 (1).jpg)
أسامة داود يكتب : مستشفيات الغلابة أولى بتبرعاتكم

مليارات مستشفيات الـ 5 نجوم.. وملاليم مستشفيات الفقراء
"القومى للأورام" والدمرداش وأبوالريش والشاطبى وقصر العينى يتردد عليهم ملايين المرضى سنويا.
لماذا لم تزر يسرا وإسعاد يونس وتامر حسنى وغيرهم أقسام الأطفال بمعهد الأورام أو مستشفى أبوالريش
النجوم يؤدون أدوارًا بمقابل مادى يتفوق على أجورهم فى المسلسلات والأفلام
40% من أموال التبرعات لمستشفيات الـ5 نجوم يتم السطو عليها .. وكله باسم أعمال الخير والعلاج المجانى
هوجة إعلامية إعلانية لأكثر من 40 جهة تتنافس وعبر سيناريوهات إعلانات مدروسة يؤديها أهل الفن فى التمثيل والطرب ونجوم الكرة والمجتمع بهدف انتزاع أكبر جزء من زكاة وصدقات المصريين مقابل نسبة تصل إلى 40% من تلك الأموال التى يتم السطو عليها عبر آلة الدعاية باسم أعمال الخير والعلاج المجانى.
تقف جهات تقوم بتنفيذ كل أعمال الخير عبر العلاج المجانى لفقراء الوطن دون أن يلتفت إليها دافع الزكاة الذى تم اختطاف عقله وقلبه ومشاعره بواسطة تلك الآلة التى تعمل وفق مخطط أقرب إلى التخطيط الوارد ببروتوكولات حكماء صهيون وعبر طعم مختار اللون والرائحة والطعم لاصطياد قلوب ومشاعر الناس لتفريغ كل ما يملكونه ولو جنيهات قليلة ثمنًا للخبز الجاف الذى ربما لا يتناولون سواه أمام هوجة الوعد بالجنة التى تكمن فى دفع كل ما تملك لجهات باسم العلاج.
ولكن المثير للسخرية أن آلة الدعاية تستولى على 40% من حصيلة تلك التبرعات.. نعم وفى الجانب الآخر تقف جهات مثل المعهد القومى للأورام ومستشفى أبوالريش الذى يعالج مئات الالاف من الأطفال سنويًا ومستشفى الدمرداش الجامعى للجراحة ووحدات الطوارئ بقصر العينى ومستشفى الشاطبى للنساء والتوليد ورعاية الأطفال ناقصى النمو وجهات كثيرة لا تملك أقل القليل من المال ولا يصل إليها من أموال الزكاة والصدقات كتبرعات إلا أقل القليل..
على سبيل المثال، المعهد القومى للأورام يستقبل سنويًا أكثر من 325 ألف متردد ويعالج جراحيًا وبجرعات الكيماوى والإشعاع والعلاج الهرمونى 26 ألف مواطن من فقراء الشعب المصرى بينهم آلاف الأطفال بينما تقع بالقرب من المعهد مستشفى يفترض أنه متخصص فى علاج الأطفال ولكن الحقيقة أنه ينتقيهم على طريقة نقاوة حبات الخضار والفاكهة.
أتحدث عن المعهد القومى للأورام الذى لم يغلق بابه فى وجه أحد بينما كل أطفال يستقبلهم كانوا كحبات الفاكهة التى لم يستسغها القائمون على هذا المستشفى الذى يتلقى مليارات الجنيهات من حصيلة التبرعات، والبركة فى آلة الدعاية التى تعمل لتلتهم نسبة كبيرة من حصة تلك التبرعات وغيرها من مستشفيات وكلها ترفع شعار يوجد صندوق وحساب بنكى وإيصالات للتبرع ولا يوجد سرير للمرضى!
أتحدث عن مستشفى الدمرداش وقصر العينى وأبوالريش والشاطبى بالإسكندرية وجميعها تملك أبوابًا لا تغلق بينما الجهات الأربعون الأخرى التى تصل إليها الإعلانات عبر رقصات حزينة لفنانات ومطربين يستطيعون عبر عملية الاستجداء الراقص والدموع النازفة بفعل مشاهد تصور لعشرات المرات على طريقة كلاكيت عاشر مرة نزع كل ما يملكه فقراء الوطن ليستباح لهم ويكون تمويلاً لبرامج هابطة ومسلسلات تزرع العنف أكثر من نزغ الشياطين والتى تغيب فى رمضان ليحل محلها مسلسلات وبرامج تتفوق على إبليس فى الفساد والإفساد حتى إن البلطجة والخروج على القانون والانفلات من العقاب أصبح سُنّة سيئة يدار بها المجتمع من فن كان مرآة الأمة وسلاحها الناعم فأصبح طريقها إلى الهاوية.
أتحدث عن تبرعات مليارية تدخل جيوبًا تسلب باسم التبرع لجهات بينما تتحول إلى أجور لفنانين ومطربين هجروا الفن بأمواله الكثيرة من أجل العمل فى إعلانات تحمل لافتة حسنة قليلة تمنع بلاوى كثيرة تحقق أجوًرا أكبر بكثير.
