
الفضة تعود إلى صدارة المعادن .. أعلى مستوى في 45 عاما

ارتفعت أوقية الفضة إلى نحو 53 دولارًا، اليوم وهو أعلى مستوى تسجله خلال 45 عاما منذ عام 1980، اليوم وسط ارتفاع الإقبال على الاستثمار الآمن في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد العالمي.
وبحسب تقرير مركز «الملاذ الآمن للأبحاث» يوم الثلاثاء، سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا قياسيًا جديدًا، لتبلغ أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود، مدفوعة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة وسط الإغلاق الحكومي الأمريكي، وأزمة السيولة في سوق لندن، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
واستند مركز الملاذ الآمن إلى تقرير لوكالة بلومبرج أن شح السيولة في سوق لندن تسبب في تفاقم ما يعرف بـ«الضغط القصير» على مراكز الفضة، وهو ما أدى إلى موجة ارتفاع حادة وغير مسبوقة في الأسعار، وسط زيادة في عمليات البحث العالمي عن السبائك الفعلية لتغطية الطلب المتنامي.
وكما أوضح التقرير أن الفجوة السعرية الكبيرة بين سوقي لندن ونيويورك دفعت بعض المتداولين إلى نقل سبائك الفضة جوًا عبر الأطلسي للاستفادة من فروق الأسعار المرتفعة، وهي خطوة نادرة عادة ما تستخدم لنقل الذهب فقط نظرًا لتكلفتها العالية، مما يعكس مدى قوة الطلب الحالي على المعدن الأبيض.
وتابع التقرير، أن هذا الصعود التاريخي يأتي في وقتٍ يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي إغلاقًا حكوميًا ممتدًا للأسبوع الثالث على التوالي، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسريح عدد من الموظفين الفيدراليين، مما زاد من حدة الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن الموازنة العامة.
ويرى مراقبون أن الإغلاق مرشح للاستمرار خلال الفترة المقبلة، في ظل تمسك الديمقراطيين بمطالبهم المتعلقة بتمديد دعم التأمين الصحي ورفضهم إعادة فتح الحكومة دون تفاوض شامل، وهو ما يعزز حالة الضبابية وعدم اليقين في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية.
وعلى الصعيد الدولي، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا حذرًا على التفاوض مع الصين، لكنها وصفت القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة بأنها تشكل «عقبة رئيسية» أمام استئناف الحوار التجاري.
وفي المقابل، أعلنت الصين فرض رسوم جديدة على السفن الأمريكية وبدأت تحقيقات ضد شركة كوالكوم الأمريكية العملاقة، مما أثار مخاوف واسعة من عودة الحرب التجارية التي قد تؤثر سلبًا على معدلات النمو العالمي وتدفع المستثمرين مجددًا نحو أصول الملاذات الآمنة.
تزامنًا مع تصاعد التوترات، شهدت أسعار النفط تراجعًا حادًا، حيث انخفضت عقود خام نايمكس الأمريكي بأكثر من 3 دولارات للبرميل يوم الجمعة، لتسجل أدنى مستوياتها في أربعة أشهر ونصف قرب 58 دولارًا للبرميل، قبل أن ترتد قليلًا إلى نحو 59.75 دولارًا.
ويرجع هذا التراجع إلى مخاوف تباطؤ الطلب العالمي بفعل الحرب التجارية وارتفاع الإمدادات من منتجي أوبك وخارجها، إلى جانب تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد تقدم المفاوضات بشأن الهدنة في غزة.
أكد مركز «الملاذ الآمن» في ختام تقريره أن الفضة تعيش مرحلة تاريخية فريدة تتضافر فيها مجموعة من العوامل الداعمة، أبرزها الطلب الصناعي القياسي، والعجز في المعروض، والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وضعف الدولار الأمريكي.
وأشار المركز إلى أن عام 2025 يمثل نقطة تحول في سوق المعادن النفيسة، حيث باتت الفضة اللاعب الأقوى والأكثر جذبًا للاستثمار مقارنة بالذهب، مع توقعات باستمرار المكاسب إذا واصلت البنوك المركزية سياساتها التيسيرية واستمرت الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم.