الخميس ١٩ / يونيو / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا التحرير
×

أسامة داود يكتب : بيان البترول عن مسح جنوب مصر إنجاز دعائي أم خطوة استكشافية ؟

أسامة داود يكتب : بيان البترول عن مسح جنوب مصر إنجاز دعائي أم خطوة استكشافية ؟





تناقضات وغموض تضمنه بيان صحفى اصدرته وزارة البترول والثروة المعدنية أمس الأول أعلنت فيه عن التعاقد مع شركة ARDISEIS Egypt لتنفيذ مسح سيزمي ثنائي الأبعاد باستخدام "تكنولوجيا النودز الأرضية لأول مرة"، لتغطية منطقتين في جنوب مصر، هما: الحوض الترسيبي غرب أسيوط وحوض الداخلة.


ورغم أن الخطوة تبدو في ظاهرها واعدة، إلا أن البيان ذاته يكشف عند التدقيق في كلماته عن تضارب في المفاهيم وغموض في التفاصيل واندفاع في التبشير بآفاق استثمارية قبل أوانها.


أول التناقضات الفجة تتمثّل في الربط بين المسح السيزمي – وهو مرحلة أولى لجمع بيانات تحت السطح – وبين تسريع وتيرة الإنتاج. من المعلوم فنيًا أن الإنتاج يأتي في نهاية سلسلة معقدة من المسح والتحليل والحفر والتقييم، ما يجعل الزجّ بالإنتاج هنا مغالطة تسويقية لا تعكس الواقع التقني.


أما حديث الوزارة والقابضة لجنوب الوادى للبترول - التى تقع المناطق المشار إليها فى ولايتها  - عن استخدام تكنولوجيا النودز لأول مرة، فهو يفتقر إلى التحديد: هل هي المرة الأولى في مصر؟ أم في جنوب الوادي فقط؟ الواقع أن هذه التقنية استُخدمت سابقًا في مناطق أخرى داخل البلاد، 


حيث تم استخدام نفس التكنولوجيا " النودز" الحديثة فى المسح السيزمى الإقليمي لمساحة 345 كم2 في يناير 2020 لشركة بترول خليج السويس (جابكو) و كذلك بدء المسح السيزمى لشركة نبتون لمساحة 100 كم2 في مارس 2020 ..وفى مناطق أخرى.

وهو ما يُضعف مصداقية التعبير  ويحوّله إلى دعاية غير مدققة.


ثم تأتي مشكلة الغموض المعلوماتي لتضع علامات استفهام أخرى: البيان لم يذكر شيئًا عن طريقة اختيار الشركة المنفذة، هل تم التعاقد عبر مناقصة؟ ومن يمول المشروع؟ وما هي تكلفة تنفيذ المسح والمعالجة؟ وما الجهة التي ستقوم بتحليل البيانات وتفسيرها؟


يُضاف إلى ذلك التبشير المبكر بأن المشروع "سيفتح آفاقًا جديدة أمام المستثمرين"، رغم أن أي نتائج استكشافية تتطلب سنوات من الدراسة والتحليل والتقييم حتى يمكن تحويلها إلى فرص استثمارية فعلية. هذا النوع من العبارات يفتقر إلى الاحترافية ويقوّض ثقة المتابعين.


المسح السيزمي خطوة ضرورية بلا شك، وجنوب الوادي منطقة تستحق الاهتمام، لكن تضخيم الإنجاز، وإغفال التفاصيل الجوهرية، وتسويق المستقبل قبل أن يُولد، كلها ممارسات إعلامية تضرّ بأهداف الوزارة أكثر مما تفيد.


كدا ولا نقول كمان