الإثنين ٢٤ / مارس / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا التحرير
×

أسامة داود يواصل حملته: بيع ميدور.. ثقب بجدار الأمن القومى للطاقة بمصر (4)

أسامة داود يواصل حملته: بيع ميدور.. ثقب بجدار الأمن القومى للطاقة بمصر (4)

 إنشاء معمل مماثل لأهم وأخطر منشأة لتكرير البترول في مصر يحتاج 8 مليارات دولار

هناك تعمد لإخفاء عدد من الحقائق عن متخذ قرار البيع ومنها أهميته الاستراتيجية  

 كيف يمكن التصرف إذا رفض المستثمر المتربص بيع إنتاج المعمل لهيئة البترول؟ 

هل يجرى على ميدور ما جرى لإيثيدكو وإيلاب والحفر المصرية؟

هناك فارق بين استثمار قائم يحقق إنتاجًا وعائدًا ولديه سوق يمتص كامل إنتاجه وآخر في علم الغيب؟

يقع على ميناء وأهم مصدر للخام فى العالم

هل يخطط لميدور بعملية تقييم مجحفة على طريقة إيثيدكو وإيلاب؟


بعد أن حذرت في مقالين سابقين الأول بعنوان اتركوا ميدور.. فالحارس الأمين لا يُباع ولا يُشارك فيه أحد بتاريخ 17 ديسمبر 2024 

والثانى بتاريخ 20 يناير الماضي بعنوان كله إلا «ميدور» ومن قبلها وقت أن أعلنت الحكومة عن صفقة بيع عدد من شركات البترول كتبت فى نفس المكان بتاريخ 19مارس 2018 محذرًا من أن بيع ميدور وأخواتها كارثة اقتصادية.. فإنني أواصل التحذير من أن وضع ميدور على قائمة التخلص من الشركات الوطنية التي تمس الأمن القومى للدولة المصرية يمثل جريمة، ليس لفكرة البيع فقط التي إن حدثت سوف تصنع ثقبًا في جدار الأمن القومى للطاقة في مصر.. ولكن أيضًا لوجود تعمد على ما يبدو لإخفاء عدد من الحقائق عن متخذ قرار بيع معمل ميدور ومنها حقيقة الاستثمارات التي ضخت فيه وقيمتها حاليًا إذا ما قررنا إنشاء معمل مماثل له الآن ليدخل حيز الإنتاح بعد 5 سنوات يستغرقها إنشاؤه.

حيث يتمدد ميدور على مساحة 500 فدان فوق ربوة بمنطقة برج العرب غرب الإسكندرية منذ بداية الألفية ويُعد من أحدث معامل التكرير في العالم وهو من الجيل الثالث.

كانت استثماراته وقتها تمثل 1.4 مليار دولار قبل التوسعات التي تم افتتاحها مؤخرًا، أي 60% فقط من طاقته الأساسية وابتلعت 3 مليارات دولار واستغرق إنشاؤها 3 سنوات بجانب تأثير التضخم والذى يرفع أرقام الاستثمارات المطلوبة عن كل يوم تأخير في التنفيذ بخلاف الفارق بين استثمار قائم يحقق إنتاجًا وعائدًا ولديه سوق يمتص كامل إنتاجه، وبين استثمار لا يزال في علم الغيب.

نعم يجب وضع كل تلك المؤشرات في الاعتبار إذا ما فقدت الحكومة صوابها وقررت بيع جزء مهم من كيان يؤمن الأمن القومى للطاقة في مصر.

تقييم المعمل اليوم طبقًا لرؤية خبراء الطاقة والاقتصاد في مصر لابد أن يتم على أساس الاستثمارات التي يتطلبها إنشاؤه بطاقته الفعلية اليوم وهى تكرير 160 ألف برميل من الزيت الخام يوميًا متضمنًا تكسير المازوت وتحويله إلى منتجات خفيفة من السولار والبنزين ووقود الطائرات.

وبحسبة بسيطة لتكلفة توسعة المعمل التى تمت وبعد 3 سنوات من العمل بلغت 3 مليارات دولار لتوسعات نسبتها للمعمل الأصلى 60% فقط.

وهى تكلفة لتوسعات فقط بخلاف البنية التحتية التي أنشئ عليها المعمل وأقيمت عليها تلك التوسعات من أرض وخطوط لنقل الخام إلى المعمل وأنابيب لنقل المنتجات إلى مناطق استهلاكها أو تصديرها.

وكذلك مستودعات لاستقبال الخام وتخزينه وأخرى لاستقبال المنتجات وخطوط نقلها وطرق مُعبدة وغيرها من لوجيستيات الكهرباء وخطوط الصرف والمياه بجانب موقعه الاستراتيجي الواقع غرب الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط بجوار خط نقل الخام العربى سوميد، مما يجعله أهم وأخطر منشأة لتكرير البترول في مصر بل فى العالم لوقوعها على أهم ميناء لاستقبال الخام وتصدير المنتجات.

