أسامة داود يكشف : خطة إضعاف القابضة للبتروكيماويات عبر تهميش أجنحتها (4)

أسامة داود يكشف : خطة إضعاف القابضة للبتروكيماويات عبر تهميش أجنحتها (4)

 متى يبدأ تشغيل الخدمات اللوجستية ولماذا تتولى جاسكو مع غيرها استيراد الايثان؟ 


قطاع البتروكيماويات يفقد مليار دولار نتيجة لتراجع مدخلات صناعة البولى إيثيلين


لماذا لجأت وزارة البترول إلى تكليف شركات إيثيدكو وسيدبك ؟


ما علاقة جاسكو بمهام استيراد الإيثان بعد حوالى 5 سنوات من التخطيط لإنشاء مشروع يتولى هذه المهمة؟


لماذا صمتت الوزارة عن هذا الحل لو كان مقبولا منذ عام 2015 وحتى الآن؟

 

 الموقع يصلح لإنشاء مستودعات لاستقبال الإيثان ومصنع لإعادة التغيير وممرات لخطوط تغذية الشركات المتعطشة للإيثان 


هل هناك هدف آخر للتخلى عن الأرض ولصالح مستثمر أجنبى على طريقة بيع شركات إيثيدكو وإيلاب بثمن بخس؟




بعد 5 سنوات من العمل والإجراءات والحصول على الموافقات وتجهيز الأرض والموقع لإنشاء مشروع للخدمات اللوجستية للبتروكيماويات يتم نقل فكرة المشروع من الموقع المخطط والمجهز ليلعب عدة أدوار مهمة فى طريق النهوض بصناعة البتروكيماويات عبر الوصول إلى تشغيل الشركات التابعة بكامل طاقتها التصميمية مثل البولى إيثيلين بمراحله المختلفة لتحقيق أكبر قيمة مضافة وتشغيل صناعات أخرى بتروكيماوية تتوقف بسبب عدم توافر الخامات التى يتطلب الحصول عليها الاعتماد على الاستيراد.

فجأة ودون مقدمات بدأت الوزارة إسناد مهمة توفير الإيثان المطلوب كمدخل لتوفير احتياجات الطاقة التصميمية لمصانع إيثيدكو وسيدبك إلى هذه الشركات نفسها بجانب القابضة للبتروكيماويات وجاسكو التابعة للقابضة للغازات الطبيعية رغم عدم وجود علاقة بينها وبين مهام الاستيراد.

تم ذلك عبر تحالف بين الشركات الأربع لاستيراد غاز الإيثان من الخارج عبر ميناء ميدتاب والذى يلعب دور تصدير المنتجات البترولية من معمل تكرير ميدور.

المحاولة غير البريئة والمخطط لها لإرباك تلك الشركات بزعم أن يتولوا بأنفسهم توفير احتياجاتهم للوصول إلى طاقتهم التصميمية.. ولو كان هذا الأمر ميسرًا لماذا لم تقم تلك الشركات قبل 5 سنوات باستيراد ما يغطى احتياجاتها لتحقيق أقصى طاقة إنتاجية؟ ولماذا قامت تلك الشركات ببدء خطوات إنشاء مشروع متكامل للقيام بدور توفير المدخلات وتسويق المنتجات وبنسبة ملكية لهم تصل إلى 100% وهو مشروع الخدمات اللوجستية ؟! 

علينا أن نعترف أن  صناعة البولى إيثيلين فى مصر حاليًا تعانى من عجز سنوى يقارب مليار دولار فقدها قطاع البتروكيماويات نتيجة لتراجع مدخلات صناعة البولى إيثيلين من خام الإيثان وهو الخامة الأساسية كمدخل لصناعة الإيثيلين ثم البولى إيثيلين وال بى فى سى.

حيث تمثل صادرات البتروكيماويات ما يوازى 460 مليون دولار، بينما تستورد مصر ما يصل قيمته إلى مليار و300 مليون دولار من البولى إيثيلين لتغطية الاحتياجات المحلية وهو نتيجة لعدم قدرة الشركات الموجودة فى مصر وهى سيدبك وإيثيدكو على العمل بطاقتها التصميمية والسبب عدم توافر كميات كافية من خام الإيثان وهو المدخل الأساسى واللازم لتلك الصناعة.

