د. محمد سيد احمد يكتب : سيناء بين ثقافة التهميش .. والاحتواء !
3 أبريل 2016 | بتوقيت 9:24 مساءً

سيناء جزء عزيز وغالى من أرض الوطن, وهى البوابة الشرقية لمصر وعبر هذه البوابة دخل الغزاة مرات عديدة خلال تاريخنا قديما وحديثا, فلا أمن ولا استقرار لمصر بدون تأمين للبوابة الشرقية, ومعها البوابات الأخرى الغربية والشمالية والجنوبية, هذه هى متطلبات الأمن القومى لأى وطن, لذلك أدراك كل من حكم مصر وكان لديه وعيا حقيقيا بمعنى الأمن القومى المصرى أن هذا الأمن غير مرتبط بالحدود فقط
لذلك يجب أن تكون هناك علاقات طيبة بجيراننا عبر البوبات المختلفة وهذا ما أدركه بوعى شديد جمال عبد الناصر, ثم جاء تابعيه السادات ومبارك وأهدروا هذه القيمة فتوترت علاقات مصر مع جيرانها عبر البوابات المختلفة, لكن تظل البوابة الشرقية – بوابة سيناء – هى الأخطر على الإطلاق لأن الواقف خلفها ليس أخ وشقيق وحبيب يؤتمن, بل عدو محتل وغاصب لأرضنا العربية فى فلسطين, ليس هذا وفقط بل هو عدو لديه اطماع توسعية وكان محتلا لأرض سيناء لفترة من الزمن,
واعتقد السادات ومبارك بغباء شديد أن عقد اتفاقية – سلام مزعوم – مع العدو يمكن أن يحفظ أمن واستقرار مصر لكن التجربة والمحنة التى نمر بها الآن تؤكد أنهما كانا واهمان, فالخطر الداهم التى تتعرض له مصر عبر البوابة الغربية فى ليبيا يمكن تداركه, والخطر التى تتعرض له مصر عبر البوابة الجنوبية فى افريقيا ومنابع النيل وسد النهضة يمكن ايضا تداركه بإعادة علاقتنا الطيبة والإستراتيجية مع دول حوض النيل التى كانت لنا معهم علاقات ممتازة فى الخمسينيات والستينيات خلال فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر, لكن تظل بوابة سيناء الشرقية هى البوابة التى لا يمكن لمصر أن تأمنها حتى يزول الكيان الصهيونى الغاصب, هذه حقيقة وواقع لا يمكن التغاضى عنه إلا من غافل.
ولم يكتفي الغبى مبارك باتفاقية الخزى والعار المكبلة مع العدو الصهيونى والتى تحد من قدرات الجيش المصرى فى الدفاع عن أرض سيناء وتحدد الوجود الأمنى بها فى قوات محدودة بالعدد والعدة, بل تمادى فيما هو أوسع من ذلك فإذا كانت الاتفاقية مع العدو تشكل خطرا على الأمن القومى فإن الإهمال والتهميش لسكان سيناء يشكل خطرا أكبر وأعظم يمكن أن نطلق عليه الأمن القومى الاجتماعى, فالدولة التى تستخدم ثقافة الإهمال والتهميش مع مواطنيها تكون قد لعبت فى ملف الأمن القومى الاجتماعى الذى يبنى عبر جسر من الحب والانتماء والولاء, والذى لا يمكن أن يتحقق إلا إذا شعر المواطن بالعدالة الاجتماعية, وبأنه مواطن كامل الأهلية يحصل على حقوقه كاملة من الدولة ويتساوى مع باقى مواطنيها لا فرق بينه وبين غيره من المواطنين على أساس النوع أو الجنس أوالدين أو العرق أو محل الإقامة سواء بالقرب من مركز الحكم أو بالبعد عنه فهو فى الأول والمنتهى مواطن مثل غيره من المواطنين له حقوق وعليه واجبات, لكن ما حدث هو شيئ آخر فالاتفاقية ضربت الأمن القومى فى مقتل, ثم تولى مبارك ونظامه ضرب الأمن القومى الاجتماعى حين أغفل تنمية سيناء ورعاية أهلها واحتوائهم, وهنا دخل العدو الصهيونى أولا ثم العدو الإرهابى التكفيرى ثانيا ليلعب مع بدو سيناء لعبة فى منتهى الخطورة فقد أدراك العدو أن الدولة تستخدم معهم ثقافة التهميش فقام هو باحتوائهم فتعاون معهم وقدم لهم فرص الحياة عبر تجارة محرمة فى السلاح والمخدرات وكل ما هو ممنوع وتم إقامة المئات من الأنفاق على الحدود ومن داخل بيوت البدو, دون شعور بخطورة ما يقومون به على أمن واستقرار الوطن فهم يعتبرون انفسهم جزء مستقل عن الوطن نتيجة الإهمال والتهميش, وهو ما جعل حبهم وانتمائهم وولاءهم للوطن يضعف الى حد كبير.
ولذلك فقد خلقت ثقافة التهميش بيئة حاضنة استغلها العدو الصهيونى لضرب الأمن والاستقرار فى مصر عبر البوابة الشرقية فى سيناء, وحين بدأت المعركة مع الجماعات الارهابية التكفيرية كانت أرض سيناء هى الملعب الذى استغله هؤلاء ايضا لتهديد الأمن القومى المصرى, لذلك فعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي الآن التفكير فى إعادة الأمن القومى المصرى أولا بإعادة النظر فى اتفاقية الخزى والعار مع العدو الصهيونى حتى نتمكن من بسط نفوذنا وسيطرتنا كاملة على كامل التراب الوطنى فى سيناء, وثانيا إعادة بناء جسور الثقة مع بدو سيناء وذلك لن يتم إلا بمشروعات تنموية حقيقية لهم, وأن تعيد الدولة النظر فى سياساتها تجاههم فتحل ثقافة الاحتواء محل ثقافة التهميش, وحين يشعر المواطن السيناوى باهتمام الدولة واحتواءها والحصول على حقوقه كاملة كمواطن سوف يعود الحب والانتماء والولاء للوطن, ويعود معه الأمن القومى الاجتماعى, وهنا فقط يمكننا مواجهة العدو الصهيونى ومعه العدو الإرهابى التكفيرى الذى يقتل كل يوم أبناء جيشنا الباسل على أرض الفيروز, اللهم بلغت اللهم فاشهد.