الأحد ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا التحرير
×

محمد عبداللطيف داود يكتب : عندما تصبح العلاقات عبئاً

محمد عبداللطيف داود يكتب : عندما تصبح العلاقات عبئاً

في زحام الحياة اليومية، ومع تعدد العلاقات وتشابك المصالح، قد نجد أنفسنا عالقين في دائرة مغلقة من المجاملات الزائفة والارتباطات التي لا تضيف لحياتنا سوى مزيد من الإرهاق النفسي والضغوط غير المبررة.


ومن هنا، يصبح من الضروري أن نقف للحظة لإعادة ترتيب أولوياتنا، علينا أن نضع "نقطة" ونعيد التفكير فيمن يستحق أن نكمل معه "من أول السطر".


إعادة تقييم العلاقات وترتيب الأولويات ليست رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على السلام الداخلي والتوازن النفسي.


في هذا العصر، حيث أصبحت العلاقات أشبه بالتحالفات المؤقتة، فبات من الضروري أن نراجع دائرة معارفنا، لا من باب الأنانية، بل حفاظًا على اتزاننا النفسي والاجتماعي، وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى أهمية انتقاء الصحبة الصالحة، حيث يقول الله تعالى:

"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ" (سورة الكهف: 28) وهذا توجيه إلهي بضرورة اختيار الرفقة التي تدفعنا للخير وتحافظ على نقاء أرواحنا.


يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : "لا تعرفنّ الرجل إذا غضب، فإن كل امرئ يسهل عليه تمالك نفسه حين يصفو، ولكن إذا حمِي الغضب فقد يتغير"


تلخص هذه الحكمة أهمية التريث قبل الحكم على الأشخاص ومدى استحقاقهم للبقاء في حياتنا. فهناك من يظهر ودّه وقت الرخاء، ولكن عند المحن تسقط الأقنعة، ليبقى فقط الصادقون الأوفياء.


من ناحية أخرى، قد تتدهور العلاقات أحيانًا بسبب سوء فهم نصيحة أو معروف قُدّم بنية صادقة، في النصيحة تحتاج إلى ميزان الحكمة حتى لا تأتي بنتائج عكسية.


فهناك علاقات تستنزف طاقتنا دون أن ندرك ذلك، قد تكون مع أشخاص يتسمون بالسلبية المفرطة، أو الذين يعتمدون علينا عاطفيًا بشكل مُبالغ فيه دون تقديم أي دعم في المقابل، هذه العلاقات يمكن أن تؤثر سلبًا على صحتنا النفسية وحتى الجسدية. لذلك، من المهم أن نتعلم كيفية وضع حدود صحية مع هؤلاء الأشخاص.  


   حيث انه فى ظل الوسائل الحديثة قد ينتج تحالفات مؤقتة فتصبح بعض العلاقات تعتمد على المصالح المشتركة لفترة محدودة، هذه العلاقات ليست سيئة بالضرورة، ولكن يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا ومع الآخرين بشأن طبيعتها، حتى لا نقع في فخ المفاجآت غير الواقعية.


فعلينا التوازن بين العطاء والأخذ ففي أي علاقة إذا وجدت نفسك دائمًا في موقع العطاء دون أن تتلقى أي دعم أو تقدير، فقد حان الوقت لإعادة النظر في هذه العلاقة. 

 

 ومن الأخطاء الشائعة التي نقع فيها دون قصد، المبالغة في تقديم النصائح، خاصة في الأمور التي لم يُطلب رأينا فيها، هنا يتحول القصد الحسن إلى مصدر إزعاج وربما يؤدي إلى نفور الآخرين.


فكم من شخص حاول توجيه نصيحة بصدق، لكنه وجد نفسه في مرمى الاتهامات بالتدخل في شئون غيره


والحل يكمن في اتباع نهج النبي صل الله عليه وسلم في تقديم النصيحة، فقد قال: "الدين النصيحة"، ثم قيدها بقوله: "لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"


مما يدل على أن النصيحة لها أصول وآداب، وليست مجرد كلمات تُقال في أي وقت وأي سياق.


ختامًا، فإن إعادة تقييم العلاقات ليست ترفًا بل هي درع يحمي الإنسان من التورط في روابط تُثقل روحه بدل أن ترتقي بها، فلنضع "نقطة" ونبدأ "من أول السطر"، ولكن بوعي أكبر وانتقاء أدق لمن نختار أن يحيط بنا، وكما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اعتزل ما يؤذيك".