤدى إلى تحديد المسئولية، وزيادة الاهتمام والتركيز على ما يخص كل نشاط. كما أن مركزالتحكم الرئيسى للغاز الطبيعى «ناتا» والموجود بمقر شركة «جاسكو» بالقاهرة الجديدة، الذى يتولى الإشراف والتحكم فى كل ما يخص شبكات الغاز الطبيعى على مستوى الجمهورية، لم يكن كافيًا مع هذا التوسع، فتم إنشاء عدد من مراكز التحكم الفرعية للمساعدة؛ لاستخدامها فى أوقات الطوارئ.

انتقل «عبد الهادى قنديل» فى انتقاده الخاص لما وصفه بالتفكيك للقطاع من فصل شبكات الغاز عن أنابيب البترول إلى ما تم أثناء وزارة المهندس  «سامح فهمى»، وهو اقتراف ما وصفه قنديل بالخطًأ الكبير الذى تجسد فى فصل «الخدمات البحرية» عن شركة «بتروجت»، وهو ما أضعف بتروجت، وأضعف شركة الخدمات البحرية، التى حققت خسائر كبيرة بعد الثورة.



انتهت المذكرات وأسامة داود يكتب فى الحلقة 20 







>> قراءة فى اتهامات قنديل... ما بين الإدانة والبراءة 


>> وصل الأمر بخصومه إلى حد الاتهام الصريح بإهدار المال العام بل والخيانة الوطنية

>> الرجل كان يستطيع أن يظل بموقعه لو وافق على تصدير الغاز لإسرائيل

>> رفض أن يجدد بنفسه دماء كامب ديفيد فى الغاز مثلما حدث فى تصدير الزيت الخام

>> اتهموه بإهدار مئات الملايين من الجنيهات فى إنشاء مجمع للبتروكيماويات

>> جعل المشروع  مصر تحتل المركز الثالث فى إنتاج البتروكيماويات عالميًّا بعد السعودية وإيران 

>> لم يكن وزيرًا مؤذيًا يقيل قياداته دون سبب بل كان صارما

>> كان يلتقط كل النجوم ويضعهم فى موقع الصدارة ويمنحهم كامل السلطات

>> لم يكن ممن يترك أذنيه تلتقطان الوشايات أو المكائد من مرءوسيه ضد بعضهم 

>> كان يوقع جزاءات بالخصم ثم يقوم بصرفها من جيبه الخاص لمن تم الخصم منه

>> لو كان أحد غيره لما نهر مسئولاً أراد الحصول على أعمال مع قطاع البترول بوساطة شقيق الوزير

>> تصدى لعاطف عبيد عندما كان وزيرًا لقطاع الأعمال العام وأراد بيع عدد من شركات البترول

>> لو كان يريد تحقيق مكاسب لما تدخل بعد تركه للوزارة لوقف عملية بيع شركة غاز مصر

>> معمل أسيوط الذي أنشأه لعب دوراً هاماً فى إنقاذ مصر من مجاعة للمنتجات البترولية

>> كان يملك أسلوب الخداع ويوحى لك بعكس ما ينوى القيام به وتنفيذه

>>  دعم شركة  بتروجت بدلاً من تركها لقمة سائغة أمام الشركات الأجنبية التى كانت تحاربها

>> تحمل مهمة حماية الأمن القومى المصرى ببناء صناعة بترولية بأقل الإمكانات