وهو ما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج، ومعاناة شركات البتروكيماويات فى تحمل تلك التكلفة!

وهو ما تم استغلاله فى تقييم غير عادل لشركة إيثيدكو حيث قدرت بنصف قيمتها وقت بدء التأسيس فى 2011 والتى بالطبع تتضاعف قيمتها الحقيقة لعدة مرات، فى حالة التفكير فى عمل مجمع مماثل، ليحتاج ما لا يقل عن 5 مليارات دولار حاليًا نتيجة للتضخم الواقع بالعالم أجمع، وهو أمر لا يمكن تجاوزه.

900 مليون دولار عجز بسبب الإيثان 

كانت صادرات مصر من البولى إيثيلين فى الفترة من 2003 وحتى 2006 تزيد عن الواردات، ولكن انعكس الأمر فى عام 2007 وبدأ التراجع فى صادراتنا من البولى إيثيلين حتى بلغ العجز ما تصل قيمته إلى 900 مليون دولار لصالح الواردات.. ولهذا السبب أصبح استيراد الإيثان فرض عين وبهدف تغطية احتياجات مجمعات صناعة البولى إيثيلين والتى تصل الطاقة التصميمية لها أكثر من 750 ألف طن سنويًا.

بإخلاص بدأ سعى قطاع البتروكيماويات وبدعم من مجلس الوزراء لتوفير الموقع الذى يصلح لإنشاء مشروع استقبال خام الإيثان شديد الخطورة والذى يمثل الخامة الأساسية لصناعة الإيثيلين والبولى إيثيلين خاصة بعد تراجع كبير فى إنتاجنا الذى يتم عبر مجمع غازات الصحراء الغربية المقام على أراضى مشروعات البتروكيماويات بمنطقة مرغم بالإسكندرية.

تضمنت خطة القابضة للبتروكيماويات وطبقًا لدراسات وقتها البحث عن مساحة وموقع يتوافق مع تحقيق هدف توفير غاز الإيثان بأقل تكلفة وأعلى درجة من درجات الأمان وبالكميات المطلوبة التى تضمن تغذية شركات ترتدى ثوب المجمعات الكبرى التى دفع الشعب المصرى فيها عبر مؤسساته الاقتصادية مليارات الدولارات لتأسيسها.

كانت المواصفات المطلوبة للموقع أن يكون على ساحل البحر المتوسط وألا تقل مساحته عن 25 ألف متر مربع لتسمح المساحة المتسعة بإنشاء عدد من المستودعات القابلة لتخزين الكميات من الغاز الخطير بعيدًا عن أى مشروعات أخرى أو مناطق سكنية وأن يقع على منطقة بحرية بها غاطس مناسب واتساع مقبول من شاطئ البحر حتى يمكن إنشاء ميناء وبالأرصفة المناسبة لاستقبال الناقلات العملاقة التى يتم عبرها نقل الإيثان السائل وهو فى الأصل غاز يتم إسالته تحت 90 درجة تحت الصفر فى بلد المنشأ، وحتى يمكن نقله من خلال السفن العملاقة، وفى ميناء الاستقبال يجب أن يكون بعيدًا عن موانئ استقبال البضائع وغيرها، باعتبار أن الإيثان من المواد شديدة الخطورة لقابلية الانفجار.

رحلة البحث عن الموقع المناسب

كان البحث عن  الموقع المناسب أكثر ما يشغل قطاع البتروكيماويات ومن خلال وزارة البترول والتى يقف فى ظهرها مجلس الوزراء بهدف رفع درجة الاستفادة من مجمعات البتروكيماويات إلى الدرجة القصوى لتوفير مليارات الدولارات على الخزانة العامة من جانب والتوسع فى الصناعات القائمة على البتروكيماويات من جانب آخر، لزيادة القيمة المضافة.

وكان من ضمن العوامل التى يتم اختيار الموقع على أساسها أن يكون من السهل إنشاء ميناء لاستقبال السفن ذات الحمولات الضخمة التى تصل إلى 100 ألف طن حتى تزيد اقتصاديات المشروع وباعتبار أن الناقلات الصغيرة تتولى النقل لحمولات صغيرة لا تتجاوز 15 ألف طن وبالتالى يصبح غير اقتصادى لزيادة تكاليف النقل.

