
أسامة داود يكتب: المقاهي فى الجيزة تغتصب الأرصفة والطرق تحت سمع وبصر المحليات
 (1).jpg )
زحام.. تعديات.. وصمتٌ رسمي مريب
بينما تعلن أجهزة الدولة عن حملات يومية لإزالة التعديات على أراضيها، تتعرض شوارع الجيزة لانتهاك من نوع آخر لا تقل خطورته عن التعدي على الأراضي الزراعية أو أملاك الدولة. انتهاك يحدث كل ليلة على مرأى ومسمع من الجميع: الأرصفة تُغتصب، والطرقات تُختطف، والمواطن يتيه بين "الترابيزات" وعربات المشروبات.
خلال جولة ميدانية بشوارع الهرم والطالبية والعمرانية، رصدنا مشاهد متكررة: مقاهٍ بلا تراخيص، تتمدد في حرم الطريق، وكراسي وترابيزات تحاصر العمارات من كل جانب. مشهد يشي بفوضى أقرب إلى التحصين المتعمد لهذه الأنشطة، خصوصًا مع غياب الاستجابات الرسمية لشكاوى السكان.
في أحياء مثل الطالبية والعمرانية وفيصل، تحولت الأرصفة إلى صالونات مفتوحة تديرها "مقاهٍ مخالفة" بسطت نفوذها من أسفل العمارات إلى منتصف الشوارع، وسط غيابٍ تام للرقابة، وعجزٍ أو تواطؤ من مسؤولي الأحياء.
يقول أحد سكان المريوطية: "لم يعد هناك رصيف نسير عليه، ولا نستطيع السير في الشارع، لأن الكافيهات احتلت مع الرصيف نصف الطريق، والمارة يُجبرون على السير وسط السيارات. ولو اعترض أحد، يواجه بالتهديد والمشاجرة. لا مكان للقانون في ظل تغوُّل أصحاب المقاهي."
هل هناك تواطؤ؟
المثير أن بعض هذه المقاهي مملوكة لأشخاص معروفين في الأحياء، ما يفتح باب التساؤل: هل تصمت المحليات عن هذه المخالفات خوفًا؟ أم أن هناك "تفاهمات" ضمنية تسمح باستمرار التعدي في مقابل السكوت؟
في حي الطالبية مثلًا وعلى المريوطية الرئيسى بجوار ستديو مصر ، يشير السكان إلى مقهى بعينه يقطع شارعًا بأكمله، وقد قُدّمت بشأنه عشرات الشكاوى دون أي استجابة. فما السر؟
حاولت التواصل مع مسؤولي الأحياء المعنية. البعض تهرب، وآخر - طلب عدم ذكر اسمه - قال: "عارفين بوجود مخالفات، لكن التنفيذ محتاج دعم من المحافظ، ومش كل يوم نقدر ننزل حملات.. حتى الحملات شكلية والسبب تدخلات كبار قيادات المحليات..والا لتم غلق المقاهي لأنها أيضا غير قانونية.
المواطن هو الضحية
في النهاية، المواطن هو من يُجبر على السير وسط السيارات، ويتحمل ضوضاء الليل، ويعيش وسط تلوث المكان وتكدس المرور وهو وحده من يدفع الثمن، بينما الجهات المسؤولة تكتفي بالمشاهدة أو التبرير.
ويبقى السؤال
متى تتوقف الفوضى اليومية التي تنهش فى النظام العام؟
متى تُفعّل دولة القانون على الجميع دون استثناء؟
هل تملك المحليات إرادة المواجهة، أم أن الحيتان الصغيرة باتت أقوى من القانون؟
ومتى يصبح للمواطن حرمٌ يُحترم، كما للدولة حرمٌ يُصان