ناصر أبوطاحون يكتب: غزوة الصناديق ( الطريق إلى 30 يونيو "2" )

" غزوة الصناديق " تلك العبارة التى صكها أحد قيادات تيار الإسلام السياسي ، كانت  احد البدايات المهمة التى بشرت لثورة جديدة لاستعادة مصر من بين يدي من ظنوا انهم سيطروا عليها من خلال ما اصطلحوا على تسميته غزوة الصانيدق فى إشارة لانتصار أنصار الإعلان الدستوري في استفتاء  19 مارس 2011

أجمع فقهاء القانون الدستورى  والساسة أنه بخلع حسنى مبارك و انتقال السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقد سقط دستور عام 1970 و أنه لا مجال للعمل به ، لأنه أصبح فى حكم الميت والميت لا يعود للحياة، و رغم ذلك سعى المجلس العسكرى لإعادة العمل بالدستور الذى سقط.

ثم فوجىء الجميع بتشكيل لجنة لوضع تعديلات دستورية برئاسة المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الاسبق

وعضوية كلاً من :

د.عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة،

حسنين عبد العال العميد السابق لحقوق القاهرة،

د. محمد باهي وكيل كلية حقوق إسكندرية.

المستشار ماهر سامى يوسف، المستشار الفنى لرئيس المحكمة الدستورية العليا،

 صبحي صالح، محام نقض ينتمي لجماعة الإخوان.

المستشار حسن البدراوى، نائب رئيس المحكمة الدستورية،

المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، و يكون مقرر اللجنة.

 

على تختص اللجنة بما يلي:

دراسة الغاء المادة 179 من الدستور المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

تعديل المواد 88 و77 و76 و189 و93 وكافة ما يتصل بها من مواد تري اللجنة ضرورة تعديلها لضمان ديمقراطية ونزاهة انتخابات رئيس الجمهورية ومجلسي الشعب والشوري.

دراسة التعديلات اللازمة للقوانين المتعلقة بالمواد الدستورية محل التعديل، و إضافة مادة خاصة بلجنة الانتخابات الرئاسية  وتحصين قراراتها من أى طعن أمام أى جهة قضائية

حدث لغط كبير فى الوسط السياسى ، وانقسمت الثورة إلى معسكرين ، معسكر ضم الإخوان و اتباعهم من جماعات العنف التى كانت تصالحت مع نظام مبارك وخرجت من السجون

وانضم اليهم حليف السلطة جماعات السلفيين" ليشكلوا معاً معسكر التأييد للمجلس العسكرى وسياسته الهادفة إلى خطف إعلان دستورى سريع

بينما تشكل معسكر الرفض من الثوار والتيارات السياسية والحزبية التى كانت ترى وجوب البدء بإختيار لجنة لكتابة دستور جديد

انتصر معسكر الموافقة  وانتهت لجنة البشرى من صياغة 8 مواد دستورية جرى وضعهم وفق خطوط عريضة رسمها المشير طنطاوى للجنة

و جرى الاستفتاء على المواد الثمانية فى الاستفتاء الشهير الذى جرى يوم 19 مارس 2011

تم الحشد للاستفتاء على أسس تتنافى مع تقاليد الدولة المصرية و تتنافى مع روح و أهداف وشعارات ثورة 25 يناير، فكان الحشد دينياً وطائفياً بشكل مستفز

و انقسمت كتلة الناخبين بشكل حاد لتفوز التعديلات الدستورية التى أرادها المجلس العسكرى بأغلبية كبيرة وصلت إلى 77 %

أحدثت النتيجة صخباً فى أوساط السياسيين والثوار 

ومنحت المجلس العسكرى ثقة كان يريدها لتدعيم موقفه امام الجميع

فالمشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى كان يرى - فى قرارة نفسه - أن الاستفتاء على المجلس العسكرى نفسه وليس على أى تعديلات دستورية شملت بضعة  مواد

ومنحت النتيجة شعوراً مختلفاً لتيارات الإسلام السياسى بدءاً من جماعة الإخوان و جماعات السلفيين وصولاً إلى جماعات العنف التى تحمل على ظهرها أثام ودماء ألاف المصريين

و بدأ الغرور ينبعث من كلام وتصرفات قادة تيار الإسلام السياسى  وصل ذروته بأن أحدهم أطلق على ما جرى يوم 19 مارس "غزوة الصناديق"

وهو  تعبير كان يقصد به بوضوح شديد أنها كانت معركة بين الكفر والإيمان كشأن كل ما أُطلق عليه لقب غزوة فى تاريخ الإسلام

ثم زاد هؤلاء فى غيهم فقالوا على من يخالفنا أن يغادر البلاد ، فى إشارة للمسيحيين  ..

و هكذا كانت غزوة الصناديق التى مكنت للمجلس العسكرى وجماعة الإخوان فى السلطة أول لبنات ثورة 30 يونيو التى تم وضعها فى بناء سيكتمل لاحقاً

فرحت التيارات الدينية بنتيجة الاستفتاء دون أن تدرى أنهم استفتوا الشعب على مواد ستذبحهم لاحقاً وخاصة مادة لجنة الانتخابات الرئاسية  التى تم تحصينها و منع الطعن على قراراتها سوى أمامها

المهم انتهت غزوة الصناديق بموافقة اغلبية الناخبين على ثمان مواد دستورية، ثم فوجىء الشعب بإعلان دستورى متكامل حوى عشرات المواد

[caption id="attachment_29641" align="alignnone" width="600"]غزوة الصناديق غزوة الصناديق[/caption]