
دولة مبارك هى دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والافتراء على خلق الله من الفقراء والكادحين, دولة مبارك هى الدولة التى تحول فيها أمين الشرطة الجاهل أبو اعدادية الى باشا يضرب ويسرق وينهب ويغتصب ويقتل ويهاب ولا يعاقب ولا يقترب منه أحد, فهو من المفترض ممثل القانون أو حافظ النظام أو قل هو القانون أو النظام ذاته, وإذا أرادت الدقه هو فوق القانون والنظام, هو اليد التى يبطش بها ممثلى القانون والنظام, هو الأداة التى يستخدمها جهاز الشرطة أداة النظام السياسي الاستبدادى لضرب الشعب وإهانته وإخضاعه بالقوة للسكوت والانصياع لرغبات الحكام الأغبياء الذين أفقروا شعوبهم بسياساتهم التابعة غير الوطنية.
لقد ذاق كل الشعب المصرى ضربة أو أكثر من هذه الأداة الباطشة التى يطلقون عليها أمناء الشرطة, ومن لم يذق فقد شاهد بنفسه أو سمع من غيره عن موقف أو أكثر للتجاوزات الرهيبة التى يمارسها هؤلاء الطغاة الجاهلون الأغبياء, فخلال الممارسات الحياتية اليومية تصادفه كثيرا سواء ذهبت اليه أو جاء إليك ودائما ما يقهرك ويتمعن فى إذلالك وإن لم يتمكن لو كنت فى موقع متميز على الخريطة الطبقية فسوف يقوم بابتزازك باسم القانون على أقل تقدير فيستخرج منك رشوة على شكل اكرامية, على عكس السرقة والنهب وإهدار الكرامة التى تحدث مع الفقراء والكادحين الذين فرض عليهم النظام أن يقبعوا فى أسفل السلم الاجتماعى وفى المنطقة المتصحرة على الخريطة الطبقية.
لقد هاج وماج كل ممثلى نظام مبارك حين قدم العبقرى خالد يوسف نموذج حاتم ” أمين الشرطة ” في فيلمه الرائع ” هى فوضي ” والذى تنبأ من خلاله بقيام الثورة على دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والطغيان التى يمثلها حاتم أمين الشرطة الأداة القذرة التى يستخدمها جهاز الشرطة أداة حفظ كراسي السلطة وليس أداة حفظ الأمن والسلم للشعب فى دول التخلف والتبعية. وفى حينه خرج علينا المتفلسفون ليقولوا هذا تشويه وإساءة لسمعة مصر وهناك من طالب بضرورة محاكمة خالد يوسف, وبالطبع ما قدمه خالد يوسف هو نموذج للفن الملتزم بقضايا الوطن والذى يشكل فيه الفن مرآة عاكسة لكل السلبيات التى تحدث فى الواقع مع التحذير الدائم بخطورة ما يحدث. ولأن النظام غبي فلم يلتفت لتحذيرات خالد وأمثاله من الفنانين والكتاب الوطنيين الملتزمين كما لم ليلتفتوا للدراسات العلمية التى تنبع من نفس الأرضية الوطنية وتجاهلوا نتائجها فكانت ثورة 25 يناير التى تفجرت بسبب الممارسات المباشرة للأدوات القذرة للنظام وهم أمناء الشرطة.
وخلال أيام الثورة الثمانية عشر تهاوى جهاز الشرطة وهوى معه نظام مبارك ودولته كلها – هذا ما توهم به غالبية المصريين – لكن حقيقة الأمر هو أن دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والطغيان فقط انحنت للريح حتى تمر, وقد استغرق ذلك ما يقرب من عامين حين قامت 30 يونيو على دولة الارهاب التى حاولت أن تحل محل دولة الفساد لكنها فشلت, ومنذ ذلك التاريخ ودولة مبارك تحاول العودة الى سابق عهدها لترهب وترعب المواطنين المصريين من جديد وبالطبع فى إطار استعادة هيبتها المفقودة لم تجد غير أدواتها القذرة بجهاز الشرطة وهم أمناء الشرطة الذين يمارسون البلطجة على خلق الله بدعم من رؤسائهم الذين يتلقون تعليماتهم من السلطة السياسية المسيطرة على مقاليد الحكم, وبعد أن كانت قد اختفت هذه الممارسات مؤقتا عادت لتفرض نفسها من جديد على حياة المصريين.
ومن هنا يمكن القول أننا قد عدنا مرة أخرى للمربع صفر قبل قيام ثورة 25 يناير فشكل الدولة والنظام كما هى لم تتغير قيد أنملة, فالفساد ينخر فى عظم الوطن, والاستبداد والقهر والظلم وتقييد الحريات هو سيد الموقف, واستمرار الفرز الاجتماعى بحيث يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا نتيجة لغياب العدالة الاجتماعية الفريضة الغائبة التى يبحث عنها عموم المصريين, وبالطبع فى ظل غياب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية تغيب الكرامة الانسانية. ومن هنا نتساءل ماذا بعد ؟ لقد عادت دولة مبارك من جديد فى شكل حكومة وبرلمان من صبيان رجال لجنة السياسيات, ومازالت السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التابعة للنموذج الرأسمالى العالمى كما هى, ومازالت محاولات فرض الهيمنة والسيطرة بواسطة أجهزة الشرطة وأدواتهم التحتية ( أمناء الشرطة ) تفعل فعلها, لذلك أوجه النداء للرئيس عبد الفتاح السيسي الذى وثق فيه الشعب المصري أنك النقطة الفاصلة على السطر فيمكنك أن تعلن تبرئك من دولة مبارك وتدخل ومعك الشعب فى معركة هدمها وبناء دولة الحرية والعدل, وإلا فسوف يكفر المصريين يوما بك وهنا ستقوم الثورة على دولتهم وعليك, اللهم بلغت اللهم فاشهد.