الاقتصاد الإبداعي: أثر الصناعات الثقافية على صناعة السينما العالمية

بقلم:

د.محمود محمد المصري

كاتب وخبير اقتصادي وامن الطاقة

مؤلف كتاب العقيدة التكنولوجية

إن الاقتصاد الإبداعي يمثل هدفاً كبيراً من حيث النظر إلى صناعة السينما، فمن منظور مالي، تعتبر الخدمات الإبداعية محركاً ضخماً لسوق العمل في الدول المتقدمة. فإن الفنون تساهم في الاقتصاد الوطني أكثر من صناعات البناء والتعدين والمرافق والتأمين والإقامة والخدمات الغذائية، « وفقاً لوكالة ناسا ».

ويعد الاقتصاد الإبداعي أيضًا جزءًا حيوياً من الحفاظ على الأهمية الثقافية على قيد الحياة وبصحة جيدة، داخل الدول وخارجها. كما تلعب الصناعات الثقافية، كالمتاحف والمواقع التراثية والفعاليات والفنون المسرحية دوراً في الحفاظ على الهوية الثقافية للشعوب، ومشاركتها مع الآخرين من خلال برامج تضعها المؤسسات الثقافية والسياحية على الاجندة الثقافية للدولة. وبهذا تحظى الأعمال الإبداعية بجاذبية عالمية كبيرة.

مفهوم الصناعات الثقافية

يرجع مصطلح الصناعات الثقافية إلى علم الأنساب إلى الأعمال السابقة في مدرسة فرانكفورت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، والتي شجبت بشدة سلعة الفن كإعطاء شرعية أيديولوجية للمجتمعات الرأسمالية وظهور صناعة ثقافية شعبية.

ويمكن النظر الى الثقافة والاقتصاد على أنهما عمليتان متبادلتان، فلا يمكن الانفكاك بين تقديم أنشطة أكثر ابداعاً تساهم في بناء اقتصاد الدولة، والهدف الاساسي من بناء الابداع الحصول على اشباع حاجات المجتمع الاساسية والوصول المواطن الى حيز الرفاه وحل مشاكلة المعقدة. فأصحاب الخبرات الثقافية يستخدمون عادة طاقتهم من اجل الوصول الى حلولاً حقيقية للمجتمع من وجهة نظرهم، وهذه الحلول قد تساعد كثيراً في الوصول الى الغرض العام الذى تسعى اليه الدولة، فصناعة الثقافة تحتل جزءاً من النواتج المحلية الاجمالية للدول، وفى بعض الدول نجد أن المصدر الرئيسي للدخل من جراء الانشطة الثقافية. وبحلول الثمانينيات من القرن العشرين، وأصبح مصطلح «الصناعات الثقافية» يحمل دلالات  هامة في الأوساط الأكاديمية ودوائر صنع السياسات.

كما قامت اليونسكو بنشر مفهوم الصناعة الثقافية في جميع أنحاء العالم في الثمانينيات من القرن الماضي، وأصبحت تضم مجموعة واسعة من المجالات، مثل الموسيقى والفن والكتابة والأزياء والتصميم والصناعات الإعلامية، على سبيل المثال الإذاعة والنشر والإنتاج السينمائي والتلفزيوني. لا يقتصر نطاقه على الإنتاج كثيف الاستخدام للتكنولوجيا حيث أن هناك الكثير من الإنتاج الثقافي في البلدان النامية يعتمد على الصناعات التقليدية. كل هذه المجالات الإنتاجية لها قيمة اقتصادية كبيرة، لكنها أيضًا ناقلات ذات معان اجتماعية وثقافية عميقة.

صناعة الافلام العالمية

إن صناعة الافلام العالمية لا يمكن النظر اليها على أنها مجرد أداة للترفيه فحسب، بل تعدى الامر الى صناعة حقيقية تتميز بأنها تمتلك عنصريين رئيسيين أولهما أنها صناعة وتعنى أنه لابد من تقديم الجديد دون نمطية وتكرار في العمل والا فقدت قيمتها أي أن تلك الصناعة تعتمد على الابداع والابتكار من حيث تقديم الجديد في الاعمال الفنية، تضم صناعة الأفلام أو صناعة الأفلام السينمائية المؤسسات التكنولوجية والتجارية لصناعة الأفلام، أي شركات إنتاج الأفلام واستوديوهات الأفلام والتصوير السينمائي والرسوم المتحركة وإنتاج الأفلام وكتابة السيناريو والإنتاج الأولي والإنتاج اللاحق ومهرجانات الأفلام والتوزيع والجهات الفاعلة والأفلام المخرجين وغيرهم من أفراد طاقم الفيلم. وبالنظر الى تلك الصناعة عالمياً فنجد أن الأعمال السينمائية حققت لعام 2018 مستويات قياسية على الإطلاق بلغت 11.9 مليار دولار في أمريكا الشمالية و 41.7 مليار دولار على مستوى العالم، مع حصول صناعة ديزني على حوالي خمس هذا الرقم.

يوضح الشكل أكبر الأسواق حسب إيرادات شباك التذاكر لعام 2018

م الدولة الايرادات (بالمليار $)
1 الولايات المتحدة 11.08
2 الصين 9.15
3 الهند 2.44
4 اليابان 2.09
5 المملكة المتحدة 1.72
6 كوريا الجنوبية 1.6
7 فرنسا 1.5
8 ألمانيا 1.11
9 روسيا 1
10 استراليا 0.95
11 البرازيل 0.9
12 مكسيك 0.87
13 كندا 0.76
14 اسبانيا 0.7
15 ايطاليا
                    المصدر: statica  
0.7

 

 

صناعة السينما الهندية "بوليوود"

ان صناعة السينما في البلدان تعد من الثقافات الابداعية التي تسعى الى تحسين الاقتصاد في بعض البلدان وخاصة العالم النامي، فمثلاً صناعة السينما في الهند «Bollywood» التي تُعرف غالبًا باسم بوليوود سابقًا باسم سينما بومباي، ومقرها في مومباي (بومباي سابقًا).

تُعد السينما الهندية، أكبر صناعة أفلام في العالم في مجال إنتاج الأفلام، حيث يبلغ إنتاجها السنوي 1.986 فيلمًا روائيًا في عام 2017. وأنتجت حوالى 364 فيلمًا هنديًا في عام 2017. وتعد بوليوود واحدة من أكبر مراكز إنتاج الأفلام في العالم. حيث بيعت تذاكر السينما الهندية - بما في ذلك بوليوود - ما يقدر بنحو 3.6 مليار تذكرة في جميع أنحاء العالم، مقارنة بـ 2.44 مليار تذكرة هوليوود المباعة.

وختاماً: يجب النظر الى الاقتصاد الذكي على انه اساس يأتي لتسويق المنتجات المبتكرة والتي تخدم مصالح المواطنين وتسد حاجاتهم واشباعاتهم الاساسية والثانوية، قد أصبح الاقتصاد الإبداعي قوة تحويلية قوية في العالم اليوم. إنه أحد أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد العالمي، ليس فقط من حيث توليد الدخل ولكن أيضًا من أجل خلق فرص العمل وعائدات التصدير.