
محمد عبد اللطيف يكتب : سيادة مصر وتصريحات ترامب .. وقناة السويس

في تصريحات مستفزة للرأي العام المصري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أوعز إلى وزير خارجيته دراسة عبور السفن الأمريكية لقناة السويس بدون رسوم.
وهي تصريحات لا يمكن وصفها إلا بالعبث السياسي وقلة الإلمام بالتاريخ والنضال الذي دفعه الشعب المصري ليحافظ على سيادته كاملة على هذا الشريان الحيوي للعالم أجمع.
تاريخ قناة السويس هو في جوهره تاريخ كفاح الشعب المصري بأسره. فمنذ أن بدأ حفر القناة في منتصف القرن التاسع عشر، سُطرت ملاحم من التضحيات، حيث فقد عشرات الآلاف من المصريين أرواحهم نتيجة العمل الشاق والظروف غير الإنسانية المفروضة عليهم آنذاك، تحت نير الاستعمار والاستغلال الأجنبي.
ومع دخول عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، جاء القرار التاريخي بتأميم القناة في عام 1956، في لحظة كانت تعبر عن الإرادة المصرية الحرة وعن حق مصر غير القابل للمساومة في التحكم بمقدراتها. ودفع المصريون مجددا ثمن هذا القرار المجيد، مواجهة للعدوان الثلاثي الذي شنته قوى كبرى على مصر دفاعا عن امتيازاتها الاستعمارية.
لم تتوقف مسيرة العطاء والسيادة عند التأميم فقط، بل جاءت معركة أكتوبر 1973 لتثبت أهمية قناة السويس ليس فقط اقتصاديا بل عسكريا واستراتيجيا، إذ عبرها الجيش المصري العظيم محققا واحدة من أكبر الانتصارات العسكرية في التاريخ الحديث، مثبتا أن هذا الممر المائي جزء لا يتجزأ من التراب المصري، دفاعا وحياة ومستقبلاً. ثم واصل الشعب المصري بناء مشروعه الوطني، حيث أُعيد تشغيل القناة بكفاءة وطنية خالصة، وبدأ التطوير المستمر على ضفتيها، مما جعلها أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني.
وفي عصرنا الحديث، استكملت مصر مشروعها الوطني بشق قناة جديدة موازية، لتسريع عبور السفن وتعزيز مكانة القناة كممر عالمي لا غنى عنه، وهو مشروع تم بتمويل شعبي كامل خلال فترة وجيزة، في ملحمة اقتصادية جديدة تؤكد أن قناة السويس ستظل دائمًا في يد المصريين وحدهم، إدارةً وتطويرًا واستفادة.
إن محاولة التشكيك أو التقليل من سيادة مصر على قناة السويس عبر تصريحات عشوائية وغير مسئولة، أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ويعكس جهلًا فاضحًا بالتاريخ وبالقانون الدولي. فمصر ملتزمة بحرية الملاحة وفق اتفاقية القسطنطينية 1888، لكنها صاحبة الحق السيادي الكامل على إدارتها، وفقًا للقانون والشرعية الدولية.
ختاما، نقولها بوضوح: قناة السويس دُفعت فيها دماء المصريين عبر الأجيال، وهي خط أحمر لا يقبل المساومة أو الابتزاز، وستبقى دائمًا تحت السيادة المصرية الكاملة، بإرادة لا تلين ولا تخضع لأي ضغوط أو تهديدات.