 (1).jpg)
أسامة داود يقدم كشف حساب 9 سنوات: مراكز القوى وتجريف القيادات والطاعنون فى السن .. ثالوث قطاع البترول ( ١ )

تاريخ قطاع البترول لم يشهد كبوات مثل ما شهده خلال وزارة الملا
مراكز القوى أوهنت كيان القطاع وجرفته واستبعدت العناصر الشابة ذات الكفاءة
المواقع القيادية يتم تسكينها بأنصاف الموهوبين وأصحاب الواسطة والمحسوبية ومن تخطو السن
مراكز القوى تمددت فى القطاع نتيجة لضعف القيادة فيه
احتفالات بوصول إنتاج الغاز إلى ذروته وتزايد احتياطياته لنستيقظ على أزمة قطع الكهرباء
تصريحات الوزير ليست كلها صحيحة وأشبه بضمادة تكسو جروحًا معبأة بالصديد
هناك من تسلق سلم الترقيات بحركات بهلوانية قبل انتهاء المدة البينية
عقود العمل المؤقتة يجب أن لاتزيد على مدة محددة وبعدها يتم التثبيت
مهندسون وفنيون يتحملون كل المشاق فى الحقول يتعرضون للرسوب الوظيفى
شركات توريد العمالة تحولت إلى سبوبة تنتزع عَرَق العاملين بالقطاع
بعد ما يقرب من 9 سنوات على تولى المهندس طارق الملا مهام وزارة البترول وتحديدًا يوم 19 سبتمبر 2015، فإن السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا قدم الرجل خلال تلك الفترة؟
سأحاول الإجابة عبر آلية ما له وما عليه ، وحتى يتم ذلك وعبر العدالة يجب علينا أن نطرح واقع قطاع البترول.. كيف تسلمه؟ وإلى أى مدى وصل به؟
أتحدث بالأرقام والمعلومات والوقائع وعبر مستندات ووثائق وليس بالهوى أو باستخدام طنين البيانات الصحفية التى ليست سوى أسطر وكلمات تم رصها بأسلوب تستيف ربما كان تناقضها اعتمادًا على أن الذاكرة لن تحتفظ بما كان يسطر فى محاولة تجميل الصورة والتستر عبر عملية ماكييرات مبتدعة للظهور بصورة غير حقيقية.
الم يكن انتاجنا من الزيت الخام فى 2015 يقترب من 700 ألف برميل والآن أقل من 450 ألفا؟ .. ألم يكن انتاج الغاز الطبيعى تجاوز بكثير 7.2 مليار قدم مكعب يوميا والآن أقل من 5 مليار رغم دخول حقل ظهر للإنتاج ؟.
أتحدث اليوم عبر وقائع أسردها من خلال تسجيل يومى لكل ما كان يحدث بالقطاع وعبر عشرات المقالات كتبتها خلال السنوات الماضية تمثل تسجيلاً لأحداث ووقائع ومعلومات مسندة بالأدلة والبراهين.
الحقيقة أن قطاع البترول لم يشهد فى تاريخه من الكبوات مثل ما شهده خلال مرحلة المهندس طارق الملا، حيث تحول إلى قطاع يدار عبر وسائط مسيطرة على القرار فى القطاع من خلال عناصر إدارية ولكن دون مهارات من أمثال إبراهيم خطاب الذى استحوذ خلال مرحلة تواجده بوزارة البترول على كل مقاليد العمل وأصبح هو الحاكم بأمره، وبعد خروجه للتقاعد بتاريخ 8 ديسمبر 2022، تم استعادته وتدويره من جديد ليقطن بنفس الموقع ويتملك كل مفاصل القطاع بما يشبه مرض السكرى فى الجسد.
فقد أوهن كيان قطاع البترول وقام بالتنكيل بالعديد من قيادات القطاع لدفعها للاستقالة منهم عباقرة مثل طارق الحديدى وعمرو مصطفى.. وآخرون تم استبعادهم من مواقعهم بعد أن لمع نجمهم رغم كفاءتهم منهم محمد المصرى ومحمد الشيمى.
وآخرون تم التنكيل بهم دون سبب ومنهم إيهاب زهرة ومحمود الشابورى وإيهاب مبروك وعصام شاهين وخالد حمدان وآخرون يصعب حصرهم.
ألا يمثل كل ذلك تجريفا واستبعادا للعناصر الشابة ذات الكفاءة، الأمر الذى أدى إلى هجرة العديد من القيادات بعدما وجدت أن المواقع القيادية فى القطاع يتم تسكينها وشغلها عبر أنصاف الموهوبين والمدفوعين بقوة الواسطة والمحسوبية الا القليل ، حتى إن هناك من تسلق سلم الترقيات بحركات بهلوانية كانت تقفز من ترقية إلى ما بعدها قبل انتهاء المدة البينية ، بينما هناك مهندسون وفنيون يتحملون كل المشاق فى الحقول تحت وهج شمس الصحراء التى تذيب الحديد من شدتها وفى زمهرير شتاء ووسط أعاصير فوق منصات على بعد كيلومترات فوق سطح البحار يعملون ليل نهار ويعيشون على الوجبات الجافة ويحيون حياة قاسية، كل ذلك للدفع بمعدلات الإنتاج إلى الأمام، ولكن يتم ترك معظمهم يتعرضون للرسوب الوظيفى ويتخطاهم من يجلسون من الإداريين بدواوين الوزارة وشركاتها القابضة والتابعة وهيئة البترول وظيفيًا.
