وزير البترول : لا يوجد «محبس» على موارد الطاقة لمصر

وزير البترول : لا يوجد «محبس» على موارد الطاقة لمصر

قال المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، إن قطاع الطاقة كان يعاني من أزمة كبيرة، أدت إلى تناقص إنتاج مصر من الغاز.


أضاف بدوي، في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية، قبل أيام، أن هذا التناقص ليس بسبب ضعف ثروات مصر من البترول أو الغاز، بل نتيجة انخفاض ضخ استثمارات البحث والاستكشاف.


أوضح وزير البترول والثروة المعدنية، أن هذا الوضع نتج عنه ضرورة الاهتمام بملف الشركاء الأجانب مع الوزارة لأنه أصل التحدي، مشيرًا إلى أنه منذ عام 2021 حتى يوليو الماضي، كانت مستحقات الشركاء في تزايد، وسبب الزيادة هو تغيير سعر الصرف، ما أدى إلى زيادة فاتورة أعمال الاستكشاف والإنتاج، كما أن تراكم الفاتورة شهر بعد آخر أدى إلى زيادة المستحقات بشكل كبير.


وتابع: “تغيير سعر الصرف مرتين أدى إلى الضغط على قدرة الدولة لتسديد المستحقات، وبالتالي تناقص إنتاج مصر من النفط والغاز “.


وكشف بدوي، عن أن إنتاج الغاز انخفض من 25 إلى 30%، وأعلى إنتاج بلغ 6.6 مليارات قدم مكعب في 2021 إلى أن وصلنا إلى 4.9 مليارات قدم مكعب في يونيو الماضي .


وأشار الوزير، إلى أن النقص في الإنتاج أدى إلى زيادة فاتورة الاستيراد في الوقت الذي يتزايد فيه استهلاكنا من الطاقة، ما أدى في النهاية إلى اللجوء لتخفيف الأحمال في توليد الكهرباء في وقت من الأوقات.


أضاف: “كل دولار يتم دفعه في الاستيراد يؤدي إلى زيادة الفجوة بين سعر المنتج والتكلفة، حيث كانت الفجوة بين سعر بيع البنزين وتكلفة الحصول عليه 21 إلى 25%، أصبحت حاليًا 11 إلى 15%، والفجوة بين بيع السولار وتكلفة الحصول عليه 42%، أصبحت 31% حاليًا، وبالتالي كان الحل هو العودة لزيادة الاستثمارات من جديد في الإنتاج والاستكشاف، ودفع المستحقات الشهرية وزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد”.




وذكر بدوي، أن دعم المنتجات البترولية حاليًا في الموازنة يصل إلى 150 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن تحركات الأسعار في الفترات الأخيرة كان لا بد منها، ورغم ذلك لا تزال الدولة تتحمل جزءًا من الدعم.


وأوضح أن عدد الشركات العاملة في مجال البحث والاستكشاف والإنتاج يبلغ 57 شركة، منها 8 شركات عالمية كبرى و6 شركات مصرية متخصصة وأكثر من 12 شركة عالمية في مجال الخدمات البترولية والتكنولوجية.


وأكد الوزير، على وجود اهتمام أيضًا بالمستثمرين المصريين، حيث تمت دعوة 20 مستثمرًا مصريًّا في 30 سبتمبر 2024 للدخول بشكل مباشر للاستثمار في مجال تنمية الحقول المتقادمة لزيادة الإنتاج منها، وقد تم توقيع 4 مذكرات تفاهم في هذا الشأن ويجري اتخاذ الخطوات اللازمة.


وقال بدوي، إن إستراتيجة الوزارة تتركز في تلبية احتياجات المواطن من المواد البترولية بالتركيز على أنشطة الإنتاج والاستكشاف من خلال وضع حوافز للشراء الأجانب والمحلين، وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية والثروات البترولية عبر معامل التكرير والبتروكيماويات لخلق قيمة مضافة، وتحقيق انطلاقة لقطاع التعدين وتعظيم قيمته المضافة، وتعزيز التعاون الإقليمي لجذب الاستثمارات في مصر والمنطقة، وخلق بيئة استثمار جاذبة مع الحفاظ على السلامة وكفاءة استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات.


