 (1).jpg)
ناصر أبوطاحون يكتب " ما تخافوش "

تعرضت البشرية للكثير من النوازل والأوبئة منها ما هو من الطبيعة ، و منها ما كان بأيدى البشر، كالحروب و الفتن و الابادة الانسانية
و لأننا فى وقت وباء يضرب العالم فسيكون كلامنا عن الأوبئة
و لقد تعرضت بلادنا للكثير من الأوبئة حتى قبيل منتصف القرن الماضى بقليل، كالكوليرا و الطواعين
و مرت عقود طويلة على أخر وباء ضرب مصر و تحسنت الأحوال الصحية فى البلاد مع انتشار التعليم و الرعاية الصحية و تحسن احوال الناس و معها تحسنت حياتهم و أكلهم و شربهم ، حتى نسى الناس كلمة وباء أو كوليرا و التى كانوا يطلقون عليها "كوريرة" و هى كلمة مؤخوذة من كوليرا، وكلمة "مكر" فى إشارة الى انها تكر فى ضحاياها كالكوريرة بلا توقف
و عندما كانت البلاد تتعرض للأوبئة و اخرها الكوليرا كانت تواجهها بقدرات صحية شديدة المحدودية تصل فى أغلب المناطق الى حد العدم، لذلك كانت اعداد الضحايا كبيرة جدا و الانتشار شديد الاتساع ، حيث ينتشر الرعب و الفزع بين الناس و يكونون فى حالة تسهل مهمة الوباء أكثر من أى شىء أخر
و لقد نما و تطور النظام الصحى فى مصر نموا كبيرا، رغم كل ما تعرض له من محاولات الخصخصة ، و استطاع أن يقضى على الأمراض التى كانت علامة مميزة للمصريين و تحمل اسم "الأمراض المتوطنة" عبر خطط جادة انتهت الى ان اصبح لدينا نظام للتقصى و الترصد لأى حالة من تلك الأمراض تظهر فجأة أو تتسلل من الخارج
و لقد مكنا ذلك من التخلص من امراض كشلل الاطفال و ترصد اى حالة شاردة لمرض التيفوئيد ، او الملاريا
و رغم ان القطاع الصحى لحقه ما لحق بكل اجهزة الدولة من ترهل و انتشار حالة "الأنامالية" التى رسخها نظام مبار المعزول، فلقد نجح هذا النظام "التقصى و الترصد" فى مطاردة و كشف حالات فيروس كورونا بنسبة لا بأس بها جعلت أعداد المرضى تحت السيطرة حتى الأن
لكن من المهم الأن أن نقول للناس بصوت واضح و مسموع و قوى " ما تخافوش" فالخوف هو أخطر ما يواجه أمة فى لحظة خطر
لأنه يذهب بالعقل و يحفز الأنانية و يطلق الوحوش البشرية من مكامنها، و بدلا من الاتحاد فى المواجهة يتحول الأمر لنزاع و فرقة، فتذهب الجهود سدى و تتبدد الأمة، ويذهب ريحها عبثا
لذلك نقول بكل ثبات "ما تخافوش" ليس تقليلا للخطر و لكن استعدادا للمواجهة
طيب لماذا نقول "ماتخافوش" ؟
ببساطة لأننا نواجه الفيروس و نحن فى حال اقوى بكثير و أفضل بألاف المرات من الأوضاع التى واجه بها أجدادنا "الكوريرة"
فالمستشفيات فى كل مكان و الاستعداد كبير جدا
و الأطباء بمئات الألاف و مثلهم فى كليات الطب نستطيع تطويعهم للعمل
و أطقم التمريض مثلهم و نستطيع تطويع مئات الألاف من الخريجين و المتطوعين للعمل كأطقم تمريض
و لدينا ألاف المبانى التى نستطيع تحويلها لمستشفيات ميدانية فى القرى و المدن كالمدارس مثلا
و لدينا ادوية و مطهرات و لدينا مصانع الدواء المملوكة للدولة أو للقطاع الخاص أو المخصخصة و التى نستطيع تأميمها فورا لتوفير الاحتياجات
و الأهم لدينا شعب واعى متفهم تستطيع أن تتفاهم معه بصدق ووضوح ووقتها ستجد نصفه على الأقل متطوع فى أى عمل
صحيح لدينا طائفة من الخونة و المجرمين ، لكنها تبقى فى حدود الطبيعى فى كل الدول ، و هؤلاء يجب قتلهم بالنجاح أكثر من أى شىء
فنجاح الدولة سيقتلهم أحياء و الغيظ سيحرق قلوبهم
فما تخافوش
حتى لا يحرفكم الخوف عن الهدف، و يخلط عليكم الأشياء ،
و لا تتصارعوا على الأسواق و الأكل فلدينا خزين كاف جدا من كل شىء، و ربما سأحتاج أن أفرد لفكرة التخزين تلك ، مساحة خاصة بها
و من المهم أن نثق بالسلطات جدا، و لا نعظى أذاننا لأى صوت يريد أن يسحبنا لسساحات الفتن و الصراع، أو لأى مكايد حاقد يريد أن يصفى خلافات سياسية أو ينفث عن أحقاده التى يجيش بها صدره
و أن نمتثل لكل التعليمات التى تصدر مهما شعرنا بقسوتها أو حدتها
و يبقى أن نشير لما تم و يتم بالفعل من جهود تكافل بين المصريين،على المستوى الشعبى ، أو على المستوى الحكومى فى تلك الأوقات التى تستلزم التكافل و التراحم لا التزاحم و التسابق على التخزين و الاستئثار
و أمام كل هذه الحالة يجب أن نتحلى بالقوة و الشجاعة و الثبات حتى نعبر الأزمة بأقل الخسائر
و أن نقلل من حالة التخويف و التفزيع التى يمارسها البعض على مواقع التواصل الاجتماعى ، سواء بحسن نية أو بسوء قصد
فمن المهم أن "اللى عنده كلمة طيبة يقولها ، و اللى ما عندوش يسكت خالص،" فالسكوت الأن من ذهب