.jpg)
!!د. محمد سيد أحمد يكتب : السيسي وانحيازاته الاجتماعية !!

لكى نعرف الى أين تسير مصر ؟ لابد من التساؤل حول الانحيازات الاجتماعية لرئيس الدولة ؟ فى ظل نظام سياسي يحدد فيه موقف الرئيس كل شيئ فالحكومة يختارها الرئيس, والبرلمان بتركيبته العجيبة الراهنة لا حول له ولا قوة, وبالتالى من يرسم السياسات العامة للدولة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية داخليا وخارجيا هو الرئيس, وما الحكومة والبرلمان إلا أدوات مساعدة من أجل الشكل القانونى والدستورى فقط,
وحتى لا يكون الكلام مرسل وبدون أدلة فعلينا أن نتساءل هل يشعر المواطن المصرى بأن هناك حكومة له خطة أو برنامج ؟ والإجابة القاطعة التى أسمعها كلما وجهت السؤال لأى مواطن مصرى ( هو فى حكومة من أصله ) حتى رئيس الحكومة ووزراءها لم يعد المواطن يستطيع أن يحفظ أسماءهم وهذا ما يعنى أنهم غير مؤثرين وليس لهم وجودا واقعيا.
وإذا ما سألت السؤال ذاته على البرلمان ومدى فاعليته وجدواه ؟ فالإجابة القاطعة أيضا تؤكد أنه لا يرقى لطموحات شعب قام بثورتين. إذن الرئيس وانجيازاته الاجتماعية هى من يحدد في أى طريق نسير وهو وانحيازاته من يحسم مستقبل مصر.
ومن خلال تحليل خطابات الرئيس التى كثرت فى الآونة الأخيرة يمكن القول بلا أدنى شك أن الرئيس قد حسم خياراته وانحيازاته الاجتماعية على مستوى منطوق الخطاب, فالرجل لا يترك مناسبة إلا وأكد للشعب المصرى أنه مع الفقراء والكادحين والمهمشين والمقهورين والمظلومين والمكلومين من شعب مصر والذين يشكلون الغالبية العظمى من أبناء الوطن,
ولا يكتفى الرجل بالتأكيد على ذلك بل وصل به الأمر الى مغازلتهم حيث يعتبرهم ( نور عينيه ) وفى خطابه الأخير أكد لهم أنه لو ينفع ( يباع ) من أجلهم لن يتردد فهو فداء لمصر
وبالطبع هذه اللغة التى تدغدغ المشاعر لدى شعب يمكن توصيفه وفقا لأنماط الفعل التى حددها عالم الاجتماع الألمانى ( ماكس فيبر ) بأنه شعب عاطفى يغلب على أفعاله ذلك النمط من الفعل البعيد عن العقلانية والرشد وبالتالى يتأثر كثيرا بكلمات الرئيس العاطفية والحنونة
وبالطبع قد يكون الرجل صادقا فى كلامه ومشاعره, لكن السؤال الذى يطرح نفسه هل بالفعل هناك اتساق بين ما يطرحه الرئيس فى خطاباته من انحياز واضح للطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية الوسطى والدنيا وبين ما يتخذه فعليا وواقعيا من قرارات وما يتبناه من خطة وبرنامج ومشروع ليحقق لهم أمالهم وطموحاتهم وأحلامهم المشروعة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ؟
وفى محاولة للإجابة على هذا السؤال المفصلى والمحورى فى ذات الوقت ومن خلال الشواهد والأدلة الواقعية, فالممارسات من خلال الحياة اليومية تؤكد وجود فجوة كبيرة بين منطوق الخطاب الذى يصدره الرئيس وبين أفعاله الواقعية, فالرئيس ووفقا لمنطوق خطابه ليس لديه خطة أو برنامج أو مشروع اجتماعى ليقدمه للشعب المصرى
وما يقوم به من انجازات على أرض الواقع ورغم أهميتها وعدم انكارها لكنها لا تشكل مشروعا تنمويا حقيقيا, بل يمكن القول الآن أنه لم يطرح خطة أو برنامج أو مشروع لأنه قرر ومنذ البداية السير وفق المشروع الرأسمالى الغربي التابع نفس الطريق الذى سلكه السادات ومن بعده مبارك ثم طنطاوى ومرسي ومنصور
وهذا المشروع هو الذى أوصل مصر وشعبها الى ما وصلت اليه من تجريف فى كافة المجالات وهو ما أدى الى أن يعيش ما يقرب من 70 % من شعب مصر إما تحت خط الفقر أو فى حزامه, فى نفس الوقت الذى يحصل فيه 1 % فقط على نصف الدخل القومى.
فالرئيس لم يقترب منذ مجيئه من رجال أعمال نظام مبارك بل يعتمد فى مشروعاته الكبرى على المواطن الفقير الذى جمع له 64 مليار جنيه لمشروع قناة السويس, والذى يتحمل بصبر الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع والخدمات الأساسية غذاء وأدوية وكهرباء وغاز وبنزين وسولار ومياه وصرف صحى .. الخ
وأخيرا يطالبهم الرئيس فى خطابه الأخير بالتبرع يوميا بجنيه واحد عن طريق مكالة هاتفية ( يصبح ) بها على مصر
وبالطبع تبرز المواقف والقرارات والأفعال التى يتخذها الرئيس فى الواقع انحيازاته الاجتماعية المضادة للفقراء والكادحين والمهمشين والمقهورين والمظلومين والمكلومين من شعب مصر, والداعمة للأغنياء و الفاسدين والنهابين والسارقين لثروات الوطن
وإن لم يصحح الرئيس السيسي من انحيازاته الاجتماعية واقعيا فلا ينتظر أن يصبر عليه الشعب طويلا فالفقراء ليس لديهم ما يخسرونه من ثورتهم عليه كما ثاروا على من سبقوه, اللهم بلغت اللهم فاشهد.