 (1).jpg)
أسامة داود يكتب شهادته: إبراهيم محلب.. واحد بين الناس

>> يعيش دور المواطن البسيط ولم يغيره أى منصب تولاه
>> قال لمنتقديه: أستغل وقت راحتى كرئيس للحكومة فى السير بين الناس للتعرف على أوجاعهم دون وسيط
>> رئيس وزراء مصر لم يختلف منذ كان مديرا عاما عن وكيل وزارة او رئيس "المقاولون العرب " أو وزير الإسكان
عرفت إبراهيم محلب عندما كان رئيسًا للمقاولون العرب عن قرب، وزادت معرفتى بالرجل عندما تولى وزارة الإسكان فى يونية 2013، فهو يملك روحًا طيبة ونفسًا نقية، يدير بأسلوب المعلم والأسطى، يتعامل مع الكبير والصغير، لديه عبقرية الغوص فى التفاصيل
لا ليتوه فيها ولكن لينسج منها سيمفونية رائعة تعزفها أصابعه الخشنة.. أتحدث عن مسئول سابق وهو خارج السلطة بزهوها وزخرفها ولكونى أعلم أنه تعرض خلال الفترة الأخيرة لوعكة صحية أدعو الله أن يمن عليه بالشفاء وهو يستحق من كل بسطاء مصر وما أكثرهم أن يدعوا له مخلصين
وباعتباره "صنايعى" على أعلى درجة من الحرفية كنت ألتقيه بمكتبه بشارع عدلى، صوته هادئ، لا تجده جالسًا، كان يتعامل مع الملفات ويتحرك ذهابًا وإيابًا داخل المكتب ليأتى بملف ما، ينظر ويطالع ثم يصدر تكليفات لمرءوسية الذين لا يخلو مكتبه من أحدهم على مدار الوقت.. يضغط الجرس ليصدر أمرًا لسكرتيره لإبلاغه لشخص ما أو يسلمه قصاصة مدون عليها ما يريد.
فى أحد أيام صيف 2009 وقبل غروب الشمس وعند عودتى لمنزلى بالمريوطية وكانت الأعمال الإنشائية لوصلة الدائرى أعلى ترعة المريوطية تتم على قدم وساق، فوجئت بأن الطريق الرئيسى قد تم إغلاقه ولم يكن أمام المرور سوى فتح طريق بديل هو جسر أحد المجارى المائية وكان ترابيًا، ونتيجة مرور السيارات عليه بكل أنواعها أصبح المرور منه مغامرة تحمل الكثير من الخطر وتعطل الطريق حيث مال الجسر إلى المجرى وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من انقلاب سياراتنا.
اتصلت بالرجل وكان يبادرنا عند رؤية هاتفى باسمى المختصر "أس" أخبارك إيه.. الحمد لله معالى الوزير.. وأخبار حمادة إيه؟ (يقصد شقيقى محمد عبدالعليم داود الصحفى وعضو مجلس الشعب) يبلغك تحياته.. أدخل مباشرة فى الموضوع: معالى الوزير ما يتم الآن من إغلاق طريق المريوطية بواسطة القائمين على العمل فى وصلة الدائرى تتحمل معاليك ذنبه ولا أظن أن الله سوف يبارك للمقاولون العرب ولو ربحت مليارات الجنيهات من هذا العمل.. حيث أغلقوا الطريق أمامنا وليس أمام مئات السيارات إلا أن تسلك جسرًا عبارة عن مجرى مائى انهار فى أماكن كثيرة وأصبحنا محاصرين، قال كيف يحدث ذلك لقد طلبوا منى غلق الطريق وحددت موعد الغلق بمنتصف الليل على أن يعاد فتحه قبل السادسة صباحًا يوميًا، ومن قبل ذلك تجهيز طريق بديل.
قلت: لم يجهز الطريق البديل والغلق تم ونحن قبل غروب الشمس.. قال: سوف يتم تصحيح الأمر.
وفى اليوم التالى كان إبراهيم محلب بموقع العمل وكانت المعدات تجهز الطريق البديل لتجعله صالحًا للمرور وبالاتساع المطلوب، وتم تدشينه بكميات من الحجارة مع استمرار فتح طريق المريوطية باستثناء الوقت من منتصف الليل وحتى السادسة صباح كل يوم.