وكشف الوزير، عن أن الدولة تستهدف تحقيق نقلة نوعية في قطاع التعدين والصناعات التعدينية وعدم الاعتماد على استخراج الخام فقط، لأن نسبة قطاع التعدين في الناتج المحلي أقل من 1% ونستهدف وصولها إلى 5% خلال السنوات المقبلة.


وأشار إلى أن نجاح هذا القطاع يحتاج إلى 4 مقومات تتمثل في الجيولوجيا “توافر المعادن” والبنية التحتية، وتوفير الطاقة، والبيئة التشريعية، وهى العنصر الذي كان يحتاج إلى جهد كبير لتغييرها خلال الفترة الأخيرة.


وذكر أنه في سبيل تحقيق هذا الهدف، ساهمنا في تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، ما أعطى لها القدرة لتعظيم الاستفادة من الفرص التعدينية وتسويقها، مشيرًا إلى أننا نستهدف وجود أكثر من منجم على غرار منجم السكري في الذهب وغيره من المعادن.


وأوضح الوزير، أن 60% من إنتاج الغاز يتجه إلى محطات إنتاج الكهرباء، ونسعى لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، ما يقلل الضغط على الغاز، مشيرًا إلى أن الغاز يمكن الاستفادة منه بقيمة مضافة بالدخول في صناعة البتروكيماويات، أو تصديره للخارج، وفي هذا الصدد وقعنا عقدًا مع شركة سكاتك لإنتاج أمونيا خضراء وبيعها لإحدى شركات الأسمدة لمدة 15 سنة .


وكشف الوزير، عن أن إنتاج مصر المحلي بدأ يتزايد مع دفع مستحقات الشركاء الأجانب، حيث بلغ في يونيو الماضي أقل معدل عند 4.02 مليار قدم مكعب يوميًّا، ثم بدأت الزيادة إلى أن وصل الآن لنحو 4.2 مليار قدم مكعب في سبتمبر 2025 مقارنة بـ 6.6 مليارات قدم في 2021.


وتابع: “لولا توقف تناقص الإنتاج وبداية الزيادة كنا أنفقنا 3.5 مليارات دولار إضافية للاستيراد من الخارج”، لافتًا إلى أن السبب في وجود سفن التغييز هو استمرار تناقص الإنتاج، وإذا لم يرتفع الإنتاج كنا سنحتاج إلى سفينة أو اثنتين إضافيتين.


ونوه بأننا في يوليو 2025 كان لدينا 3 سفن تغييز في السخنة قادرة على ضخ الغاز محليًّا، والسفينة الرابعة تصل هذا الشهر، بقدرة إنتاج 2.7 مليار قدم مكعب يوميًّا، ومؤكدًا أننا أصبحنا قادرين على توفير كل احتياجات الدولة من الغاز لجميع قطاعات الدولة سواء صناعي أو منزلي أو غيرها، مع استيراد 1.2 مليار قدم مكعب فقط عبر الخطوط.


وكشف بدوي، عن أن قيمة تأجير سفينة التغييز تتراوح بين 4 إلى 5 ملايين دولار، وفاتورة استيراد المواد البترولية الشهرية نحو مليار دولار.


وأوضح أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية تسببت في وقف استيراد الغاز من الخارج، لكن حاليًا أصبحنا قادرين على ضخ الغاز بشكل كامل حتى إذا شهدت المنطقة أي اضطرابات مستقبلًا وتأمين إمدادات مصر من الغاز بشكل كامل.


ولفت إلى أن عقود هذه السفن تستمر لمدة سنوات، لكن الاستراتيجية تتمثل في أننا لن نركز عليها، بل على زيادة الإنتاج المحلي، ووجودها لتأمين إمدادات الغاز فقط.


وأشار الوزير، إلى أنه تم التركيز خلال الفترة الأخيرة على الجدوى الاقتصادية لاستخراج الغاز أو البترول، ولدينا مناطق بحث واستكشاف في مناطق بكر بعيدة عن التسهيلات، وفي هذه الحالة فإن تكلفة الاستكشاف على الشريك تكون أعلى بكثير عن المناطق الموجودة بالفعل، ولذلك نعمل على نظم اتفاقيات جديدة أكثر جذبًا للاستثمار تجعل هناك جدوى اقتصادية للشركاء لفتح مناطق استكشاف جديدة غير مستغلة.


ولفت إلى عقد لقاء قريب بين رئيس الجمهورية وشركة إكسون موبيل لبحث الفرص الاستثمارية لمناطق الاستكشاف الجديدة .


وفيما يتعلق بإستراتيجية تحول مصر لمركز إقليمي للطاقة، قال وزير البترول أنها تعتمد على طرح حزم محفزات للشركاء وتعديل التسعير، وطرح نماذج اتفاقيات أكثر جذبًا للاستثمار خاصة في المناطق البكر، وعقد شراكات إستراتيجية مع كبار الشركاء، وتعجيل تنمية الحقول غير المنماة وتنويع الفرص الاستثمارية.


وأشار إلى أنه سيتم إعادة طرح مناطق في البحر الأحمر خلال الفترة المقبلة، وجعل جدواها الاقتصادية أعلى من خلال إجراءات تحفيزية معينة بتشجيع الاكتشافات.


وتابع: “حريصون على ربط الحقول مع دول الجوار وخاصة قبرص التي لا تمتلك بنية تحتية قوية مثل مصر، وبالتالي نستورد منها الغاز لتسييله في محطات الإسالة المصرية ثم إعادة تصديره، ما يساهم في تحول مصر لمركز إقليمي، وهذا ما يفسر تصدير شحنة غاز من مصر مؤخرًا”.


وأكد أن عنصر الاستكشاف مهم جدًّا وعملياته بدأت ترتفع، موضحًا أن قيمة استثمارات اتفاقيات الاستكشاف التي ستتم خلال الفترة من أكتوبر 2025 حتى ديسمبر 2026، تصل إلى مليار دولار مع الشركاء.


 




أضاف: “من أبرز الاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخرًا في عمليات الاستكشاف كانت مع شركة إيني الإيطالية واعتزامها ضخ استثمارات بقيمة 8 مليارات دولار في مصر خلال 5 سنوات سواء في البحر المتوسط أو الصحراء الغربية أو سيناء وغيرها”، مشيرًا إلى أن شركة إيني تبحث أيضًا الاستثمار في التعدين عن العناصر المعدنية النادرة بجانب توسعها في إنتاج البترول والغاز الطبيعي.


وكشف الوزير، عن أن صادرات قطاع البترول من المنتجات البترولية بخلاف البتروكيماويات بلغت 3.2 مليارات دولار خلال 2024-2025، لافتًا إلى أن قطاع البتروكيماويات متخصص لكنه يمس كل بيت في مصر، ويدخل في صناعات عديدة كمادة أولية.


وذكر أن عدد منتجات قطاع البتروكيماويات يصل إلى 13 منتجًا بإجمالي مبيعات محلية تبلغ 1.6 مليون طن، وإجمالي إنتاج 4 ملايين طن سنويًّا، كما أن إجمالي صادراته تبلغ 2.5 مليون طن بقيمة 2.6 مليار دولار لأكثر من 50 دولة حول العالم.


وأوضح أن الدولة تستهدف تحقيق قيمة مضافة من قطاع البتروكيماويات بقيمة 4.4 مليارات دولار بحلول 2030 من خلال تنفيذ 10 مشروعات جديدة، وإنتاج 7 ملايين طن سنويًّا، وإضافة 20 منتجًا جديدًا في السوق المصرية بدلًا من استيرادها، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 7.5%.


وعن أبرز نتائج إستراتيجية وزارة البترول خلال 2024-2025، قال بدوي إنها تتمثل في السيطرة على تناقص الإنتاج، ووضع 242 بئرًا على الإنتاج، وإضافة 669 مليون قدم مكعب غاز يوميًّا و136 ألف برميل بترول. ويضاف إلى ذلك تحقيق انطلاقة لقطاع التعدين وإعادة هيكلة البنية الاستثمارية، وتحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، وتعديل نموذج اتفاقيات استغلال المعادن بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية وشركات التعدين، والتوقيع مع شركتي أنجلو جولد وباريك للاستثمار في مصر، والعمل على إجراء مسح جوي شامل ودراسة تحليلية للأقمار الصناعية، والتركيز على مشروعات القيمة المضافة للخامات التعدينية بدلًا من تصديرها خام (أسمدة فوسفاتية – فوسفوريك) .


وكشف الوزير عن أن الوزارة تعمل على جذب الشركات المتخصصة في استكشاف العناصر المعدنية، وتحديد الفرص الاستثمارية المناسبة، لأن آخر مسح جوي على مستوى الجمهورية كان في 1984 ولذلك منذ تحول هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية تم الإعلان عن إجراء مسح جوي للجمهورية لتوفير البيانات اللازمة.


وأكد أن تفعيل تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية يواجه التنقيب العشوائي على العناصر المعدنية، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى إلى تأمين المناطق المختلفة لمساعدة المستثمرين للوصول إليها والعمل بأمان ومحاولة تسويقها بشكل جيد.


وتابع: “من ضمن النتائج التي تحققت أيضًا وضع إستراتيجية متكاملة بالتعاون مع جهات الدولة، لضبط مزيج الطاقة الأمثل، وتطوير البنية التحتية لشبكة الغاز واستقدام وحدات التغييز العائمة وزيادة قدرات التغييز إلى 2.7 مليار قدم مكعب، وعدم مواجهة مشكلات في الإمداد خلال الصيف، والتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ووزارة الصناعة في تحديث إستراتيجية الطاقة 2040 والوصول إلى مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من توليد الكهرباء بحلول 2030، وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري مع إدخال قدرات أخرى وخفض استهلاك الغاز وترشيد الطاقة”.


كما شهد العام “2024 ـ 2025” التعاون الإقليمي والعربي لتعزيز دور مصر الإقليمي، من خلال التعاون مع إمارة الفجيرة وموانئ أبوظبي في تداول وتخزين الخام للمستودعات الإستراتيجية وبناء مستودعات تخزين جديدة، والتعاون مع المملكة الأردنية في التشارك بتسهيلات إعادة التغييز وخط العقبة لتأمين إمدادات الغاز للبلدين، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية حقلي كورونس وأفروديت بإنتاج يصل إلى 1.2 مليار قدم مكعب.


وأكد الوزير، أن مصر تؤمن احتياجاتها من الغاز بشكل كامل سواء من خلال الإنتاج المحلي أو الاستيراد أو سفن التغييز، لافتًا إلى أن الغاز المستورد من إسرائيل أرخص من سفن التغييز، لكن رغم ذلك إسرائيل لا تتحكم في موارد الطاقة لمصر و”لا يوجد محبس” مثلما يشاع، لأننا لدينا القدرة على توفير احتياجاتنا ببدائل أخرى.


وفيما يتعلق بزيادة أسعار البنزين المرتقبة، قال إنه إذا تم رفع أسعار البنزين في شهر أكتوبر فإنه لن تكون هناك زيادة أخرى في ديسمبر، مشيرًا إلى أن تسعير البنزين يكون من خلال منظومة متكاملة، والسعر العالمي ليس العامل الوحيد فيها، لأن التكلفة الكلية لمصر تختلف عن دولة أخرى، نتيجة نسبة إنتاجنا المحلي والاستيراد بالنسبة للتكلفة الكلية.


وبخصوص نقل المنتجات البترولية، أوضح الوزير، أن هناك منظومة داخل شركات القطاع، وأخرى خاصة خارج القطاع، وعقدنا اتفاقًا مع شركة توتال إنرجي لسلامة وتأمين نقل المنتجات البترولية، ووضع آلية مراقبة وتأهيل المنظومة ككل.


وأكد بدوي، أن الوزارة تضع قطاع الأسمدة ضمن أولوياتها، ووضعت منظومة متكاملة له، من خلال توافر الغاز للمصانع عن طريق سفن التغييز، وتدقيق الكميات المطلوبة للسوق المحلية المدعومة بالتعاون مع وزارة الزراعة واعتماد حصص الشركات التي سيتم تسليمها للوزارة، مؤكدًا تأمين احتياجات مصانع الأسمدة سواء بالإنتاج المحلي أو سفن التغييز.