
للمرة الاولي التي يلح علي عنوانا مسبقا لمقال أسطره، فقد جرت العادة أن أترك لخيالي العنان ثم اجلس محتارا في عنونته، إلا أن هذه المرة كان الرهان الخاسر هو الذي يلح على الخاطر حتى قبل أن تختمر الفكرة وتحتشد الحروف لتعبر عما أريد.
علي قدم وساق يجري القطاران بأقصى سرعة متجاوزا تعليمات المرور وحالة المزلقانات، كل إلى محطته المبتغاه، وإذا كانت القيادة في الأصل فن وذوق وأخلاق، إلا في مصر تغول وتوحش وبلطجة واستكراد، ولا أحد يهتم بما يرتكب من تجاوزات، طالما كانت بغيته أمامه وحصانته معه، فالغاية عنده تبرر الوسيلة.
لا أحد يهتم بمن سيدهس في سبيل الوصول إلى هدفه، ولا من سوف يضار من جراء تلك الرحلة المؤكدة المعتمدة سلفا إلى الجحيم، ولا فريقا احتكم الي العقل او العلم واقدم علي إجراء دراسة جدوى لتكلفة ماذا يريد.
تلك المقاصل التي يجهزها كل فريق للآخر في السلطة أو في القوي المناوئة لها، وكأن كل طرف يمتلك زمام الحقيقة وحده ويقف على حدود الوطنية شاهرا أسلحته، لن تورد الجميع إلا إلى التهلكة، فلم يعد الخلاف على ملف واحد يمكن التوافق حوله، بل أصبح التنابز بأبشع الألفاظ هو اللغة الوحيدة المعتمدة رسميا بين الجناحين.
كل تلك الديباجات المراق حروفها أعلاه تغني عن الاستطراد في شرح المشروح، لكن لا مناص من الدخول في صلب الموضوع حول حالة الاستقطاب المقيتة بين النظام وهو المسئول أولا وأخيرا عما جرى ويجري وسيجري في تلك البلاد التي لا تريد أن تبرح عتباتها بعد التخلص من الجماعة إياها والنظام الذي سبقها، وبين تلك القوي التى تتناحر مع الجميع أو حتى مع نفسها للوصول إلى غايات مجهولة، بعد أن استهواها عملية إسقاط الانظمة، واحدا تلو الآخر، تحت شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
يسابق النظام الزمن للوصول إلى غايته بالعمل ومحاولة الإنجاز من جانب، وبكبح جماح معارضيه بالتخوين والتشويه تارة اوبالقبضة الأمنية بغشوميتها تارة اخري، وهو يجد من يروج له أن كل المختلفين معه خطرا محدقا يحيق بالوطن.
على الجانب الآخر تقف قوي أخري لا هدف لها إلا تغيير النظام كما تغير ملابسها ، وتعتبر الاستقرار أو الاستمرار أجندة تخالف معتقداتها وشعاراتها، هو أيضا خيانة للثورة والأرض والشعب، سواء كانت مبرراتها وأهدافها معقولة أو حتى كانت ضربا من الجنون، فهي لا تنتظر حتى لالتقاط الأنفاس اعتماد علي فقه الأولويات، التي تؤكد أن الجميع في خطر وأن هناك قوي متربصة، تصب الزيت علي النار حينا، وتستمتع بالفرجة حينا آخر.
لو كان الخلاف بين معسكر النظام ومعسكر”الثورة” بينيا وعلى قضايا واضحة، لكنا قد صفقنا له، ورقصنا “عشرة بلدي” أن هناك وجهتي نظر أو حتى عشرة، حول الأجندة الوطنية الواحدة، لكن اختلاط الأجندات بين جماعة الثورة وجماعة حسن البنا إلى حد التطابق في معظم القضايا وانجرار ما يطلقون على أنفسهم الثوار خلف ترهات الإخوان وشائعاتهم وتبنيهم لمواقفها في قضايا كثيرة مثل قناة السويس الجديدة وملفات حقوق الإنسان ، وقضية “ريجيني” و المزايدة فيه و الخلاف حول جزيرتي “صنافير وتيران ” التي أشبعت الجماعة الشعب فيها لطما ولا تزال ترقص حول جنازتها، ولن تتوقف إلا بقضية جديدة او مصيبة أخري.
ولا تنسي النظام الحاكم وانحيازه الواضح لسياسات نظام مبارك الساقط، وكأنه جاء ليكمل خطته، في العصف بالطبقات الفقيرة، من غلاء وبطالة وتوزيع الاعباء دون الغنائم، واستخدام العصا الأمنية، واستبعاد السياسة والإبقاء علي تشوهاتها القديمة دون اللجوء إلي إصلاحها ليكون مال الله لله ومال لقيصر لقيصر.
تري هي تلك الطريقة المثلي، لترميم الأوطان أم هي نموذج مختلف لهدهما، بلا جيوش، بعد أن استعصي على من يردون إسقاط جيشها، بكل ثقة وتأكيد سوف يخسر هذا الوطن أرضه وشعبه اذا سقط النظام بهذه الطريقة العشوائية المجنونة البلهاء، او اذا استطاع القضاء علي قوي الوطن الحية.
اعتقد ان هذا هو “الرهان الخاسر” الذي يعول عليه الفريقين والذي اخترته عنوانا لتلك السطور التي كان يجب أن تكون تحت عنوان آخر هو “الخيار شمشون”.
حزن الختام :-
انا كان مالي بعودك ووعودك وعهودك وجنودك
وقنالك وسدودك ونصارتك ويهودك
وحضارتك وخلودك
مش كان لازم احبك اصلا ولا فصلا
انا غلبان وانت قوية
مش واحدة عادية بتحب وبس
دايما بتخص
انا حافظ دوري كويس
وانتي بتنتهكي النص