حسن الكومي يكتب : الحجاب .. الخديعة والوجيعة (٧)

الأوامر والنواهي جاءت في القرآن واضحة وصريحة لا تحتاج تفسير من أحد مثل( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) حتى في الأمور التي قد تبدو بسيطة مثل ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ) ( وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) لكن الآيات التي يفسرها الشيوخ على أنها تدل على الحجاب كلها آيات ظنية، ولذلك يجهد نفسه في الكلام الكثير ليقنعك بفكرته، وسنعرض تفسير الشيوخ لها، وما ذكروه وما أخفوه. الآية الأولى هي (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) قال الشيوخ أن كلمة خمار معناها غطاء الرأس الذي كانت النساء تلبسه في الجاهلية على رأسها وتترك صدرها مفتوحا، وأن الله أمر ببقائه وتطويله ليغطي فتحة الصدر أيضا! ورغم أن غطاء الرأس أحد معاني كلمة الخمار، وليست المعنى الوحيد، إلا أن شيوخ الحجاب يتجاهلون أن من ضمن المعاني "كل ما ستر" بمعنى "غطاء الشيئ" سواء كان هذا الشيئ الرأس أوغير الرأس كما ورد في كل المعاجم. الآية تأمر بتغطية الجيوب في جسد المرأة بالتحديد، وهو كل ما يفتح ويقفل كفتحة الصدر ، والأرداف، والفرج. وليس فيها أمر بتغطية الرأس أو الشعر. وقد أبدع الشيوخ في التدليس ليدللوا على أن كلمة خمار معناها بالضرورة غطاء الرأس دون الالتفات للمعاجم!، وحتى لا نضيع مجهودهم فسوف أذكر إبداعهم هذا، على لسان الشيخ خالد الجندي وهو نفس ما رددته الفنانة حنان ترك مثل التلميذة الشاطرة عن الشيخ الذي ألبسها الحجاب، يقول الجندي بعد أن تلا الآية المذكورة (الخمار هو كل شيئ يخالط الرأس! الفعل بتاع كلمة خمر كل شيئ يخالط الرأس، عشان كده اللي بيشرب الكحول داهوات بنقول عليه شرب خمرة، والخمرة أثرت على رأسه، لو واحد نايم بنقول عليه مخمر نوم، فاهم الكلمة؟! في حديث في البخاري النبي كان لابس عِمّة، العمة بيقولوا عليها خمار برضه، قال: فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خمر رأسه، يعني غطى رأسه، آدي بقا فايدة روايات البخاري اللي مش عاجبة صاحبنا...) ولا يسعني إلا أن أقول، هاردلك يا عم الشيخ منك له، تعبت نفسك على الفاضي، يوجد حديث في البخاري ومسلم يقول "...وخَمّر إناءك واذكر اسم الله.." خمر إناءك يعني قم تغطيةإناءك، فكلمة الخمار ليست مقصورة على تغطية الرأس فقط كما تدعي، وإبداعك مع شيوخ الحجاب عن الخمرة ومخالطة الرأس والكحول داهوات!.....ذهب هباءً منثورا. وترد عليك أيضا المعاجم التي تتجاهلها مع شلة الشيوخ ومنها: * خمار: كل ما ستر * دخل فلان في خمار الناس: فيما يواريه ويستره منهم. الخمار كل ما ستر وغطي بمعني أن كل قطعة قماش في دولاب المرأة هي خمار تغطي به فتحة الصدر والجيوب، كفستان او بلوزة مقفولة الصدر، فليس من الضروري أن نجعل من رأس المرأة شماعة حتى يسمى خمارا. وأيضا لو أن إنسانا توارى وراء زميله يعتبر هذا الزميل خمارا له أي غطاء وساتر له! الآية قالت ( وليضربن بخمورهن على جيوبهن) ولم تقل (وليضربن بخمورهن على رؤوسهن)أو (رؤوسهن وجيوبهن) * ثانيا: لو فرضنا أنها كانت هي المعنى الوحيد وأن كلمة خمار هي غطاء الرأس الذي كانت تلبسه المرأة في الجاهلية فإن القرآن لم يأمر به أو يستحسنه، والآية تصف الواقع الذي اعتاد عليه العرب في الجاهلية، مثلما أسألك عن عنوان شخص ما فقلت لي هو أمام معبد الماجوس، انت تصف الواقع ولكن ليس معناه انك تحب معبد الماجوس، أو تحث عليه، أو تطالب ببناء المزيد منه. ومقصد الآية هو تغطية الجيوب فقط بصرف النظر عما كان يحدث في الجاهلية أو طريقة التغطية التي تختارها المرأة، لأن غطاء الرأس في الجاهلية كان لعوامل طبيعية وبيئية أو عوامل اجتماعية، ولا يمكن أن يكون بهدف الحشمة، فلا يعقل لمن تريد الحشمة أن تغطي رأسها وتفتح صدرها!. * ثالثا: الله عز وجل أحل الطيبات بنص قاطع مع أن الطيبات لاشيئ فيها، ويتغذى الإنسان عليها منذ آدم ومع ذلك الله احلها بالنص القاطع في قوله ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ). وكذلك الله أحل للنبى أزواجه بنص قاطع. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) بالرغم من أن الزواج كان معروفا في الجاهلية وعلى مر العصور. وكذلك ملك اليمين أجازه القرآن بنص قاطع ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) رغم أن الرق وملك اليمين كان معروفا في الجاهلية، ويقوم عليه المجتمع، ورغم أن الإسلام حث على تحرير العبيد لينتهي مع مرور الوقت. فلماذا لم يأمر القرآن المرأة بأن تغطي شعرها بنص قاطع حتى ولو كان معروفا في الجاهلية؟! الذي يقول إن غطاء الرأس كان موجودا من قبل فزاد الله عليه أن يُضرب على الجيوب فهذا تقوّل على الله لأن التشريع يكون بنص وليس لاستنتاجات ظنية ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) * رابعا واخيرا لو أصر فريق غطاء الرأس على رأيه وأن هذه العادة الجاهلية أصبحت فرضا في الإسلام، فهل كان يتم تثبيت غطاء الرأس في زمن الجاهلية وصدر الإسلام بدبابيس ومسامير كما يحدث الآن؟! كانت الطرحة في الأرياف والمناطق الشعبية قبل الهجمة الوهابية الإخوانية تظهر نصف شعر المرأة وكلما تحركت أو هزت رأسها انزلقت الطرحة وتقوم بإصلاحها من حين لآخر. ولم ينظر أحد وقتها إلى هذا الشعر على أنه عورة، أو ظهور شعيرات منه جناية لأنه كان مجرد عرف مجتمعي في تلك المناطق. أما قوله تعالى في نفس الآية ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ ) فإن قول الشيوخ ما ظهر منها هو الوجه والكفان معتمد على حديث ضعيف كما سنورد، والآية لم تحدد أبعاد هذه الزينة الظاهرة، ولكنه متروك لتقدير المرأة حسب عُرف المجتمع أو الضرورة أو المكانة. [caption id="attachment_47730" align="aligncenter" width="720"]الحجاب الحجاب[/caption]