كما يكون من مواصفات المكان أن يسمح بإنشاء وحدات لإعادة تغيير الإيثان السائل، أى أن يعيده إلى صورته الأولى.. وليتم ضخه عبر خطوط تمتد عبر مناطق آمنة من منطقة الاستقبال على البحر إلى المستودعات العملاقة للتخزين ثم إلى المصنع المرتقب لإعادة التغييز ثم تدفيعه عبر الخطوط إلى الشركات المتعطشة لغاز الإيثان.

كان توهج الفكرة قد دفع بوزارة البترول والقابضة للبتروكيماويات وعبر شركاتها إلى مراجعة كل الموقع والموانئ المتاحة ليتم استبعادها واحدًا تلو الآخر لوجود قصور إما فى مساحات إنشاء مستودعات التخزين أو لعدم تناسب استغلال الموانئ المتاحة لنقل مادة ذات خطورة خاصة وأن حادث انفجار ميناء بيروت بلبنان عام 2020 الذى أصاب العالم بصدمة كان بسبب تخزين مواد كيماوية داخل ميناء غير مخصص لتداول المواد الخطرة، والتى تقل فى خطورتها عن مادة الإيثان تلك.

كان ميناء البترول بالإسكندرية قد تم استبعاده لعدم توافقه مع الاشتراطات المطلوبة خاصة وأن هذا الميناء بعد تطويره شهد حادثى حريق مختلفين خلال شهور وكان ذلك بعد تطويره وبتكاليف استثمارية تجاوزت المليار و200 مليون جنيه.

كما تم استبعاد ميناء ميدتاب لعدة أسباب منها أنه مملوك لهيئة ميناء الإسكندرية وله مدة امتياز 25 عامًا قد تنتهى هذا العام أو العام المقبل وبالتالى الاعتماد عليه سوف يكون عبر الاستئجار وهو ما يرفع مع الوقت تكلفة كل طن من الإيثان المستورد.

كما أن إنشاء بنية تحتية إضافية سوف تكون فى مكان ليس مملوكًا للقابضة للبتروكيماويات بالإضافة إلى أنه يفترض أن ميناء ميدتاب مجهز لتصدير المواد البترولية التى ينتجها معمل ميدور والذى يفترض أن توجه كل منتجاته عالية الجودة للتصدير لتوفير العملة الصعبة.

شركة فرنسية تحل المشكلة 

 كانت هناك شركة من شركات القطاع العام التى تم إنشاؤها فى بداية السبعينيات من القرن الماضى وتحوى مصنعًا لتصنيع مادة الصودا أش والتابعة لشركة مصر لصناعة الكيماويات والتى خضعت للخصخصة فى عام 2000.. وبعدها بأعوام وفى هوجة الخصخصة التى استهدفت تفكيك القواعد الاقتصادية للدولة عبر برنامج مشبوه ندفع ثمنه حاليًا تم بالفعل بيع المصنع لشركة سولفاى العالمية والتى تستحوذ على 10% من إنتاج العالم من الصودا أش.

لكن شركة سولفاى قررت إيقاف الإنتاج بالمصنع وطرحه للبيع بعد تقادمه فى عام 2016 والذى يقع على مساحة شاسعة تصل إلى 240 ألف متر مربع وكان موقع الشركة عبقريًا من كل الجوانب ويتوافق مع كل الشروط المطلوبة فى المشروع لتوفير الإيثان عبر الاستيراد وكانت الأرض وموقعها تسمح بإنشاء ميناء لاستقبال الشحنات.. ومستودعات تستوعب أى كميات من الإيثان وتخزينه وأيضًا تتسع المساحة لإنشاء مصنع للتغييز وغيرها من مشروعات ترتبط بالبتروكيماويات بداية من استيراد الخامات وصولاً إلى تصدير المنتجات.

وهو ما تم عرضه على وزير البترول بالجمعية العامة لشركة إيثيدكو فى إبريل 2018.. ليبدأ فى السير فى إجراءات التنفيذ..

هنا انطلقت القابضة للبتروكيماويات للتفاوض لشراء الموقع العبقرى الذى يتسع لمشروع يحقق لها وعلى الدوام أهدافها التنموية حيث يقع على شاطئ به منصة كانت تستخدم سابقًا لتفريغ شحنات الإيثان وقت أن كان يتم استيراده بكميات متواضعة لتغذية الوحدة التى تأسست فى الثمانينيات فى شركة البتروكيماويات المصرية.. وهو ما يجعل المنطقة مؤهلة لإنشاء ميناء بالإضافة إلى وجود أعماق لا تتطلب فى الإنشاء نفقات كبيرة لتهيئة الميناء المنتظر لاستقبال السفن العملاقة.

