كوكب محسن تكتب: ( كوفيد 19 .. وحق الحياة )

لا شك أن كسر مصابي فيروس كورونا حول العالم لحاجز المليوني مصاب يفتح الباب على مصراعيه للخوض في قضية شديدة الحساسية ، ألا وهي قضية حقوق السجناء والمعتقلين لاسيما الحق في العيش أو "حق الحياة" وبعيدا عن السياسات المتبعة في العديد من الدول والتي تصنف دوليا بالديكتاتورية وخاصة ما يتعلق منها بكبت الحريات والحبس لفترات غير محددة بدون تهم واضحة او محاكمات مدنية تقضي بعقوبات محددة ، يبدو أن الضمير الإنساني بدأ يلعب دوره لدى بعض الأنظمة بعد موجة من الضغط من جهات عدة مهتمة. حري بالذكر أن بعض من هذه الدول تقبع في محيط تشوبه المشاحنات السياسية داخليا وخارجيا ، مع ما تقتضيه تلك الظروف من مواجهات وتحديات اقتصادية وامنية واجتماعية جنبا إلى جنب مع تلك العسكرية والسياسية. لكن عبء الدخول في مأساة جديدة بسبب تفشي وباء كوفيد 19 المستجد لن يكون بيسر الخروج من معضلة الوقوع في فخه إن اهمل أو تم تجاهله عمدا. ليبيا على سبيل المثال ، الدولة الأكثر لغطا منذ سنوات فيما يتعلق بالجدل الدائر على اراضيها بدموية حول احقية الحكم ومصادر البترول وسبل السيطرة عليها ، تحتوي على عشرين سجنا في جنوب وشرق العاصمة تكتظ بالمعتقلين ، الذين يعانون أسوأ ظروف للعيش بسبب الحرب الدائرة على أراضيهم ، والذين يطالب العديد من الجماعات الحقوقية والمنظمات الدولية التي تتابع حقوق الانسان بالإفراج عنهم بما في ذلك المعتقلين على خلفيات سياسية او المحكومين بقضايا جنائية اوشكت مدة حبسهم على الانتهاء ، نظرا للكارثة التي يمكن ان تقع في اي لحظة بسبب تكدس السجون. أما تركيا ، وهي ثاني اكبر دولة متهمة بالاعتقالات العشوائية وتصنف من ضمن الدول الأكثر قمعا في العالم ولا سيما للنشطاء واصحاب الرأي والمعارضة ، فيحملها المراقبون مسئولية 300 ألف سجين سوف يتعرضون لكارثة محققة بسبب الحال السجون المتداعية والمكدسة بالنزلاء، ويطالبونها بالإفراج الفوري عن المعتقلين ولا سيما المرضى منهم والمحتجزين دون محاكمات . ناهيك عن البحرين ، والتي تتلقى العديد من الاتهامات بين الفينة والأخرى لموجة الاعتقالات العشوائية التي تمارسها في كل مناسبة للناشطين واصحاب الرأي من المعارضة. إلا أن خطوة ايجابية قامت بها حكومة البحرين ألا وهي الافراج عن 1486 سجينا ومنح 901 منهم عفوا ملكيا لأسباب انسانية ، ما استوجب اشادة 19 مجموعة حقوقية كانت تشكل تحالفا دوليا لمتابعة قضايا المعتقلين في الازمة الصحية التي طالت السجون تماما كما عاني منها سكان البلاد المعزولين جبريا مثلهم مثل باقي مواطني دول العالم بسبب فيروس كورونا . وبالمثل قامت السلطات الايرانية بإطلاق سراح 83 ألف سجينا من السجون الايرانية بعد تفشي الوباء بصورة كبيرة في البلاد ، بالرغم من استثنائها للمعتقلين السياسيين وتجاهلها للدعوات التي اطلقت للمساواى بينهم وبين زملائهم نزلاء السجون الذين ادينوا في قضايا جنائية . الأزمة التي فرضت نفسها على المنطقة لم تترك دول الخليج في صمتها المطبق عمدا ـ بل فتحت النار على الدول الست اعضاء مجلس التعاون الخليجي ، والتي تضم سجونها نحو اربعين الف معتقل سياسي بينهم اطباء وحقوقيين ومعلمين وكتاب وسياسيين ، يصنفون كسجناء رأي فقط . أما مصر فقد تم الإفراج بالعفو  عن بعض المحكومين من السجون و نظرا لخطورة مواجهة تفشي هذا الوباء في السجون في مختلف ارجاء العالم ، ومن ثم نأمل أن تنتهج الإدارات العربية سياسات تجنبها الوقوع في المزيد من المشكلات في حال عدم سرعة الإستجابة للمطالبات الحالية لإطلاق سراح ما يمكن من المعتقلين والسجناء .