كيف قدمت الولايات المتحدة حزمة انقاذ اقتصادية لاحتواء أزمة كورونا؟

مما لا شك فيه، أن العالم يمر بضائقة حضارية لم يشهد مثيلاتها من قبل، يأتي الوباء ليصبح جامحاً في أقل من بضعة أيام، ولا شك أنه حصد أرواح العديد من البشر في بعض الدول مثل الصين وايطاليا وحاليا الولايات المتحدة، هذا ما جعل منظمة الصحة العالمية توصى الدول بالالتزام بحصر المرض من خلال سلسلة اجراءات طبية أهمها الحجر الصحي الشامل، وهذا يعنى تعطل عجلة النمو الاقتصادي، وتقلص الدخل القومي لأدنى مستوياته، مما جعل الدول تبدأ في التفكير بشكل أكثر صرامة لاحتواء وحصر الفيروس مع الاخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية التي قد تؤثر بشكل كبير على حياة ورفاهية المواطنين.

وللحد من الصدمة المالية التي يسببها جائحة كورونا للولايات المتحدة والتي بلغ  عدد الاصابات بها حتى تلك اللحظة 256 ألف حالة، وقد بلغ عدد الوفيات 6.7 الف حالة، ومنذ أيام قليلة، وافق مجلس الشيوخ بالإجماع على مشروع إغاثة طارئة بقيمة 2.2 تريليون دولار، والتي تعد أكبر حزمة إنقاذ شهدتها الولايات المتحدة. ولهذا المشروع جدوى حقيقية من جراء تنفيذ الحجر الصحي، ونتيجته إغلاق العديد من الأعمال التجارية بالولايات المتحدة وإغلاق الولايات المتحدة، وتعطل حركة النقل والمواصلات، وإيقاف الملاحة الجوية مما يعكس أزمة اقتصادية حقيقية تمر بها البلاد في ظروف استثنائية كالتي يمر بها العالم الآن.

وتعهدت الحكومة الفيدرالية بالتنسيق مع حكومة الولايات، بإرسال شيكات مالية  حوالي 150 مليون أسرة أمريكية، مع الانفاق على برامج الرعاية الصحية ودعم البطالة الذى سجل رقماً قياسياً منذ الازمة مع تقدير أن وصل عددهم من 2 إلى 4 مليون. وسيحصل البالغين في الولايات المتحدة على 1200 دولار، وسيحصل الأطفال على 500 دولار، وكما ستعمل وزارة الخزانة الأمريكية علي إنشاء برنامج إقراض بقيمة 500 مليار دولار للشركات والمدن والولايات، وبرنامج لعدم تسريح الموظفين بقيمة 367 مليار دولار للشركات الصغيرة. ودعم المستشفيات بقيمة 130 مليار دولار، ووضع برنامج لمكافحة البطالة خلال الأربعة أشهر القادمة بقيمة 250 مليار دولار تقريبًا في الإنفاق على إعانات البطالة.

كما خفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة الى ما يقرب من الصفر، وكذا شراء السندات، كما أن هناك العديد من التدابير لاحتواء الازمة، منها تأجيل مدفوعات الضرائب دون فوائد أو عقوبات على الافراد أو الشركات التي تأثرت من الأزمة، لتوفير سيولة 200 مليار دولار لدعم الاقتصاد.

ستكون صناعة الطيران، التي تكبدت خسائر فادحة في الشهرين الماضيين بسبب إلغاء الرحلات الجوية وقيود السفر، من أكبر المستفيدين. سوف تتأهل شركات الطيران للركاب للحصول على قروض بقيمة 25 مليار دولار وبعض الضمانات الأخرى. كما أنه مطروح بندًا آخر من مشروع القانون سيسمح بتقديم 17 مليار دولار لمساعدة الشركات مثل شركة بوينج

وفي يوم 26 مارس 2020، عُقدت القمة الطارئة "الافتراضية" لمجموعة دول العشرين(G20)، والتي ترأستها المملكة العربية السعودية، لبحث الجهود الدولية لمواجهة انتشار فيروس كورونا الجديد، وتضم مجموعة العشرين دول: (الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي). وقد تعهدت مجموعة العشرين بتقديم حزمة انقاذ اقتصادية بقيمة 5 ترليون دولار، وتقول وزارة الخارجية إن الصين ساهمت بالفعل بمبلغ 344.1 مليار دولار أمريكي.

ولقد مرر الكونجرس حزمة تكميلية طارئة بقيمة 8.3 مليار دولار لنظام الرعاية الصحية، وما  يزيد عن 100 مليار دولار لتوفير اختبار للفيروس، والتأمين ضد البطالة.

بقلم:د.محمود محمد المصرى

كاتب وخبير اقتصادى وامن الطاقة