صبحي الجعفري يكتب : مشاهير الشر في القران الكريم

صبحي الجعفري يكتب : مشاهير الشر في القران الكريم


قارون المخسوف


يقول الله تعالى في محكم كتابه المجيد: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ 


قارون لم يكن فقيرا عاديا في قومه، كان البغي والحقد وعدم الإنتماء للمجتمع الذي نشأ فيه هو المحرك له في قومه، لم يكن شاكرا للنعمة. 


مهما كان وضعك المادي علي الأرض طالما الروح لم تسحب منك فأنت في نعم وتدور في فلكها قارون وهو فقير معدوم لايستطيع ان يتعالى أو يتكبر على قومه بأي شئ يعلو به علي قومه ولكن شعور الغربة في وسط قومه كان هو المسيطر عليه، لذلك لابد أن يراقب كل واحد فينا نفسه حتي لا تأتي الشدائد والمحن تظهر مخبؤات النفوس ومكنوناتها.


لابد أن نملئ دواخلنا بالحب والإيمان والتخلص من مشاعر البغض والكره حتي لايخرجها الله لنا وتظهر في العلن كما أظهرها الله لقارون .


لولا المال لما ظهر قارون في العلن بصفات الشر والكبر والبغي، فالمال كان هو الكاشف الذي غاص في أعماق شخصية قارون فأخرج كل ما هو خبيث وردئ.


المال هو الستارة التي كان يقف خلفها قارون فلما كشفت عنه ظهر قارون المخسوف علي حقيقته. 


عجائب المال في ظل تلك الآيات التي ذكرت أن المال أو الكنوز التي يوهبها الله موجودة في أي وقت تمنح وتمنع من الله وحده عز وجل يعطيها لمن يشاء مسلم أو كافر وليس هناك حاجز زمني في تراكم الثروات، في لحظات يجعل الله من يختاره أغنى أغنياء الأرض وفي لحظات يقرر الله عز وجل أن يسحب تلك الثروات؛ إنها إرادة المولى عز وجل. 



ومن ضمن العجائب أن قارون أوتي من الكنوز وليس كلها وكان هذا الجزء تعجز العصبة من الرجال على حمل المفاتيج فما بالنا بتلك الكنوز، كم تبلغ من قيمة والأمر الآخر لو كان الله أعطاه الكنوز كم سيحتاج من رجال لحمل تلك المفاتيح !!!


للمال قوة علي النفس إن لم يكن لديك السيطرة على نفسك تحكم فيك المال وأصبح هو الذي يقودك إلى كافة الأمراض النفسية ومنها مرض العظمة حين كان يخرج قارون في موكب إظهار الثراء العرض الحقيقي لم يكن يعرض ثراؤه الذي يوقن أنه حصل عليه ناتج نفسه وليس منه أو هبة من الله. 


قارون كان يظن أنه يعرض ملابسه الزاهية ودوابه الفتية ومفاتيح كنوزه وعبيده وكوكب الغنى وعطوره غالية القيمة التي تفوح في أرجاء المكان ولكن المظهر الحقيقي لهذا العرض هو عرض أمراضه النفسية التي تمكنت منه وأصبح عصي على العلاج مهما حاولوا معه قومه ونصحوه بعدم الفرح والتخلي عن الغرور والكبر كانت تلك النصائح هي الجرس الأخير والإنذار النهائي مرحلة قبل الخسف ولكن هيهات هيهات لقد تمكن المرض ومحال عليه العودة فالخسف الخسف. 


قارون كان يظن أن الدنيا أصبحت ملك يده لن يتغير اليوم سيظل في حالة ثبات ولن يمرض ولن يفقر ولن ينتهي لذلك حين يتمكن المال من صاحبه ويكون الإنسان غير مجهز نفسيا وداخليا للمال يصبح المال له صوت وكلمة عليا علي الإنسان المصاب بحالة الغنى المفاجئة هنا يصاب بتلك الحالة حالة الغرور والكبر وعدم إرجاع نعمة المال إلى الله عز وجل ويصاب بحالة هوس، هوس المال وهوس عرض ممتلكاته ويردد كلمة أنا أنا لولا عقلي ولولا خططي. 



نظرة المجتمع 


أغلب الناس في المجتمع أو من يعيشون بالقرب من أغنياء يتمنون حياتهم ولا يعرفون ما ستديره الأيام لهؤلاء الأغنياء وما أعد الله لهم من عقاب الكل يظن أن هؤلاء الأغنياء منعمون صباحا ومساءا ولا يعلمون أن الإنسان بمكوناته وأجهزته التي صنعها الله عزوجل لايمكن أن يكون سعادتها بالمال لكان الله أتاحه لكل الناس فالله هو العدل والقلب له سعادة وسعادته في الإيمان والروح لها سعادة وسعادتها بالإيمان والجسد يكفيه أي طعام وليس هناك شرط يشرطه عليك الجسد به. 


العاقل هو من يكون علي استعداد في أي وقت للغني يرجع الفضل لله وحده مالك الملك يعطي للفقراء والمحتاجين نصيبهم غير منقوص بغير كبر ولا منه بتواضع.


قصة قارون أعطت علامات لابد أن نستفيد بها ونحن سائرين إلى الله عز وجل في رحلة السفر إليه لابد أن نحمد الله عز وجل في كل النعم التي نعيش فيها الظاهرة لنا والغير ظاهرة التي نعلمها والتي لا نعلمها ولابد أن ندرك أن الله عظاؤة كثير ولايتوقف ولكن عطاء بحكمة ينظر إلينا، ماذا سنفعل بتلك الثروات إن أعطانا الله منها؟! 


نظرتنا إلى الأغنياء لابد أن تتغير لابد أن تكون نظرة عبرة وليس نظرة فيها أي شيء من الدنيا الله عز وجل هو الوهاب وهو القادر علي كل شئ علينا أن نسعي ونجتهد ونراقب أنفسنا لانتكبر بل نتواضع ونتباسط علي الأرض حتي نكون سعداء الأرض وسعداء الآخرة بإذن الله تعالى.