أسامة داود يسأل: غاز كرونوس القبرصي.. هل الأرباح للشركاء والفاتورة لمصر؟

أسامة داود يسأل: غاز كرونوس القبرصي.. هل الأرباح للشركاء والفاتورة لمصر؟

حقل «كرونوس» هل يخدم الدولتين معًا أم يصبّ في مصلحة قبرص فقط؟


في فبراير 2025، وقّعت مصر وقبرص اتفاقية لنقل الغاز من حقل Cronos الواقع في البحر المتوسط، عبر تحالف يضم شركتي توتال وإيني، وذلك بهدف معالجة الغاز في تسهيلات حقل ظهر البحرية، ثم تسييله في محطة دمياط LNG للتصدير إلى أوروبا.

وقد أعلن المسؤولون المصريون أن الهدف من الاتفاقية هو تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي لتصدير الغاز. ومع ذلك، تثير هذه الاتفاقية سلسلة من التساؤلات حول جدواها للسوق المحلية، وتكاليفها، ومدى استفادة مصر الفعلية منها.

 

أبعاد الاتفاقية

يُعدّ حقل Cronos قريبًا جغرافيًا من حقل ظهر، ونقل الغاز يتم عبر مصر وليس إلى مصر، دون أن يكون الهدف سد الفجوة في احتياجات السوق المحلية، بل تجهيز شحنات للتصدير لصالح قبرص وشركائها: إيني وتوتال.

تسمح الاتفاقية باستخدام تسهيلات ظهر لمعالجة الغاز، ثم استخدام وحدة الإسالة في دمياط LNG.

لكن أين حق مصر في استخدام هذا الغاز في حالة حدوث نقص في المعروض المحلي؟

هل نَصّت الاتفاقية صراحة على ذلك؟

وهل تضمنت بنود الاتفاق تحديدًا واضحًا لتكلفة استخدام التسهيلات المصرية لمعالجة الغاز القبرصي المنقول عبر الأراضي المصرية؟

لم يُكشَف عن تلك البنود حتى الآن، وهو ما يثير مخاوف مشروعة بشأن العائد الاقتصادي المباشر على الدولة، مقارنة بما تتحمله من رسوم وتكاليف تشغيل تقدمها الشركات الأجنبية.

ووفقًا لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز، يجب دفع تعريفة لعبور الغاز داخل البلاد.

فما الجدوى الاقتصادية من عبور الغاز عبر مصر دون استفادة واضحة؟

 

منصة تصدير.. أم عبء مالي؟

التصريحات الرسمية على هامش توقيع الاتفاقية أشارت إلى أن استخدام الغاز المستورد في تسهيلات ظهر ووحدة الإسالة في دمياط يخلق فرصًا لمصر لتعزيز موقعها كمركز إقليمي لتصدير الغاز.

لكن ذلك يتم بتكاليف مباشرة وغير مباشرة، تشمل رسوم النقل والمعالجة والإسالة، التي عادةً ما تُحدد بمعدلات ثابتة أو متغيرة مرتبطة بالأسعار العالمية.

فهل تمنح الاتفاقية مصر الحق في تغطية احتياجاتها المحلية من غاز Cronos في أوقات الطوارئ؟

أم أن هذا الحق غير مضمون، ما يزيد من اعتمادنا على الغاز المسال المستورد بأسعار مرتفعة، في حين أننا لا نملك حق شراء الغاز المنقول بأسعار تفضيلية، على خلاف ما هو متّبع في الاتفاقيات الدولية المشابهة، حيث يكون للدول التي تمر بها خطوط الغاز أولوية الاستخدام المحلي.

 

أين المصلحة الوطنية؟

من هنا، يُفترض بالمفاوض المصري أن يُصرّ على وجود بند صريح يمنح مصر أولوية استخدام الغاز المنقول لتأمين احتياجات السوق المحلية في حالات الطوارئ، وهو ما لم يظهر بوضوح في النصوص المعلنة حتى الآن.

استخدام تسهيلات مصرية لمعالجة غاز أجنبي قد يُعزز الدور التشغيلي لمصر، لكنه يُعقّد الموقف حين يكون الشركاء الأجانب معنيين فقط بتأمين تدفقات الغاز عبر تسهيلات ظهر لتسييله وتصديره، حتى لو كانت مصر في أمسّ الحاجة إليه.

 

أتساؤلات مشروعة

هل يُمثل حقل Cronos فرصة حقيقية لمصر لتعزيز موقعها كمركز إقليمي لتصدير الغاز؟

هل تساهم الاتفاقية في حل أزمة نقص الطاقة المحلية؟

هل تضمنت الاتفاقية بنودًا واضحة تضمن حق مصر في استخدام الغاز المنقول عند الحاجة؟

ما الجدوى الاقتصادية الفعلية من هذه الاتفاقية؟

وهل الأولوية في استخدام تسهيلات ظهر ستكون لإنتاج الحقول المصرية أم للغاز القبرصي؟

في حال عودة إنتاج حقل ظهر للارتفاع أو دخول إنتاج جديد، هل تُعطى الأولوية للغاز المصري أم القبرصي، علمًا بأن مصر سددت كل تكاليف إنشاء تسهيلات ظهر لشركة إيني عبر استرداد النفقات؟

وهل يمكن أن يؤدي اهتمام شركة إيني بحقل Cronos إلى إهمال تطوير ظهر، خشية عدم استيعاب التسهيلات للكميات القادمة من قبرص؟

أيّهما يُمنح أولوية المعالجة والنقل: غاز ظهر أم غاز Cronos؟

إن لم تتضمن الاتفاقية ضمانات واضحة وشفافة تُمكن مصر من الاستفادة محليًا من الغاز المنقول، فإن العوائد الاقتصادية ستكون محدودة، والمخاطر التشغيلية والاقتصادية على تسهيلات ظهر ستظل قائمة. وهو ما يستوجب شفافية كاملة في الإعلان عن بنود الاتفاق، والتكاليف، وآليات تشغيل التسهيلات المصرية، بما يحفظ الحقوق الوطنية.

وللحديث بقية.

اللهم إنى قد بلغت... اللهم فاشهد