
ربما كان علينا طرح السؤال بطريقة هل يكره الناس الصحافة ؟ فاذا ما تاكدنا ان الاجابة علي هذا السؤال بالايجاب ، فنبدا في البحث عن اسباب تلك الكراهية المباغتة التي ظهرت في ازمة نقابة الصحفيين مع وزير الداخلية؟
فلم ولن تكون معركتنا ابدا مع ما اصطلح علي تسميته اعلاميا بالمواطنين الشرفاء، وتلك تسمية قديمة ترجع الي نهايات عصر حسني مبارك واطلقها اما احد وزراءه او احد ابواقه في الإعلام علي الهتيفة المستأجرين للهتاف له او الهتاف ضد خصومه الذين تنوعت مشاربهم الي ان اصبح عدوا لكل المصريين “الا قليلا” ، فهؤلاء مصريون حالتهم الاجتماعية والثقافية وظروفهم الحياتية التي تسببت فيها حكومات رحلت وتواصل الحكومة الحالية الابقاء عليهم ، فيبدوا انهم عدتها وعتادها لإشعال الحرب الاهلية عندما يتم جلبهم لمواجهة فريق اخر اقل تعقلا ووعيا من الصحفيين.
هؤلاء المواطنون الشرفاء او غيرهم ممن احتشدوا لصب جام غضبهم علي الصحافة والصحفيين يل والإعلام المصري كله واطلق عليه الكثيرين اعلام العار يرددها الناس بلا وعي ، فهم احيانا يطلقونها وهم فاغرين افواههم امام الكاميرات.
لا يحتاج القارئ لانعاش ذاكرته بصور السيدات اللاتي جئن الي سب الصحفيين يوم 4 مايو، وهو للمفارقة فير المقصودة وان كانت تعني الكثير، يوافق ذكري ميلاد الفساد والفاشية معا، متمثلين في حسني مبارك وخيرت الشاطر.
اغلب الجمهور الذي يطالب بمقاطعة شراء الصحف هو نفسه اول الذين يهرولون الي مواقع الصحف الالكترونية لمعرفة اخر اخبار الازمة علي الأقل، ورفع روابط تلك الاخبار التي تجعم موقفهم علي صفحاتهم ،وبعض الذين يسبون الاعلام يهرولون إلي الكاميرا كلما شاهدوها في شارع، في محاولة للتصوير او حتي الظهور في الكادر، بما يعني ان تلك الدعوات غير حقيقية وان الداعين لديهم مشكلة ربما تحتاج إلى معالجة نفسية
يبقي ان نقول ان المواطن الشريف افضل بكثير من المواطن المغرض ” لست مسئولا عن الترجمة الشعبية بحذف النقاط التي تعلو الكلمة الأخيرة” فالمواطن الشريف معذور لجهله واما المواطن الاخر فلم يحسن تربيته أهله، الصنف الاول اضطرته الحاجة الي جنيهات قليلة دفعت له عن طريق رجل اعمال فاسد او ارغمه خوفه من بطش رجل أمن ،والصنف الثاني فاعتقد انه مواطن متطوع، لأنه تربي علي الندالة مثله مثل الصحفيون الشرفاء.
يكره قطاع لا اعرف عدده من الجمهور الصحافة، لأن الصحافة كما هو معروف إنها مرآه المجتمع، وان هؤلاء صورتهم اصبحت سيئة بالقدر الذي لا يرغبون في رؤية تلك الصورة البشعة لهم.
ستنتهي الازمة مع الداخلية آجلا ام عاجلا، وسيذهب الوزير النيجاتف الي حيث يستحق، لهذا السبب او لغيره او حتي لانتهاء مهمته ، وستبقي الصحافة تدافع عن حق المواطن في المعرفة، وحق الصحفي في التعبير، فلم يعرف التاريخ إستمرار ازمة الي مالانهاية كما لم يشهد ان حسر الصحفيون معركتهم طوال تاريخها.