أسامة داود لوزير البترول : برنامجك بتكليف الشباب بمعاونة رؤساء الشركات طموح . ولكن انتبه
لاتجعله قاصراً على منح المزيد من المزايا لأبناء الأكابر والذوات وأهل الواسطة والمحسوبية
لاتتجاهل رجالك الذين يواصلون العمل تحت أشعة الشمس الحارقة وفى زمهرير البرد القارس
إن تم تطبيقه كما يجب سيعيد قطاع البترول إلى سابق عهده فى زمن العمالقة عز الدين وقنديل
البرنامج المشابه في 2016 لم يثمر إلا حالة تصحر القطاع بالقيادات وتهميش العنصر البشرى
هناك مهندسون وفنيون وإداريون وقانونيون باليومية ولهم الحق فى ضمهم لبرنامجك الجديد
أدعوك لدراسة حالة الغلابة ومنحهم الأمان بعقود عمل تضمن لهم ما لأترابهم من أهل الواسطة والمحسوبية
يتقاضون أجرًا لا يغطى تكلفة مشروب يتناوله أحد رجال الحاشية فى الكافيهات التى يرتادونها كل مساء
برنامج تطوير الموارد البشرية السابق كان مجردًا من أى إنجاز إلا إنفاق ما يقرب من نصف مليار جنيه ولم يثمر شيئًا
الملا جاء للقطاع مدججًا بفريق عمل كان وراء تقويض الخبرات وتفكيكها
العبقريات كانت في زمن الوزير السابق تتوارى خوفًا من وصول سيوف الاستبعاد والتهميش أو التنكيل والتجميد إليها
عنوان عريض عن الاهتمام بالاستثمار فى الثروة البشرية أطلقه المهندس كريم بدوى وزير البترول أمس الإثنين 23 سبتمبر 2024 .. البيان يستحق الاهتمام ولكن ليس عبر التأسيس على ما تم منذ 8 سنوات عبر القرار 1718 لسنة 2016 والسبب أن التأسيس على ما تم منذ 8 سنوات كمن يسعى خلف سراب يظنه الظمآن ماء.
وإليكم نص البيان الذي يرتبط ببرنامج يتم إعادته إلى الحياة بعد سنوات من موته.
انطلاقًا من رؤية وزارة البترول والثروة المعدنية وإيمانها الراسخ بأهمية الثروة البشرية واستكمالًا لمسيرة تحديث قطاع البترول المصرى يما يتسق مع استراتيجية مصر 2030 وعملاً على ضمان استمرارية جهود التطوير والتحديث على صعيد كافة أنشطة القطاع، لاسيما فيما يخص الموارد البشرية التى تمثل عنصرًا مهمًا ومحركًا للتنمية الشاملة والمستدامة، تعلن وزارة البترول عن المرحلة المتقدمة من برنامج القيادات الشابة والمتوسطة ، إذ تنشد البناء على ما تحقق من مكتسبات فى مراحل البرنامج السابقة بمزيد من الاستثمار فى الثروة البشرية ضمن عملية تطوير وتعليم ديناميكية مستمرة لا تتوقف.
قبل أن نبدأ فى تحليل باقى البيان، يتبادر السؤال : أى مرحلة متقدمة تكون وما هى المرحلة التى سبق البناء عليها؟ هل على كفاءات تم استبعادها أم على شباب تم تهميشه من مهندسين وفنيين وإداريين وقانونيين يعملون منذ سنوات تصل إلى 8 سنوات رهن أجر يومى دون أى حقوق تؤمن حياتهم وحياة أسرهم وتركهم يمتد بهم العمر وهم يتقاضون أجرًا لا يغطى تكلفة مشروب يتناوله أحد رجال الحاشية القاطنين فى ديوان عام الوزارة فى الكافيهات التى يرتادونها كل مساء تقريبًا؟
ويستكمل البيان كلماته المفعمة بالتفاؤل ليقول :
ضمن عملية تطوير وتعليم ديناميكية مستمرة لا تتوقف: أكدت وزارة البترول فى بيان لها أنها تبدأ المرحلة المتقدمة من برنامج القيادات الشابة بإطلاق مشروع الملازمة (Work Shadowing) بين القيادات وما لديها من خبرات وبين شباب البرنامج وما لديهم من قدرات ومهارات وذلك من خلال تمكين خريجى البرنامج وتكليفهم بمهام معاونى رؤساء مجالس الإدارات بشركات القطاع المختلفة خلال فترة مشروع الملازمة والتى تستمر ١٨ شهرًا، بما يضمن نقل الخبرات والحفاظ على الاستمرارية مع تطوير كفاءات ومهارات الصفين الثانى والثالث من القيادات فى إطار الشفافية والنزاهة وذلك مع الالتزام باتباع أعلى معايير التطوير المهنى والتدريب العملى لتمثل تلك المعايير مرجعية شاملة لقطاع البترول المصرى الغنى بالكفاءات.
