 (1).jpg)
المهندس عادل توفيق يكتب: عبر التاريخ.. أغنياء مصر جنبا إلى جنب مع الدولة المصرية

لقد واجهت سلطن مصر المظفر/ سيف الدين قُطُز ، أزمة اقتصادية منعته من تجهيز الجيش المتجه لمواجهة التتار، فلابد من تجهيز الجيش المصري وتوفير التموين اللازم له، وإصلاح الجسور والقلاع والحصون، وإعداد العدة اللازمة للحرب، وليس هناك من الأموال ما يكفي لتأمين كل ذلك، فقام قطز بدعوة مجلسه الاستشاري ودعا إليه سلطان العلماء/ ( العز بن عبد السلام (حيث اقترح قطز أن تُفرض ضرائب لدعم الجيش، ولكن هذا القرار يحتاج فتوى شرعية، لأن المسلمين في دولة الإسلام كانوا لا يدفعون إلا الزكاة.
عندها أفتى (العز بن عبد السلام) وقال: "إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم كله قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وتبيعوا مالكم بدءا من الحوائص المُذَهَّبة (وهي حزام الرجل وحزام الدابة) والآلات النفيسة، ويقتصر كل من الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة، مع بقايا في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا.
وهكذا بيَّن العز بن عبد السلام بأنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة في الممتلكات، ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء، والأغنياء، فإن لم تكفي هذه الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفي لتجهيز الجيش، وقَبِل (سيف الدين قُطُز) فتوى (العز بن عبد السلام)
وبدأ بنفسه وباع كل ما يملك وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك، فانصاع الجميع وامتثلوا لأمره، وأحضر الأمراء والأغنياء كافة ما يملكون من مال وحُليِّ نسائهم وأقسم كل واحد منهم أنه لا يملك شيئاً في الباطن.
ولما جمعت هذه الأموال ضربت سكاً ونقداً وأنفقت في تجهيز الجيش، ولكن لم تكفي هذه الأموال في تغطية نفقة الجيش، فقرر قطز إقرار ضربية على كل رأس من أهل مصر والقاهرة من كبير وصغير ديناراً واحداً، وأَخذ من أجرة الأملاك شهراً واحداً، ودفع أيضاً أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم مُعجَّلاً، (أي قبل حلول الحول) طواعية. وأَخذ من الترك الأهلية ثلث المال، ومن الغيطان والسواقي أجرة شهر واحد، فبلغ جملة ما جمعه من الأموال أكثر من ستمائة ألف دينار، وجهز جيش مصر التجهيز الكافي لملاقاة التتار خارج حدود مصر مفاجئاً لهم في عين جالوت، وكتب الله النصر وهزيمة التتار والقضاء عليهم وعلى أطماعهم تماما .
وها هو التاريخ يُعيد نفسه ، ومصر تواجه تحدياً جديداً وسوف تنتصر بإذن الله وسيظل من بها آمين كوعد رب العالمين ، وبفضل سواعد أبنائها وقاتدتها الأبطال على مر السنين .
فها نحن المصريين جميعا نواجه أزمة تفشي وباء فيروس "كورونا" القاتل والتي أطلقت عليها منظمة الصحة العالمية لفظة "جائحة" لانتشاره في معظم دول العالم واجتياحه مئات الآلاف من البشر ما بين إصابة ووفاه،
وقد قامت الدولة المصرية بالعديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية من تعقيم وتطهير ونظافة وفرض حظر تجوال جزئي وقد طال الحظر أفراح المصريين وأحزانهم ونواديهم وحتى دور عباداتهم ، ولم يستمر لهم من أنشطة سوى الضروري من مصانعهم ومشروعاتهم القومية .
ونظرا لاحتياج تلك المجابهة لكثير من الأموال والإمدادات فقد اطلقت القيادة السياسية والحكومة المصرية دعوة التبرع لصندوق "تحيا مصر" ، وبدءا من أعضاء الحكومة حيث تبرع الوزراء ورئيسهم بخمس رواتبهم لمدة ثلاثة أشهر ، فضلا عن سابق تبرع القائد الأعلى (المظفر بإذن الله) السيسي بنصف راتبه بل ونصف ثروته ومنذ توليه مسئولية رئاسة الدولة المصرية.
والآن بقي دوركم أغنياء مصر الكرام ، لترجحوا كفة النصر كعادتكم ، وتنفذوا مراد ربكم الذي أمدكم من فضله ، وتردوا الجميل لمصر صاحبة الخير الجزيل على أبنائها غنيها وفقيرها ، فهيا وهلموا ، ابذلوا من أجل بلدكم كل نفيس ، تعبر بنا وبكم الى بر السلامة والأمان.