لم يكن إبراهيم محلب قد تغير بعد أن أصبح وزيرًا للإسكان ومن بعدها رئيسًا للوزراء.
وعندما تولى رئاسة مجلس الوزراء وكنت عضوًا بمجلس نقابة الصحفيين ومسئول الرعاية الاجتماعية والحج والعمرة خاطبناه رسميًا لتخصيص حصة النقابة من تأشيرات الحج، وأبلغ محلب النقيب آنذاك ضياء رشوان بتخصيص 70 تأشيرة وانتظرنا خطاب التخصيص لكنه لم يأت ومن خلال أحد مصادرنا بمجلس الوزراء تأكد لنا أن الخطاب الذى يحمل تأشيرة محلب لم يعرض عليه خلال اجتماع المجلس لتفعيل التخصيص والسبب يرجع إلى أمين عام مجلس الوزراء آنذاك الذى تجاهل عن عمد أو إهمال خطاب نقابة الصحفيين الممهور بتوقيع رئيس الوزراء.
كما لم يرد الرجل على خطابات أرسلناها نستعجل وصول الموافقة على حصة النقابة من التأشيرات، وبعد مرور أيام من التجاهل، كتبت وقتها مقالا بجريدة فيتو بتاريخ 4 سبتمبر 2014، وصفت فيه الأمين العام بأن ما فعله ليس له من اسم موقعه نصيب لأن الأمانة كانت تقتضى أن يعرض على رئيس الوزراء خطاب النقابة.
وإذا بنقيب الصحفيين آنذاك الزميل ضياء رشوان يتصل بى ويقول لقد صنعت بمقالك أزمة لأن رئيس الوزراء مستاء من هجومك على الأمين العام واتهامه بعدم الأمانة وقال إن إلغاء حصة النقابة حدثت وقت الإخوان وأننى بررت لمحلب أنك مسئول أمام الجماعة الصحفية عن توفير التأشيرات اللازمة للراغبين فى أداء الفريضة خاصة وأنه أبلغنا بالموافقة.. وبالتالى فهجومك له تبريره.. ولكنه زعلان منك جدًا.
تحدثت إلى الرجل وقال: لم يتبق لدينا أى تأشيرات باستثناء حصتى الشخصية بحكم منصبى ولى حرية التصرف فيها وهى 5 تأشيرات تنظم عن طريق وزارة التضامن أمنحها للنقابة.
ثم تدخل شخصيًا لدى السفارة لتوفير تأشيرات حج من خارج حصة الدولة لصالح الصحفيين.
وفى موقف آخر التقيت بالمهندس إبراهيم محلب وقت أن كان رئيسًا للحكومة أكثر من مرة وكان يكلف الوزراء بمساعدة نقابة الصحفيين.. وقد أبدى استياءه من نشر بعض الصحف انتقادات له لتعمده السير فى الشوارع ولقاء الناس واعتبرت بعض الصحف أن ذلك يمثل إهدارًا لوقت رئيس الحكومة.
وقال الرجل: أنا أستغل وقت راحتى فى السير بين الناس للتعرف عن قرب على أوجاعهم ومنغصات حياتهم ومطالبهم دون وسيط وهو ما يسهل علىّ أمورًا كثيرة وقت اتخاذ القرارات لتكون متماشية مع واقع الناس.
لم أر شخصًا يعيش بين الناس مثله، ولم يختلف إبراهيم محلب وكيل وزارة الإسكان عندما عرفته فى التسعينيات وقت إنشاء الطريق الدائرى عن إبراهيم محلب رئيس المقاولون العرب عن إبراهيم محلب وزير الإسكان عن إبراهيم محلب رئيس وزراء مصر.
هو نفسه إبراهيم محلب الذى يعيش دور المواطن البسيط ولم يغيره أى منصب تولاه وزيرًا أو رئيسا للوزراء.
أردت فقط أن أسجل شهادتى فى حق رجل أكن له كل الاحترام والتقدير، وأدعو الله أن يمتعه بالصحة والبركة فى العمر.