أسامة داود يكتب : أرباح الاسمدة.. نتائج مبهرة بالجنيه وأداء غامض بالدولار

أسامة داود يكتب : أرباح الاسمدة.. نتائج مبهرة بالجنيه وأداء غامض بالدولار

أرباح بالجنيه من أنشطة بالدولار.. أين الحقيقة؟


تبدو نتائج أعمال شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية للعام المالي 2024/2025 مبهرة للوهلة الأولى؛ فالإيرادات قفزت إلى 22.9 مليار جنيه، بزيادة نسبتها 24% مقارنة بالعام السابق. لكن السؤال الجوهري هو: هل تعكس هذه الأرقام نموًا حقيقيًا أم مجرد تضخم رقمي بفعل تغير سعر صرف العملة وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار؟


الشركة، كغيرها من شركات الأسمدة، تبيع نسبة كبيرة من منتجاتها بالعملة الصعبة في الأسواق الدولية، بينما تعلن نتائج أعمالها بالجنيه المصري، وهو ما يفتح الباب واسعًا للتلاعب بالارقام.. خاصة وأن  نمو الإيرادات لا يعني بالضرورة تحسن الأداء

قد تكون الزيادة في الإيرادات – بنحو 4.4 مليار جنيه – انعكاسًا لتحسن أسعار الأسمدة عالميًا، أو لتراجع قيمة العملة المحلية، لكنها لا تعني بالضرورة أن الشركة باعت أكثر أو أنها حسّنت من إنتاجها أو خفضت من تكاليفها. ويزداد الغموض حين نعلم أن نسبة نمو صافي الربح لم تتجاوز 8%، ما يشير إلى أن ارتفاع الإيرادات قابله من ناحية أخرى تضخم في التكاليف.

الدولار لا الجنيه لتحليل الأداء 

الأداء المالي الحقيقي لشركات تتعامل بالدولار مثل أبو قير وموبكو وحلوان للاسمدة وغيرها لا يمكن قياسه بالجنيه فقط. فحين تُحسب الإيرادات بالجنيه دون الإعلان عن الكميات المبيعة أو أسعار التصدير أو تكاليف الغاز – الذي يُسعّر أيضًا بالدولار – تغيب الشفافية، ويصبح من المستحيل تقدير مدى الكفاءة التشغيلية أو الربحية الحقيقية.


ويكون السؤال هو .. هل أصبح الجنيه وسيلة لتضخيم الإنجاز؟

والإجابة.. نعم، لأنه عندما يرتفع سعر صرف الدولار من 30 إلى 50 جنيهًا خلال عام، تصبح أي زيادة طفيفة في الدولارات المحققة قابلة للتحول إلى مليارات بالجنيه. وبالتالى لا  يمكن اعتبار ذلك إنجازًا.. لكنه مجرد "مكسب وهمي" ناتج عن تراجع العملة.


أرقام بلا مؤشرات تشغيلية

كما أنه في غياب مؤشرات مثل حجم الإنتاج الفعلي، أو نسبة التصدير من إجمالي المبيعات، أو متوسط سعر الطن المباع، تصبح الأرقام المعلنة غير كافية لبناء صورة حقيقية عن الأداء. ويزداد الأمر تعقيدًا مع غياب مقارنة بالدولار بين الأعوام المالية، أو بيان نسبة الأرباح بالدولار من إجمالي العائدات.


وبالتالى إستخدام الأرقام بالجنيه كلغة للإبهار يفتح الباب أمام طرح العديد من الأسئلة الجوهرية:

كم كانت الإيرادات بالدولار في 2023/2024 مقابل 2024/2025؟

هل زادت كمية الأسمدة المبيعة فعلًا؟

هل ارتفعت الإنتاجية؟ أم زادت التكاليف بسبب الغاز والتحديات التشغيلية؟

أيها السادة: إن لم تُفصح الشركات بوضوح عن أرقامها الحقيقية بالدولار، وما لم تُربط نتائج الأعمال بالمؤشرات الإنتاجية، فإننا سنبقى أسرى أرقام تبدو "قياسية" لكنها قد تكون مجرد "فقاعات مالية" منتفخة بسعر صرف لا يعكس الأداء الحقيقى للشركات.