د. محمد سيد احمد يكتب : جماعة الإخوان وجماعة مبارك .. يحرقون مصر !!
16 مايو 2016 | بتوقيت 9:42 مساءً

قد يظن البعض أننى أستهدف الحرائق التى تشهدها مصر تلك الأيام واحتار الجميع حول أسبابها, فالدولة تتهم الجماعة الإرهابية وأنصارها بتنفيذ مخطط منظم لحرق مصر, والجماعة الإرهابية وأنصارها يتهمون الدولة بالقيام بهذه العمليات لإلهاء الجماهير عن فشلها فى تحقيق مطالبهم المشروعة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية, وبالطبع إذا كان الطرح الأول جائز ومنطقى الى حد كبير, فإن الطرح الثانى أبعد ما يكون عن المنطق والعقل, خاصة وأن الحرائق تستهدف المواطنون البسطاء وممتلكاتهم وليس من صالح الدولة أن تقوم بمثل هذا النوع من الحرائق التى تزيد من معاناة المواطن وبالتالى يزيد سخطه على نظام الحكم, وعلى كل الأحوال فإن ما أستهدفه هنا ليست تلك الحرائق الغريبة والعجيبة والمتعددة والمتكررة التى حدثت خلال الأيام الماضية وعجزت أجهزة الدولة عن تقديم تفسير لها أو القبض على مرتكبيها حتى ولو كانوا عناصر من الجماعة الإرهابية وهو ما يعنى أن هناك فشل حقيقي فى التصدى لإرهاب الجماعة الأكثر تنظيما رغم كل ما تتعرض له من مواجهات عبر أكثر من ثمانية عقود كاملة.
لكن ما أقصده بأن جماعة الإخوان وجماعة مبارك يحرقون مصر فهو شيئ مختلف فالصراع على السلطة بين الجماعتين هو ما يحرق مصر وشعبها, فحين قامت ثورة 25 يناير على جماعة مبارك التى جرفت كل شيئ على أرض المحروسة, كان الغالبية العظمى من المصريين التى أفقرتهم سياسات مبارك وجماعته ينتظرون تغيير أوضاعهم المعيشية وكان هدفهم واضح أشد الوضوح وتبلور فى شعار من ثلاثة مقاطع هو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وهى ترجمة لمعاناة استمرت لثلاثة عقود كاملة, وبالفعل نجح المصريون بالإطاحة بمبارك وجماعته من المشهد السياسي وظن أغلبهم أن أحلامهم قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التحقق, لكن خاب ظنهم بصعود جماعة الإخوان لسدة الحكم ومحاولاتهم أخونة الدولة وإحلال جماعتهم محل جماعة مبارك وإتباع نفس السياسات التى أفقرت المواطن ورفعت من نسبة معاناته, وفى هذه الأثناء بذلت جماعة مبارك جهودا مضنية لإعاقة جماعة الإخوان وفي هذا الإطار لم تنظر الى مصر بل سعت لحرقها من أجل الإطاحة بجماعة الإخوان والعودة مرة أخرى لسدة الحكم.
وبالفعل نجح مخطط جماعة مبارك فى إحراق مصر, وهو ما عجل الى جانب فشل الجماعة الإرهابية فى خروج الشعب المصرى ثائرا عليهم فى 30 يونيو رافعا نفس الشعار – الحلم – العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وتمكن من الإطاحة بهم من سدة الحكم, وعاد ينتظر وقد ظن للمرة الثانية أن أحلامه قد أصبحت قيد التحقيق لكن وللمرة الثانية يخيب ظنه حيث عادت جماعة مبارك لتسيطر من جديد على المشهد السياسي والاقتصادى والاجتماعى وتعيد إنتاج نفس سياساتها القديمة التى أفقرت الغالبية العظمى من المصريين, وبالطبع لم تترك جماعة الإخوان رغم ما تتعرض له من محاصرة وتضييق المسرح بل تقوم بإشعال الحرائق في مصر عبر ممارسة العنف والتطرف والإرهاب الذى هو أحد المكونات الرئيسية لفكر الجماعة تاريخيا ويساعدها فى إشعال الحرائق قدرتها التنظيمية العالية وإمكانيتها المادية وعدم مركزية التنظيم وامتداده الدولى العابر للحدود والدول والقارات.
وبالطبع فى ظل هذا الصراع على السلطة بين جماعة الإخوان وجماعة مبارك تحترق مصر ويدفع شعبها ثمنا فادحا لهذه الحرائق, لذلك لا يجد الشعب المصرى أمامه من بديل لإطفاء هذه النيران وتخليصه من هذا الصراع غير الجيش المصرى, وعندما طالب الشعب قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بالترشح لرئاسة الجمهورية كان هدفه الأساسي هو التخلص من جماعة الإخوان وجماعة مبارك معا والتأسيس لنظام جديد يسعى لتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية منحازة للفقراء والكادحين بعيدة كل البعد عن سياسات جماعة مبارك وجماعة الإخوان تلك السياسات التى تزيد من إشعال النيران داخل المجتمع المصرى, فهل وصلت الرسالة للرئيس السيسي والجيش المصرى؟ الذى ينتظر منهما الشعب إطفاء الحرائق المشتعلة والتى لا يمكن أن تتم إلا بالإطاحة بجماعة الإخوان وجماعة مبارك من المشهد برمته, لأنهما وجهان لعملة واحدة لا يؤدى استعمالها إلا مزيدا من الحرائق, اللهم بلغت اللهم فاشهد.