د محمد عبدالرؤوف يكتب : الدم يُسفك .. والنفط يُستنزف .. والاقتصاد العالمي يترنّح بين العجز والنفاق

د محمد عبدالرؤوف يكتب : الدم يُسفك .. والنفط يُستنزف .. والاقتصاد العالمي يترنّح بين  العجز والنفاق

في تصعيد هو الأخطر منذ عقود .. اندلعت اليوم موجة عنف مباشرة بين إيران وإسرائيل بعد تنفيذ الأخيرة سلسلة من الضربات الجوية والصاروخية استهدفت منشآت عسكرية ونووية في عمق الأراضي الإيرانية من بينها مواقع للحرس الثوري ومراكز أبحاث نووية حساسة.


ارتفعت أسعار النفط بنسبة تفوق 11% خلال ساعات من بدء الضربة .. يواصل خام برنت قفزاته لأكثر من 103 دولارات للبرميل .. وتهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز – شريان العالم النفطي – بات واقعًا لا افتراضًا .. وشركات الشحن تعيد حساباتها وأسواق الغاز تتذبذب والبورصات العالمية تغرق في التوتر مع مخاوف من أزمة طاقة جديدة شبيهة بعام 1973

الضربة الإسرائيلية تمثل صفعة جديدة على وجه ما يُسمى بـ”الشرعية الدولية”، التي تتجاهل المبدأ الأساسي: لا دولة فوق القانون.


إسرائيل تتحرك كقوة نووية غير خاضعة لأي رقابة .. تضرب حين تشاء .. وتبرر كل تحركها تحت راية “الأمن القومي”. وفي المقابل تُترك إيران للملاحقة والتجريم رغم كون الطرفين في سباق تسلح إقليمي خطير.


الأنظمة الكبرى – من واشنطن إلى بروكسل – تمارس نفاقًا صريحًا تدين “العنف” بينما تغض الطرف عن جذوره .. وفي خضم ذلك يُترَك الشرق الأوسط مرة أخرى ساحة لحروب الآخرين وأداة لابتزاز الطاقة والأسواق. 

الدم يُسفك والنفط يُستنزف… لكن البوصلة الأخلاقية للنظام العالمي اختارت الصمت أو التحالف مع القوي. 

الرسالة واضحة .. في حرب الطاقة .. كل الشعوب تدفع الثمن .. بينما الكبار يفاوضون على الطاولة ويغتنمون الأرباح.


الاقتصاد المصري في مرمى التأثر فمصر  تعتمد على استيراد أكثر من 30% من احتياجاتها البترولية ومشتقات الطاقة ستكون من أولى الدول المتضررة اقتصاديًا .


ارتفاع تكلفة استيراد النفط سيزيد عجز الميزانية والضغط على العملة الأجنبية سيشتد مما يهدد الجنيه المصري بمزيد من التراجع.


علاوة علي أسعار النقل والغذاء قد ترتفع بشكل حاد مما يزيد من التضخم ويضعف القدرة الشرائية للمواطن .. ولن يتوقف التأثير عند الاقتصاد فقط .. بل قد يصل إلى اضطرابات في الأمن الغذائي .. وزيادة الأعباء على الحكومة في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي .


وأخيرا .. نحن أمام لحظة تاريخية مريرة لا تقل خطورة عن اجتياح العراق 2003 أو سقوط بيروت 1982.

وما يحدث اليوم بين إيران وإسرائيل ليس مجرد “اشتباك” محدود بل بداية محتملة لموجة عنف إقليمي عابر للحدود .. قد تعيد تشكيل الشرق الأوسط .. وتعيد رسم خريطة النفط وترمي بالدول الضعيفة – ومنها مصر – في عين العاصفة الاقتصادية.

وللأسف من يدفع الثمن هم الأبرياء بينما الكبار يلعبون بالنار فوق حقول البترول.

حفظ الله مصر قيادةً وشعباً


كاتب المقال

ا.د / محمد عبدالرؤوف 

رئيس مجلس ادارة مركز تطوير الكيماويات لقطاع البترول