ألم يكن من السنن السيئة التى حصدها قطاع البترول عبر مراكز القوى التى تمددت فى القطاع ونتيجة لضعف القيادة الأكبر - وهى هنا الوزير- أن يتم منح الإداريين وغيرهم من الوظائف المكتبية درجات مساعدى ونواب ورؤساء شركات للعناصر الإدارية، بينما هناك رؤساء الشركات لا يتجاوز الكثير منهم موقع مدير عام أو مساعد منتدب يوضع على كاهله كل المسئوليات الجسام، ويبقى معرضًا لقرارات يمكن أن تعيده إلى موقع مجهول بالقطاع فى حالة ألا يخضع لتعليمات الإداريين بالوزارة من أمثال إبراهيم خطاب سابقًا وتلميذه أحمد راندى حاليًا.
أتحدث عن مواقع يتم شغلها بعناصر طاعنة فى السن منهم هشام لطفى الذى شغل موقع وكيل وزارة البترول للشئون القانونية لسنوات طويلة ثم تم التجديد له من سنوات ليقبع فى موقع كل مؤهلاته أنه من الفئة التى تحكم قبضتها على الوزير وبالتالى تخضع قطاع البترول كله - وهو القطاع الاقتصادى الأول فى الدولة المصرية - لتصرفات هوجاء، الأمر الذى أفقد القطاع قدرته على تحقيق النتائج المرجوة ولم نحصد على مدار سنوات سوى بيانات صحفية على طريقة رتق الثقوب فى الثوب البالى لتجميل واقع غير مريح، لنجد أنفسنا الآن وبعد الاحتفالات التى أقامتها وزارة البترول والقابضة للغازات الطبيعية خلال السنوات الماضية عن وصول إنتاج الغاز إلى ذروته وتزايد احتياطياته والدفع بتصدير الغاز عبر شحنات إسالة، نستيقظ على أزمة إخفاق القابضة فى تلبية احتياجات الدولة من الغاز الطبيعى لنجد هناك تناوبًا فى قطع الكهرباء عبر ما يسمى بالتخفيف وتوقف عجلة الإنتاج من المصانع لتنزل بطاقتها الإنتاجية بمعدل الربع وأكثر.
ألم يكن هذا نتاجًا طبيعيًا لاستحواذ مراكز القوى بقطاع البترول على كل مفاصل القطاع وتكسيحه عبر قرارات معظمها غير مريح ، حتى إن المعلومات التى كانت تتضمنها تصريحات الوزير والتى ترد إلينا عبر بيانات لم تكن كلها صحيحة وكانت أشبه بضمادة تكسو جروح معبأة بالصديد.
أتحدث عن مراكز قوى أوقفت التعيينات إلا عبر شركات مقاولات أصبحت تورد العمالة الفنية بقطاع البترول من مهندسين وإداريين على طريقة عمال التراحيل حيث يتم تفتيت الأجر عبر وسطاء وهم مقاولو باطن ليصل أجر العامل أو الفنى يوميًا إلى 100 جنيه و200 جنيه للمهندسين المتخصصين فى البحث والاستكشاف وإنتاج وتكرير البترول على أن يقتصر دفع هذا الأجر عن أيام العمل الفعلية بينما النسبة الأكبر يتم اقتسامها بين شركات توريد العمالة التى تم تأسيسها ــ كما قُلت ــ عبر وسطاء ربما لهم علاقة بمراكز القوى بالقطاع لتتحول إلى سبوبة تنتزع عرق العاملين وتحيلها إلى أرقام فى حسابات تلك الشركات، وهو ما قوض المعنى الحقيقى للانتماء، لأن العمالة التى يتم توريدها تكون عليها واجبات وليس لها حقوق، بينما أبناء الطبقة المستريحة يتم تعيينهم وقد يكونون أنصاف موهوبين أو عديمى الموهبة والخبرة بعقود عمل تثبيت ليصبح لهم كل الحقوق وليس عليهم أى واجبات ليتحول قطاع البترول إلى مجتمع يسىء لتاريخ الحركة العمالية فى مصر حتى إن رئيس النقابة العامة بقطاع البترول عندما سألته قال تقدمت بمذكرة للوزير بألا تزيد عقود العمل المؤقتة على 5 سنوات يتم التثبيت بعدها.
إلا ان مدة ال 5 سنوات تمتد إلى ما لا نهاية رغم عدم عدالة تلك المدة .. وأيضًا ربما تأتى ويكون قد تم التخلص من تلك العمالة لأنهم لا حق لهم باعتبارهم أبناء البطة السوداء، وتبقى كل الحقوق لأبناء الذوات الذين يتم تثبيتهم منذ اليوم الأول لعملهم ويتنقلون بين شركات القطاع على حسب هواهم لحصد كل المزايا من كل شركة وعلى طريقة اقتطاف الثمار اليانعة من كل شجرة والانتقال لما بعدها.
كل ما ذكرته من نقاط يمكن سرد معلوماتها عبر صفحات كثيرة وليس سطورا.. كما تتوافر لدى الكثير من الوقائع التى لاحصر لها من اخفاقات وتجاوزات ولكن المجال لا يتسع لسردها الآن.
هذا جزء من كل من نتائج أداء قطاع البترول خلال سنوات الوزير المهندس طارق الملا.