
موعد حصول مصر على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد

أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولى على
المراجعة الثالثة فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي تعد «شهادة ثقة» فى برنامج
الحكومة المصرية بما يتضمنه من إصلاحات ومستهدفات مالية واقتصادية، و«رسالة طمأنة»
أيضًا تعكس قدرة الاقتصاد المصرى على تعزيز الاستقرار الاقتصادى وتحقيق المستهدفات
المالية والتنموية وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، موضحًا أننا نتوقع الحصول على
الشريحة الثالثة من برنامج الإصلاح الاقتصادي بقيمة 820 مليون دولار خلال الأيام
المقبلة.
قال الوزير، بعد موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولى على المراجعة
الثالثة فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، إن المالية العامة للدولة أظهرت
تماسكًا ومرونة فى مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية المرتبطة
بالتوترات الجيوسياسية وما يتصل بها من تداعيات سلبية تمتد لارتفاع أسعار السلع
والخدمات فى موجة تضخمية حادة نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، وزيادة
تكاليف التمويل، واستمرار حالة عدم التيقن فى الأسواق الدولية.
وأضاف الوزير، أن الحكومة المصرية استطاعت تحقيق مؤشرات جيدة لأداء
الموازنة خلال العام المالي الماضي، وبدأت العام المالى الحالى بمؤشرات طموحة رغم
الضغوط الاقتصادية والظروف الخارجية غير المواتية التى تؤثر على الوضع الاقتصادي
المحلى، لافتًا إلى أننا ملتزمون بالعمل المتواصل على خفض معدل وأعباء الدين
للناتج المحلي فى المدى المتوسط وفق استراتيجية متكاملة.
أشار الوزير، إلى أن السياسات المالية تستهدف خلق مساحات كافية لزيادة
الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وتخفيف الأعباء عن المواطنين،
موضحًا أننا مستمرون فى الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية والتصحيحية حتى يقود القطاع
الخاص قاطرة التنمية والنمو الاقتصادي، حيث نستهدف تحسين مناخ الأعمال والمنظومة
الضريبية والجمركية لتنشيط التدفقات الاستثمارية للقطاع الخاص وتعزيز مساهماته فى
الاقتصاد المصرى.
وكان المجلس
التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد أعلن أمس 29 يوليو 2024 ، المراجعة الثالثة
للاتفاق الممدد المبرم مع مصر في إطار «تسهيل الصندوق الممدد»، مع السماح للسلطات
بسحب ما يعادل 820 مليون دولار تقريبا (618,1 مليون وحدة حقوق سحب خاصة).
ويأتي هذا
القرار بعد تحقيق مصر تقدماً ملحوظاً في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم
من الصندوق، والذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو المستدام، إذ
أكد المجلس التنفيذي للصندوق في بيانه أن تلك الإصلاحات التي نفذتها الحكومة
المصرية أثمرت عن تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل انخفاض التضخم وتراجع عجز
الموازنة وزيادة الاحتياطيات الأجنبية.
وأشار صندوق
النقد في بيانه، إلى أن الأوضاع الاقتصادية الكلية في مصر بدأت في التحسن منذ
الموافقة على المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج في مارس، إذ تتراجع الضغوط
التضخمية تدريجياً، وتم القضاء على نقص النقد الأجنبي، وتحقيق الأهداف المالية بما
في ذلك تلك المتعلقة بالإنفاق من خلال مشاريع البنية الأساسية الكبيرة.
وقال الصندوق،
إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية، وما نجم عنها من تحسينات بدأت في
إحداث تأثير إيجابي على ثقة المستثمرين ومعنويات القطاع الخاص، مضيفًا أنه «في
الوقت نفسه، فإن البيئة الإقليمية الصعبة الناجمة عن الصراع في غزة وإسرائيل
والتوترات في البحر الأحمر، فضلاً عن التحديات السياسية والبنيوية المحلية، تدعو
إلى الاستمرار في تنفيذ التزامات البرنامج.»
يذكر أن المجلس
التنفيذي للصندوق كان قد وافق في مارس الماضي على استكمال المراجعتين الأولى
والثانية لبرنامج مصر، كما وافق على زيادة الموارد المتاحة من خلال البرنامج
الأصلي بحوالي 5 مليارات دولار ليصل حجم القرض إلى 8 مليارات دولار، وإتاحة
الشريحة الثانية التي تقدر بما يعادل 820 مليون دولار تقريبا (618,1 مليون وحدة حقوق
سحب خاصة).
وأكد أن الحفاظ
على نظام سعر صرف مرن ونظام صرف أجنبي محرر سيكون أمراً ضرورياً لتجنب تراكم
الاختلالات الخارجية، مضيفًا أن هناك حاجة إلى نهج قائم على البيانات من جانب
البنك المركزي لخفض التضخم وتوقعات التضخم.