وسارعت شركات البتروكيماويات التى تحتاج إلى المشروع للاستحواذ على المصنع وبنسب 60% لشركة إيثيدكو و20% لشركة سيدبك و20% للقابضة للبتروكيماويات إيكم.. كان الحصول على أرض المشروع بثمن رمزى فى ذلك الوقت وبسعر 1000 جنيه للمتر وبما لا يتجاوز بالعملة الصعبة 15 مليون دولار هو رقم هزيل بالنسبة لأرض يتم تقييمها حاليًا بأكثر من 10 أمثال قيمة شراء المتر وهو رقم يتصاعد يوميًا.

وهنا نضجت الفكرة لتضاف إليها مع الدراسات التى اكتشفت أن تكلفة استيراد طن الإيثان حتى الوصول إلى الشركات وعبر هذه المنطقة سوف يكون منخفضًا ويحقق وفورات اقتصادية تمكن شركات البتروكيماويات من المنافسة عالميًا ومحليًا.

بل أثمرت مساحة الأرض والموقع الذى يتمتع بعبقرية فريدة أن المساحة تسمح بأن تتحول إلى منطقة لوجستيات تحقق لقطاع البتروكيماويات عشرات الفوائد الأخرى بجانب توفير الإيثان وهو استيراد كميات إضافية من البيوتادين الذى يدخل فى صناعة البولى بيوتادين وهو يدخل فى صناعة المطاط خاصة وأن البتروكيماويات لديها كميات منه وتقوم بتصديره للخارج دون أن تحقق منه أى قيمة مضافة ووجود مثل هذا الموقع - بجانب استيراد الخامات ذات الخطورة بأسعار مناسبة دون تكاليف إضافية - يسمح بتصدير كل إنتاج شركات البتروكيماويات لوجود أماكن لاستيعاب مساحات لتخزين ملايين الأطنان بجانب الميناء.

فهناك مساحات متاحة عبر شاطئ تلك المنطقة التى تقع على الشاطئ مباشرة وتقع بين طريقين رئيسيين هما طريق أم زغيو وطريق الإسكندرية مطروح الرئيسي. بالإضافة إلى تمتع الموقع بمجموعة المرافق الحيوية وعبر خطوط توفر على الشركة الكثير وهى قربه من خطوط المياه والكهرباء والغاز الطبيعى وعبر أقطار تكفى احتياجات المشروع فى ظل أى حجم يكون عليه.

كان إسراع القابضة إيكم وشركاتها بالاستحواذ على الموقع قد تم بدعم المجموعة الوزارية الاقتصادية بمجلس الوزراء، وليتم تأسيس شركة تحقق جزء مهمًا من استراتيجية التنمية المستدامة للدولة المصرية وفقًا لرؤية 2020/ 2030.

نعم الموقع كان سببًا فى ميلاد فكرة إنشاء منطقة لوجستيات تحقق أهدافًا طموحة للدولة عبر مركز إقليمى رئيسى لتداول وتخزين وتجارة النفط والغاز ومشتقاتهما فضلاً عن تداول المواد والمنتجات الخاصة بصناعة البتروكيماويات ومشتقاتها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كل ما سبق تم سرده أثناء جلسة التشاور المجتمعى والتى تم إجراؤها فى يناير 2020، حيث تم حصول موافقة المجتمع المحلى على إنشاء المشروع خلالها.

 ويبقى السؤال بعد هذه المقدمة الطويلة، متى يتم ميلاد مشروع الخدمات اللوجستية الذى أسسته القابضة للبتروكيماويات وبدأت فكرته منذ 6 سنوات؟

  usamadwd@yahoo.com

اقرأ ايضاً

أسامة داود يكشف : إيثيدكو وإيلاب والحفر.. مهرجان بيع 3 شركات رابحة بثمن بخس

أسامة داود يتساءل: هل باعت الحكومة "المصرية للإيثيلين" "إيثيدكو" بتراب الفلوس؟ (2)

أسامة داود يكشف: المسكوت عنه في ملف بيع الشركات الرابحة (3)