
أسامة داود يكتب: علامات استفهام وراء غرق البارج البحرى أدمرين 12 والحسابات لا تزال مفتوحة ( 1 )

الحادثة مأساوية وليست جديدة .. لكنها هذه المرة تهز قطاع البترول المصري، لان انقلاب البارج البحري "Adam Marine 12" التابع لشركة أديس وهى الشريك فى حقل أوسوكو بمنطقة جبل الزيت بخليج السويس، ما أسفر - وفق المعلومات الأولية - عن وفاة 4 عناصر فنية، وإصابة 22 أخرون تم نقلهم إلى المستشفيات .
هذا الحادث يسبقه منذ أيام حادث تفكك وغرق حفار يتبع الشركة العامة للبترول فى منطقة خليج السويس فهل هناك علاقة بين غرق الحفارين؟
ورغم تحرك وزير البترول فور وقوع الحادث ، برفقة وزير
العمل إلى موقع الحادث لمتابعة الموقف ميدانيًا، إلا أن هناك أسئلة حقيقية تتعلق بالبنية المؤسسية
والإدارية والفنية للبارج الغارق، وتطرح علامات استفهام كبرى حول تاريخ تشغيله، ملكيته،
وسلامته الفنية.
أديس تملك البارج و الحقل فمن يراقبها؟
البارج الذي تعرض للحادث، والمعروف باسم أدمرين 12 يقال إنه كان يتبع في الأصل الهيئة العامة للبترول، وتم بيعه لشركة الحفر المصرية،
ثم جرى تأجيره لشركة أمل للبترول بإيجار يومي 3 آلاف دولار فقط، قبل
أن يُباع لشركة بيكو التي رفعت قيمة إيجاره
اليومي إلى 12 ألف دولار بحسب ما ورد من مصادر مطلعة.
لاحقًا، ووفقًا لما تم تداوله في الأوساط البترولية،
اشترت شركة أديس البارج من شركة بيكو منذ نحو عامين، لتظل علاقات الملكية
والتشغيل والإيجار غير واضحة، وتفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول الشفافية وآلية الرقابة والمتابعة لأجهزة الحفر التى تملكها نفس الشركات المشغلة للحقول.
البعد الفني: هل كان البارج جاهزًا للعمل أصلًا؟
الحادث يدفعنا لإعادة تقييم العديد من الجوانب الفنية والإدارية المتعلقة بالبارج، ويضع علامات استفهام عريضة:
أهم الاسئلة.. هل تم التحقق من العمر
الافتراضي للبارج؟ وهل خضع لصيانة دورية دقيقة وفقًا للمواصفات القياسية؟ وأين الجهات
التي راجعت ذلك؟
هل تم دراسة تركيبة قاع البحر بموقع تمركز البارج في منطقة جبل الزيت؟ وهل الجهة التي قامت بهذا التحليل قدمت تقارير رسمية؟ وأين هذه التقارير؟
وعن عمق المياه ومؤهلات البارج يبرز سؤال أهم: هل منطقة الحادث ضمن نطاق المياه العميقة، فهل كان البارج مؤهلًا فنيًا وتقنيًا للعمل في تلك البيئة القاسية؟ وهل حصل على اعتماد فني مسبق؟
هل البارج مؤمن عليه؟ وما الجهة المؤمِّنة؟ وما هو آخر تقرير سلامة فنية تم إعداده عنه؟
هل تم اتباع إجراءات
تشغيل البارج طبقًا لكود العمل البحري واللوائح المصرية والمعايير الدولية؟
تأثير الحادث
خسارة البارج بهذا الحجم ليست مجرد خسارة مادية أو
تشغيلية فحسب، بل الخسارة الحقيقية فى أرواح مهندسين وفنيين من خبر اء الحفر وهو ما قد يؤثر فعليًا على جدول أعمال قطاع الحفر في مصر خلال الفترة المقبلة،
لا سيما إذا كان البارج مشاركًا في مشروعات حيوية داخل حقول خليج السويس أو مشروعات
الإنتاج المشترك.
كما أن فقدان عناصر فنية مدربة يضرب في عمق الكوادر
التخصصية، ويثير المخاوف حول سلامة العاملين في بيئات العمل البحرية عالية المخاطر.
تحقيق فني شفاف ومستقل
يصبح من الضروري أن تشكيل لجنة تحقيق فنية وقانونية مستقلة تضم خبراء من خارج الشركات المالكة أو المشغلة للبارج، لضمان الحياد والشفافية. ويجب أن تشمل اختصاصات اللجنة ما يلي:
تحقيق شامل في ملكية البارج وتاريخه الفنى وعمليات البيع
والشراء التى تمت عليه وما الأسباب التى كانت تؤدى إلى أكثر من حركة بيع له خلال سنوات قليلة.
نريد تحقيق فني في أسباب الحادث يشمل دراسة تقارير الصيانة،
تقييم الأعطال المحتملة، تحليل تقنيات التثبيت والرسو في قاع البحر.
يرجى مراجعة إجراءات السلامة البحرية المتبعة من قبل
الشركة المشغلة، وهل تم الالتزام بالبروتوكولات الدولية.
تقييم إجراءات الرقابة والإشراف الفني من الوزارة على أعمال الحفر البحرية، ومدى فعالية نظم التفتيش الدوري.. ومن كان ولا زال مسئول عن ملف مراجعة الحفارات فنيا.
ويبقى هذا الحادث المؤلم صفعة مُدوية يجب أن تستدعي إعادة النظر في إجراءات التأمين الفني، وفي معايير السلامة.
والسؤال
الأهم: هل كان يجب على وزارة البترول أن تنتظر وقوع كارثة حتى يتم مراجعة ومتابعة المهمات والمعدات وعلى رأسها البارجات أولا بأول؟
إن أرواح العاملين في البحر لا يجب أن تُترك فريسة للإهمال أو غموض العقود أو تجاوزات السوق.
والمحاسبة الآن لا تعني تصيد الأخطاء، بل تعني حماية ما تبقى من الثقة في قطاع ظل لعقود طويلة أحد أعمدة الاقتصاد الوطني حتى تم تجريف عناصره الفنية ومعها مراقبة ومتابعة الشركات الخاصة التى دخلت حديثا مجال البحث والاستكشاف وتنمية الحقول.