وأتساءل إن كانت تلك الجهات تجمع التبرعات عبر موجات وعواصف إعلانية تتسلل كريح عاد وثمود إلى عيوننا وآذاننا ومنها إلى قلوبنا وعقولنا، فلماذا لم تعلن عن حجم ما تتلقاه من تبرعات؟
لماذا لم تعلن عن أجور هؤلاء الفنانين وكم تتكلف آلة الدعاية من إعداد وتصوير وإخراج وأداء وكم تتكلف إذاعتها وكم تتكلف الثانية فى إذاعة تلك الدعاية.
كم من تلك الأموال يوجه لأجور القائمين عليها وكم يوجه للعلاج؟
وكم عدد الذين تم علاجهم وأين الكشوف التى يجب أن يطالعها المتبرعون ولماذا تصر تلك الجهات على أن تبقى ميزانياتها سرية ونتائج أعمالها ربما لا يعلم عنه أحد شيئًا إلا القائمين عليها وأصحاب المشروع باعتبار أنها ليست إلا مجرد مشروع بيزنس دون رقابة حقيقية.
لأن أكثر مشروع مربح ليس الصناعة التى تتطلب تكاليف إنشاء مصانع وشراء معدات وآليات ودفع ضرائب وجمارك وأجور عمال.. بل الأكثر ربحية هو استدرار العطف والشفقة والمشاهد التمثيلية التى يقوم بها كومبارس يؤدون دور المرضى مقابل ملاليم بينما النجوم يحصدون الملايين وبما تتجاوز أجورهم فى المسلسلات والأفلام والحفلات الغنائية الصاخبة والعاطفية والمثيرة لكل شىء إلا للفضيلة.
أوجه حديثى للمواطن المصرى المتبرع بزكاته وصدقاته، أدعوك أن تكلف نفسك عناء متابعة طوابير المرضى أمام المعهد القومى للأورام.. أن تتابع عياداته الخارجية وعددها أربعين عيادة، وأعداد الوافدين إليه وأن تتابع غرف عملياته ورعاياته المركزة وطوابير الانتظار والطوارئ التى تعج بمئات البشر للحصول على جرعات الكيماوى والعلاجات الأخرى كالإشعاع وعلاج الألم.
أدعوك أيها المواطن أن تكلف نفسك الذهاب إلى مستشفى أبوالريش والذى يدفع ضيق ذات اليد بعض الأطباء إلى دفع ثمن أدوية أو مستلزمات لم تستطع ميزانية المستشفى تدبيرها لإنقاذ حياة أطفال يعانون من مختلف الأمراض أقلها القلب.
أدعوك أيها المواطن المصرى أن تدخل إلى عيادات الدمرداش وهو مستشفى الجراحة فى جامعة عين شمس لتتابع كيف يجلس أساتذة أجلاء ونواب مجتهدون فى غرف ضيقة وعلى مكاتب محطمة عفا عليها الزمن ليتناوبوا الكشف والتشخيص وإجراء جراحات بالمجان لآلاف البشر من الفقراء الذين أوصدت فى وجوههم كل أبواب مستشفيات لا يمكن أن تصل إليها أو تدخلها إلا إذا كنت للتبرع فقط، فهى مجرد صندوق للتبرع وليست سريرًا للعلاج.
أدعوك أيها المواطن المصرى أن تصل إلى طرقات قصر العينى ورعايته المركزة وقسم الطوارئ لتكتشف بنفسك أنه مستشفى ليستقبلك وقت مرضك وليس كغيره يقتصر استقباله لك وقت تبرعك.
وإن كان كلامى مشكوًكا فيه لماذا لم نجد برنامجًا دعائيًا يوجه لصالح المعهد القومى للأورام أو مستشفيات أبوالريش أو قصر العينى أو الدمرداش؟
لماذا لا يقبل العاملون فى حقل التمثيل والغناء ونجوم الكرة وغيرهم الحديث ولو عبر فيديو قصير للدعوة للتبرع لتلك الكيانات والتى تمثل حد الستر للمواطن المصرى عندما يداهمه المرض.
لماذا لم تزر يسرا وإسعاد يونس وتامر حسنى وغيرهم أقسام الأطفال فى معهد الأورام ولم يدخلوا إلى مستشفى أبوالريش؟ أليس المليون طفل المتردد على تلك المستشفيات أحق بالمتابعة، أم أنهم يؤدون أدوارًا تعود عليهم بالمقابل الذى يتفوق على أجورهم فى المسلسلات والأفلام؟
أدعوك أيها المواطن المصرى أن تتحقق من تلك الجهات التى توجه إلى الدعاية لانتزاع ما فى جيوبك أو تخص زكاتك وصدقاتك وأن تراجع الجهات التى لا تملك الوصول إليك مثل المعهد القومى للأورام أو الدمرداش أو أبوالريش أو الشاطبى قبل أن تدفع لأنك سوف تدفع طبقًا لدعاية الأولى، بينما عندما يصيبك لا قدر الله المرض أنت أو أحد أطفالك فلن تستقبلك إلا تلك المستشفيات التى لا تعرفها إلا وقت المرض فقط.