.jpg)
أسامة داود يكشف: خطة الملا للبحث عن دور بعد تجريفه قطاع البترول
 (1).jpg )
مراكز القوى، وتجريف القيادات، وتراجع الانتاج، وتقزيم القطاع.. هذه أبرز إنجازات طارق الملا.
عذرًا، لم
أكن أنوي الحديث مجددًا عن طارق الملا، وزير البترول السابق، لكن محاولة إعادة تدويره
هي ما دفعتني إلى الكتابة هذه المرة.
فبينما يواصل
البعض تلميع صورة المهندس طارق الملا، مختلقين قصصًا ورواياتٍ غير حقيقية عن تحويله مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، تقف الحقائق والأرقام في الاتجاه المعاكس
تمامًا، كاشفةً عن إخفاقات ممنهجة، وتجريفٍ للكوادر، وتراجعٍ غير مسبوق في الإنتاج،
وانهيارٍ تدريجي في مفاصل قطاع كان يومًا من أنجح قطاعات الدولة.
والمثير للدهشة
أن كثيرًا مما نُسب إلى الملا من إنجازات خلال فترته من 2015 إلى 2024،
هو في حقيقته إرث وزراء سابقين – على رأسهم المهندس سامح فهمي – الذين وضعوا الأسس
الحقيقية لمشروع تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز، من خلال إقامة محطات الإسالة
في إدكو ودمياط، وإنشاء بنية تحتية متكاملة من خطوط النقل والموانئ، وهي المشاريع التي
يُستورد الغاز عبرها حاليًا.
يُضاف إلى
ذلك المشروع العملاق سوميد، خط نقل الخام العربي من البحر الأحمر إلى البحر
المتوسط، وهو مشروع يدين بالفضل – بعد الله سبحانه وتعالى – لقياداتٍ بحجم المهندس
أحمد عز الدين هلال، أحد أعظم وزراء البترول المصريين، والدكتور رمزي الليثي، رئيس
هيئة البترول وصاحب فكرة إنشاء هذا الخط.
فمشروعَا سوميد ومحطاتِ الإسالة هما ما جعلا مصر قادرةً بالفعل على أن تصبح مركزًا
إقليميًا لتجارة الطاقة.
محطات الإسالة..
إنجاز سامح فهمي
يدّعي البعض
أن الملا هو من أعاد مصر إلى خريطة تصدير الغاز عبر تشغيل محطات الإسالة، متناسين
– عن جهلٍ أو تجاهل – أن هذه المحطات لم يشهد طارق الملا مراحل إنشائها أصلًا، إذ إن
تاريخه في قطاع البترول بدأ بالصدفة، ولأسباب إنسانية، قبل أيام من اندلاع ثورة 25
يناير 2011.
والحقيقة
أنها كانت ثمرة أفكار وتنفيذ سامح فهمي، ضمن خطة استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي
للطاقة بدأت في أوائل القرن الحالى.
وكل ما فعله
الملا بعد تولّيه الوزارة في نهاية 2015، كان استغلال هذه الوحدات القائمة في إسالة
بعض شحنات الغاز وتصديرها وقت ازدهار إنتاج حقل ظُهر، دون أن يضيف إليها أي توسعات
أو تطوير تقني يُذكر، على عكس ما تُروّج له محاولات تبييض سجله عن السنوات التى تولى فيها أمر الوزارة – ربما تمهيدًا
لإعادة تدويره مرةً أخرى في أي منصب، على طريقة عبده مُشتاق.
تراجع مخيف فى الإنتاج
تشير الإحصاءات
الرسمية إلى أن مصر كانت تنتج، في عام 2015 (عند استلام الملا للقطاع خلفًا للمهندس
شريف إسماعيل)، نحو 725 ألف برميل زيت خام يوميًا، بينما تراجع الإنتاج في آخر عهده
إلى أقل من 450 ألف برميل.
أما الغاز
الطبيعي، فقد هبط من 7 مليارات قدم مكعب يوميًا بعد دخول ظُهر على الإنتاج، إلى 5 مليارات،
ثم إلى 4.5 مليار قدم مكعب عند مغادرته القطاع، وهو ما يكشف عن فشلٍ ذريع في سياسات
الاستكشاف والإنتاج، رغم الوعود المتكررة واللجان والدراسات.
ولعل أبرز
ما تحقق خلال ولايته كان حقل "ظُهر"، الذي شكّل قفزةً مؤقتةً في الإنتاج،
لكنه لم يكن من اكتشافاته، بل يعود الفضل فيه إلى قيادات بدات بكل من المهندس محمد شعيب والمهندس طاهر عبد الرحيم والمهندس محمد المصرى وعلى رأسهم المهندس شريف إسماعيل عليه رحمة الله.
والأسوأ أن
إنتاج الحقل نفسه تراجع لاحقًا في عهد الملا، ما يثير تساؤلاتٍ حقيقيةً حول فشل الرجل فى إدارة الثروات الطبيعية من زيت أو غاز طبيعى.
صناعة مراكز القوى
أما أخطر
ما شهده القطاع في عهد الملا، فكان صعود مراكز قوى داخل ديوان الوزارة، وعلى رأسها
مساعده السابق لشؤون أشياء كثيرة منها الاتصالات إبراهيم خطاب، الذي شكّل شبكةً من المحسوبين والموالين
امتدت أذرعها إلى هيئة البترول، والشركات القابضة، وإيجاس، بل وحتى بعض الشركات المشتركة،
في مشهدٍ قضى على مبدأ تكافؤ الفرص، وجرّف القطاع من كوادره الحقيقية.
وللأسف، لا
تزال بقايا هذه المراكز قائمةً حتى اليوم، رغم مرور عامٍ على مغادرة الملا للوزارة،
وما يقرب من عامين ونصف على عزل إبراهيم خطاب من موقعه بتعليمات عليا.
إنها شبكاتٌ تهيمن على اتخاذ القرار، وتعيد تدوير الخطط الفاشلة ذاتها، وتفرض رجالها في كل لجنة وقرار، دون أي تقييمٍ حقيقي للنتائج ولازال قطاع البترول يعانى من أثار الملا المتجذرة بشرايين القطاع ومفاصلة تجذر الكوليسترول فى شرايين الجسد.
وفى حلقة قادمة نستكمل الكشف عن إنجازات طارق الملا فى تهميش قطاع البترول.