ولو أردنا احتساب الاستثمارات التي نحتاج إليها لإنشاء مثل هذا المعمل بطاقته الحالية مسترشدين بتكلفة التوسعات الأخيرة، بخلاف الأرض التي يتمدد عليها، وموقعه الاستراتيجي الذى لا يمكن أن يتوافر لمثله من المعامل لاحتجنا 8 مليارات دولار تمثل التكلفة الاستثمارية للمعمل بوضعه الحالي، شاملًا المعمل الأصلى بجانب التوسعات التي تم افتتاحها منذ شهور.

ونسأل الخبراء كم قيمة الأرض والموقع الاستراتيجي له لقربه من أكبر خط لنقل الخام العربى من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط.. 

الجديد فى الأمر هو مستحقات معمل ميدور لدى هيئة البترول والتي تصل طبقًا لنتائج أعماله إلى 2,5 مليار دولار.

ما موقف تلك المستحقات هل تضاف إلى القيمة العادلة للمعمل والتى سوف يطالب بها المشترى بعد الوثوب عليه؟

هل يتناسى قطاع البترول إذا ما قرر بيع المعمل مستحقاته التى تصل إلى ربع مليار دولار ليلتقطها المشترى كما تلتقط الثعالب الطيور الشاردة؟

وهنا نتوقف قليلاً: هل تطرح الحكومة معمل ميدور بسعره ومستحقاته بمبلغ لا يقل عن 10,5 مليار دولار شاملة تلك المستحقات بجانب الأرض المقام عليها بقيمتها العادلة والقيمة الاستراتيجية لموقعه العبقرى ووقوعه فوق خط نقل الخام العربى سوميد بجانب الزيادة الناتجة عن التضخم وما يضاف إليه باعتباره استثمارًا قائمًا يعمل ويحقق عائدات وليس استثمارات تضخ اليوم لتدخل نطاق الإنتاج بعد عدة أعوام.

نعم أتحدث عن حقيقة معمل ميدور في مواجهة رغبة الحكومة التي لم يكن لها شرف المشاركة أو المساهمة فى إنشائه أو اختيار موقعه، ولكنها تصر على اجترار عار بيعه.

وبالتالي أضعف الإيمان إن فقدت الرؤية وتجاهلت نتائج ما يحدث وقررت البيع فعليها أن تضيف إلى ما أسلفت من أرقام حقيقية رقمًا جديدًا وهو قيمته الاستراتيجية بجانب تقييمه ماليًا.

فهل تُقدِم وزارة البترول أو الحكومة على هذا الأمر إذا ما أقدمت على بيعه؟

وما حقيقة وجود تربص بالمعمل من جهات خارجية من مستثمرين عرب وأجانب للوثوب عليه لنقل ملكيته فيما بعد إلى مستثمرين غير مرغوب فيهم؟

وسؤال إلى رئيس هيئة البترول باعتباره الممسك بجمرة تدبير المنتجات البترولية لشرايين الدولة بكل ما يتحرك تحت سمائها وفوق ترابها و بحارها: بماذا تصف عملية الإقبال على التصرف إن رفض المستثمر المتربص بالمعمل والمنتظر ظهوره بيع إنتاج المعمل لهيئة البترول وقت الأزمات؟ 

 هل يمكنك انتزاع الإنتاج رغمًا عنه؟ أم أنك سوف تكتفى بمشاهدة توقف تروس الاقتصاد القومى بسبب عدم قدرتك على تدبير احتياجاته من المنتجات البترولية؟

ما دور هيئة البترول في التقييم إذا ما اتخذ قرار البيع؟ أم عليكم الرضا بالقرار الذى يهبط عليكم كالقضاء والقدر؟

هل يمتلك قطاع البترول القدرة على إنشاء معمل مماثل لميدور؟ وكم يتكلف اليوم؟ وبعد كم عام يمكن دخوله مجال الإنتاج؟

وأخيرًا هل تكون لك اليد العليا فى عملية متابعة البيع لمستثمر رئيسى بالسعر العادل أو طرحه عبر مزايدة عالمية أو عبر بورصة الأوراق المالية، أم سوف يجرى عليه ما جرى على ثلاث شركات تمثل درر قطاع البترول والبتروكيماويات وهي إيثيدكو وإيلاب والحفر المصرية عبر عملية تقييم مجحفة وقيمة تقل عن نصف الاستثمارات التى تم ضخها فى تلك الشركات وأقل من 10% من قيمتها السوقية العادلة لتصبح صفقة ميدور قضاء وقدرًا وتمريرًا بليل عملاً بالحكمة القائلة "إذا بليتم فاستتروا"؟!