وذكر أن جهود
ضبط الأوضاع المالية الجارية سوف تساعد في وضع الدين العام على مسار هبوطي حاسم،
مشيرًا أنه «لضمان استمرار توافر الموارد لتلبية احتياجات الإنفاق الحيوية لمساعدة
الأسر المصرية، بما في ذلك الصحة والتعليم، سوف يكون هناك حاجة إلى اهتمام خاص
بتعزيز تعبئة الإيرادات المحلية واحتواء المخاطر المالية الناجمة عن قطاع الطاقة،
وسوف يساعد هذا أيضا في توليد بعض الحيز المالي لتوسيع الإنفاق الاجتماعي لدعم
الفئات الضعيفة.»
ولفت الصندوق
إلى أنه في حين تم إحراز تقدم في بعض الإصلاحات الهيكلية الحاسمة، هناك حاجة إلى
جهود أكبر لتنفيذ سياسة ملكية الدولة.
وأوضح أن هذه
التدابير تشمل تسريع برنامج التخارج، وملاحقة الإصلاحات لتبسيط اللوائح التجارية
لإنشاء شركات جديدة، وتسريع ممارسات تيسير التجارة، وخلق “مجال تنافس متساو” يتجنب
الممارسات التنافسية غير العادلة من قبل الشركات المملوكة للدولة. وينبغي أيضا
تعزيز مرونة القطاع المالي وممارسات الحوكمة والمنافسة في القطاع المصرفي من
الأولويات الرئيسية، وهذه التدابير حاسمة لتوجيه مصر نحو النمو الذي يقوده القطاع
الخاص والذي يمكن أن يولد فرص العمل والفرص للجميع.
وفي ختام مناقشة
المجلس التنفيذي، قالت أنطوانيت مونسيو ساييه، نائبة المدير العام والرئيسة
بالإنابة: «الإصلاحات المعززة في إطار البرنامج المدعوم من تسهيل الصندوق الممدد
تسفر عن نتائج إيجابية، فقد أدى توحيد سعر الصرف وتشديد السياسة النقدية المصاحب
له إلى الحد من المضاربة في السوق الموازية، وجلب التدفقات الأجنبية، وخفف من
ارتفاع الأسعار، ومع ظهور علامات التعافي في المعنويات، ينبغي أن يكون نمو القطاع
الخاص على استعداد للانتعاش.»
وأضافت: «من
المتوقع أن تساعد إعدادات السياسة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي. ومن
شأن التحول المستدام إلى نظام سعر الصرف المرن ونظام الصرف الأجنبي المحرر،
والاستمرار في تنفيذ موقف السياسة النقدية الصارمة، والمزيد من ضبط الأوضاع
المالية إلى جانب التنفيذ السليم للإطار لمراقبة الاستثمار العام والسيطرة عليه أن
يدعم التوازن الداخلي والخارجي. كما أن تخصيص جزء من التمويل من صفقة رأس الحكمة لتراكم
الاحتياطيات وخفض الديون يوفر وسادة إضافية ضد الصدمات.»
وتابعت: «بالنظر
إلى المستقبل، فإن تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي هو المفتاح لتحقيق نمو أكثر شمولاً
واستدامة، إذ إن الإصلاحات التي تعزز الإيرادات الضريبية، وتوفر استراتيجية أكثر
قوة لإدارة الديون، وتجلب موارد إضافية من التخارج إلى خفض الديون من شأنها أن
تخلق مساحة للإنفاق الأكثر إنتاجية، بما في ذلك الإنفاق الاجتماعي المستهدف
الإضافي.»
ونوهت إلى أن
«استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف، بما في ذلك أسعار الوقود
بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025، أمر ضروري لدعم التوفير السلس للطاقة للسكان والحد من
الاختلالات في القطاع. إن تعزيز حوكمة البنوك المملوكة للدولة، وتعزيز سياسة ملكية
الدولة، وزيادة الشفافية المالية، وتسوية الملعب الاقتصادي أمر بالغ الأهمية
لتأمين المزيد من الاستثمار الخاص.»
وأكدت أنه «لا
تزال المخاطر كبيرة والصراعات الإقليمية
وعدم اليقين بشأن مدة انقطاع التجارة في البحر الأحمر تشكل مصادر مهمة للمخاطر
الخارجية.»
وأوضحت أن «الحفاظ
على السياسات الاقتصادية الكلية المناسبة، بما في ذلك نظام سعر الصرف المرن، من
شأنه أن يساعد في ضمان الاستقرار الاقتصادي، إذ إن التقدم بشكل هادف في برنامج
الإصلاح الهيكلي من شأنه أن يحسن بشكل كبير من آفاق النمو. كما أن إدارة استئناف
تدفقات رأس المال بحكمة ستكون مهمة أيضًا لاحتواء الضغوط التضخمية المحتملة والحد
من مخاطر الضغوط الخارجية المستقبلية.»