 (1).jpg)
أسامة داود يكتب: محمد عوض تاج الدين.. بين "كورونا" و "ماضيه فى وزارة الصحة"

عرفت الدكتور محمد عوض تاج الدين بدءًا من عام 2002 عندما تولى مسئولية وزارة الصحة خلفًا للدكتور الإنسان إسماعيل سلام الذى توسع فى مشروع العلاج على نفقة الدولة وجعله حق لغير القادرين. و الدكتور محمد عوض تاج الدين رجلاً دمث الخلق هادئ الطباع.. يتحدث بتأنٍ.. يمتلك من التواضع ما يجعله يستحق لقب عالم بالفعل.. ومع كل تلك الخصال يأتى الجانب الآخر الذى يجب وللأمانة أن أذكره كشهادة أمام الله والناس والتاريخ فهو رجل بينه وبين الإنسانية خصومة، يعمل بمنطق الرأسمالى الأنانى الذى يرى أن لكل خدمة فى مجال الصحة يحصل عليها المواطنون ــ وأقصد غير القادرين ــ ثمنا لابد أن يدفعوه مقدمًا وأذكر وقائع أنا طرف أصيل فيها. كانت البداية عندما تدخلت لاستخراج قرار علاج لسيدة عجوز تعانى من عدة أمراض تتعلق بالعظام وضغط الدم والسكر وغيرها من أمراض الشيخوخة.. تم توجيه القرار إلى مستشفى الهلال برمسيس وكان يتولى إدارتها رجل من أبرع مديرى المستشفيات وهو الدكتور محمد رمزى الذى تولى فيما بعد رئاسة المؤسسة العلاجية. توجهت السيدة إلى المستشفى بالقرار وكان بمبلغ 600 جنيه وفى المستشفى اكتشفت أن العلاج الذى قرره الأطباء يصل إلى 250 جنيهًا شهريًا. وتقرر أن يتم توزيع مبلغ القرار على العام ليكون نصيب السيدة فى العلاج الشهرى من القرار 50 جنيها على أن تتولى سداد مبلغ 200 جنيه كفارق وكانت تلك بداية خطة عوض تاج الدين الفعلية التى استهدفت إلغاء العلاج على نفقة الدولة. كانت تلك البداية التى جعلتنى طرفًا أصيلاً فى القضية أبلغتنى السيدة بمظلمتها حيث إنها لا تستطيع توفير أى مبالغ مالية لسداد الفارق بين المخصص شهريًا من القرار للعلاج وبين التكلفة الحقيقية للدواء. اتصلت بالدكتور محمد رمزى متهمًا إياه بأنه يعمل خارج قواعد العلاج على نفقة الدولة والذى يعبر من خلال مسماه على أن العلاج مجانى بنسبة 100% لغير القادرين.. هدأ الرجل من انفعالى وطلب منى الحضور للقائه لإطلاعى على بعض الأمور التى تزيل اللبس.. وتكشف حقائق وتفاصيل ليست كلها عندى. قال الرجل تلقيت خطابًا من وزير الصحة يتضمن تعليمات بشأن منظومة العلاج على نفقة الدولة وهى أن يتم توزيع قيمة القرار على مدار العام مهما كانت ضآلة قيمته وارتفاع تكاليف علاج المريض. وها هى التعليمات التى لا نملك سوى الانصياع والرضوخ لها. بدأت حملتى الصحفية التى جاءت تحت عنوان خطة الحكومة لإلغاء العلاج على نفقة الدولة
محمد عوض تاج الدين
انتقلت الحملة فى جريدة العربى الناصرى ــ التى مازلت أدين لها بعد الله سبحانه وتعالى بالفضل مهنيا ــ من خبر إلى تقرير إلى تحقيقات استقصائية دخلت فيها العديد من المستشفيات والتقيت بمئات المرضى لأرصد مأساة تقليص العلاج على نفقة الدولة وإلغائه على طريقة الخطوة خطوة. انتهت الحملة باتصال بينى وبين الوزير لاناقشة فى موقفه العجيب من علاج غير القادرين على نفقة الدولة، فأرجع فيه كل الأزمة التى ألمت بمشروع العلاج إلى فشل مسئولى المستشفيات فى تفسير التعليمات الصادرة منه بأسلوب خطأ لعدم قدرتهم على فهم المقصد منها!. بالطبع كان هذا مخرجًا لرجل أحرج نظام الدولة وقتها، بينما كان يستهدف أن يحقق بتعليماته تحويل هذا المشروع القومى والانسانى إلى مجرد جسد بلا أحشاء، وأن يحيل الفقراء بقراره التسلطى إلى خيل الحكومة الذى تنتهى خدمته، فيتم التخلص منه رميًا بالرصاص! وحصلت تلك الحملة على جائزة التفوق الصحفى كأفضل حملة صحفية وقتها. أتحدث الآن وأنا أتابع الدكتور عوض تاج الدين بعد أن تربع على منصب مستشار الرئيس للشئون الصحية. بينما يتزامن وجوده مع تضخم وتفاقم حجم المأساة التى يعانيها قطاع الصحة بإطلاق العنان للمستشفيات الخاصة التى أحالت كورونا إلى سبوبة بمباركة وزارة الصحة، التى منحتها صك الابتزاز بتحديد تكلفة اليوم بالرعاية عند 10 آلاف جنيه لمريض كورونا الذى يتكلف علاجه أقل القليل. وأتعجب وأنا لا أسمع للرجل صوتًا أمام صرخات أهالى المرضى الذين تحولوا إلى فريسة فى شباك ثعالب وضباع المستشفيات الخاصة، ودون أن يكون هناك تدخل من الدكتور عوض تاج الدين الذى تم اختياره لهذا الملف بهدف حماية المواطنين وإصلاح الاعوجاج الذى تعانيه إدارة قطاع الصحة فى مصر وليس ليصمت أمام جريمة تقديم المواطنين المصابين بكورونا كوليمة على موائد أصحاب بيزنس اللاصحة. [caption id="attachment_26960" align="alignnone" width="1280"]