 (1).jpg)
أسامة داود يكتب :التجديد بعد الستين.. مخالفة للقانون وازدواجية المعايير بقطاع البترول

في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون وزارة البترول نموذجًا لاحترام القانون، تكشف الوقائع عن تناقض صارخ في سياساتها؛ فبينما تُصر على التجديد لقيادات تجاوزت سن الستين دون سند قانوني، ترفض في المقابل تطبيق القانون الذي يمنح خريجي الأزهر الحق في الاستمرار بالخدمة حتى سن الخامسة والستين، أسوة بزملائهم في قطاعات الدولة الأخرى.
الولاء بدل الكفاءة
ظاهرة التجديد بعد الستين لم تأتِ لكفاءات نادرة أو أصحاب خبرات استثنائية، بل اقتصرت غالبًا على قيادات تدين بالولاء الشخصي للوزير وحاشيته، بغض النظر عن الإنجاز أو القدرة على التطوير. كثير من هذه القيادات لا تملك سجلًا مهنيًا يبرر استمرارها، بل إن بعضها كان من أسباب تعطيل القطاع لسنوات، ومع ذلك حصلت على التمديد وكأنها مكافأة على الطاعة، ربما يستثنى من ذلك عدد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة فى قطاع البترول كله.
رفض تطبيق القانون على خريجي الأزهر
المفارقة الأكبر أن الوزارة التي تتوسع في مخالفة القانون لصالح المحاسيب، تتشدد حين يتعلق الأمر بحقوق واضحة نص عليها التشريع، إذ ترفض تنفيذ القانون الذي يمنح خريجي الأزهر التقاعد عند سن الخامسة والستين، رغم أن هذا الحق مُقرر ومُعمول به في قطاعات أخرى بالدولة "
ونستند فى هذا المقال إلى المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1974، الذي عدّل بعض أحكام القانون رقم 19 لسنة 1973لينص على أن يُستبدل بنص المادة الأولى من القانون رقم 19 النص الآتي:
استثناءً من أحكام القوانين التي تحدد سن الإحالة إلى المعاش، تنتهي خدمة العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة… من العلماء خريجي الأزهر، وخريجي دار العلوم من حملة الثانوية الأزهرية أو تجهيزية دار العلوم، وخريجي كلية الآداب من حملة الثانوية الأزهرية، ببلوغهم سن الخامسة والستين."
هذا السلوك يكشف سياسة الكيل بمكيالين داخل القطاع: مرونة مطلقة عندما يكون المستفيد من دوائر النفوذ، وتشدد صارم إذا كان الأمر يتعلق بحق قانوني لفئة لا تتمتع بنفس الحظوة
تجريف الكفاءات وصعود المحسوبية
هذه الممارسات أدت إلى تجريف القطاع من الكفاءات الحقيقية التي تم استبعادها أو حرمانها من فرص التقدم، لصالح قيادات تبحث عن رضا الوزير لا عن خدمة الدولة. كما توقفت التعيينات للحاصلين على شهادات علمية متخصصة، لتفسح المجال أمام التوظيف بالمحسوبية، في وقت يحتاج فيه القطاع إلى دماء جديدة وأفكار مبتكرة لمواكبة التطورات العالمية في صناعة الطاقة.
أسئلة مشروعة لوزير البترول
بأي سند قانوني تم التجديد لمن تجاوزوا سن الستين؟
ولماذا لا يتم احترام القانون عندما يتعلق الأمر بخريجي الأزهر الذين يحق لهم الاستمرار حتى الخامسة والستين؟
من يتحمل مسؤولية هذا التناقض الذي يضرب مبدأ العدالة ويُهدر فرص تطوير القطاع؟
إن استمرار هذه السياسات لن يضر فقط بسمعة وزارة البترول، بل سيؤدي إلى إفقاد القطاع ما تبقى له من كفاءات وقدرات تنافسية، في وقت تتسابق فيه الدول لتطوير صناعاتها البترولية.