نعم هذا الجزء من البيان يمثل رؤية حقيقية لو أردنا النهوض بقطاع البترول من كبوته واستعاضته عمن خسرهم القطاع ومن تجريفهم ومن نُكل بهم وهو اتجاه - إن تم تطبيقه كما يجب - فسوف يعيد قطاع البترول إلى سابق عهده فى زمن العمالقة أحمد عز الدين وعبد الهادى قنديل والبنبى وسامح فهمى بضمان عدد من المستويات الوظيفية القيادية التى تحقق للقطاع استمراريته فى سلسلة من الخبرات التى تتراوح ما بين 5 و30 عامًا، وهو ما كان متعارفًا عليه فى قطاع البترول وظل مستمرًا وفى حدود آمنة قبل أن يصل المهندس الملا إلى قطاع البترول مدججًا بفريق عمل كان وراء تقويض تلك الخبرات وتفكيكها والوصول بالقطاع إلى مرحلة لا يُحسد عليها ، فكانت العبقريات تتوارى خوفًا من أن تصل إليها سيوف الاستبعاد والتهميش أو التنكيل والتجميد.
ولكنى أختلف مع بيان الوزير فيما يتحسسه بكلمات بدأها بعبارة استكمالاً لمسيرة تحديث قطاع البترول المصرى بما يتسق مع استراتيجية مصر 2030.
وهنا نستحضر روح برنامج تطوير الموارد البشرية والتنمية الإدارية بقطاع البترول والتابع للقرار الوزارى رقم 1718 لسنة 2016 وهو ضمن حزمة البرامج التى مر عليها 8 سنوات بالتمام والكمال ولم تثمر إلا حالة تصحر شهدها قطاع البترول فى القيادات وتم تهميش العنصر البشرى وأشير إلى أن ما تضمنه البرنامج وقتها والذى يستند عليه الوزير حاليًا فكان يتحدث عن دراسة الطرق المتبعة حاليًا- يقصد وقت تطبيق هذا البرنامج منذ 8 سنوات - لدى شركات قطاع البترول فى كل ما يخص الكوادر البشرية (التعيين، التقييم، التحفيز، التدريب، تحديد الكوادر المتميزة وتنمية مهاراتهم) وما يستلزمه القطاع لتنمية هذه الكوادر وتقديم خطة شاملة لإدارة الكفاءات والتنمية الإدارية بالقطاع.. هذا ما تضمنه البرنامج والذى أسند حسبما تؤكد الأوراق الممهورة بتوقيع إبراهيم خطاب رئيس الإدارة المركزية للاتصالات وقتها إلى 14 قيادة من الشركات القابضة التابعة وشركات الإنتاج بقطاع البترول.
وهو ما يؤكد أن ما حدث كان مجردًا من أى إنجاز إلا إنفاق ما يقارب نصف المليار جنيه بالعملة الصعبة ولم يثمر شيئًا وإلا ما كان قطاع البترول قد وصل به الأمر إلى ألا تجد القيادة السياسية على السطح من يصلح لتولى أمر الوزارة وهو ما دفعها لتعيين وزير من خارج القطاع ولأول مرة فى تاريخه.
أتحدث بصدق ، فلو استند المهندس كريم بدوى على "ماضٍ تولى" لكان كمن يفترش الماء مجلسًا وكمن يسعى وراء السراب بهدف الارتواء، وكمن يتدثر بالسحاب غطاءً.
أتمنى أن يبدأ بعيدًا عن تلك المرحلة التى لو أردنا تقييمها واستدعينا شهودها وأعضاء لجانها عن حقيقة ما حدث لقالوا أنهم لم يسمح لهم بتنفيذ الهدف البراق؟
وكيف يتم الاستعانة بالشباب فى مواقع معاونى رؤساء الشركات بينما آلاف الأكفاء منهم يعملون باليومية فى مواقع العمل بشركات الإنتاج ولن أقول بشركات المشروعات، وإن كان لهم حق أيضًا فى التثبيت؟ وأين هم؟ ولو كان حدث ، لماذا تم التنكيل ببعض أعضاء تلك اللجنة وتجميدهم حتى الآن داخل مكاتب لا يسمح لهم بالمشاركة فى الإنتاج بل وتجاهل ما يقدمونه من رؤى؟!
أقول للمهندس كريم بدوى رؤيتك تستحق التنفيذ ، ولكن يجب أن تستند على حقيقة ما يجرى فى القطاع ، وكما قلت لك عبر رسائلي التسعة التي كتبتها ووجهتها لك ناصحا ، سوف تجد الشباب الممنوع من التعيين والواقف على أعتاب الشركات يعمل ليلاً ونهارًا من مهندسين وفنيين وإداريين وقانونيين وجميعهم يعملون باليومية.. هؤلاء لهم الحق فى أن يتضمنهم برنامجك الطموح؟ وكيف لهذا البرنامج أن يرى النور بينما هؤلاء لم يتم تعيينهم ولم يتم الاعتراف بحقوقهم؟ أم يقتصر البرنامج على منح المزيد من المزايا لأبناء الأكابر والذوات وأهل الواسطة والمحسوبية؟
أتحدث عن رجالك الذين يحملون القطاع على أكتافهم ويواصلون الليل بالنهار تحت أشعة الشمس الحارقة وفى زمهرير البرد القارس وهم يتقاضون يومية ربما لا تتجاوز خلال الشهر ثمن وجبة غذاء فى أحد المحلات البراقة؟
أدعوك لأن تدرس حالة تلك الفئات من العاملين باليومية وأن تمنحهم الأمان بعقود عمل تضمن لهم ما لأترابهم من أهل الواسطة والمحسوبية ووقتها سوف تصنع من هؤلاء الرجال قيادات لأنك تكون قد نجحت فى جعلهم ينتمون بحق ودون زيف أو غُبن لقطاع البترول الذى يستحق أن ينتقل من حالته التى تشهد عليها إنتاجيته المتراجعة إلى الحالة التى كان عليها وقت العمالقة.