
على إبراهيم
لا تسألني هل أنت مؤيد للانقلاب الفاشل على الرئيس التركي رجب مش طيب أردوغان، والإجابة الحاضرة لدي هي قطعا لا، فقد كنت أؤيد انقلابا ناجحا ناجعا يطيح بهذا الإخواني المتصلف من الحكم، لينتهي وهم الخلافة المزعوم الذي يعشش في رأسه ورأس إخوانه، حتى يكادون أن يبددوا الامة بأسرها، بعد أن أضاعوا بلادا وأغرقوها في الفتن، وأججوا في أطرافها النيران، واسكنوا قلوب أهلها البغضاء.
قال رجب مش طيب في معرض ردود أفعاله على الانقلاب، الذي يشكك فيه أكثر من طرف ويؤكدون أن أردوغان هو من قام بإصطناعه، “أن المحاولة هدية من الله” وهو صادق في اللفظ لكنه غير ذلك في المعني، ففعلا هو هدية من الله ليكشف هذا الوغد على حقيقته ومعه جماعة الإفك والضلال المعروفة إعلاميا بجماعة الإخوان المسلمين والموصومة في مصر بالإرهابية.
أما رأيي وقت الازمة فقد دونته كالتالي “عندما كانت الاخبار كلها تؤكد نجاح الانقلاب في تركيا وإعلان الطوارئ والحظر وتوقف المطارات وقطع الجسور والحديث عن أن أردو أتجه إلى المانيا لاجئا، ومع البيان الاول للجيش اتصل بي صديق، قال أنه خارج المنزل ويريد أن يقف علي حقيقة الوضع في أنقرة، قلت له أن الاخبار كلها في سكة نجاح الانقلاب، لكنها غير مؤكدة، من وجهة نظري حتى تستقر الامور، ويبدأ جزء من العالم في الاعتراف بالواقع على الأرض، سألني وما رأيك، قلت كمصري يكره صلف أردوغان وغروره وتدخله في الشأن المصري، وتأليبه لصراعات داخلية، فأنا سعيد بما حدث، لكنني كنت أتمني أن ينزاح بالصندوق، رغم مكره في الالتفاف عليه”.
والفرق بين الرأيين هو ما بعده، من عملية الإخفاق التي مني بها الانقلابيين، وما جرى من إجراءات أتخذها هذا “الطيب” والكلمة بين مزدوجين، من إجراءات هي في توصيفها لا تقل عن الارهاب ذاته، وكلها منشورة على المواقع وفي الصحف وموثقة بالصور أو الفيديو.
كما أن تغير رأينا لم يأتي تعاطفا ولا شفقة على المواطنين الأتراك الذين طالهم عسف أردوغان وإخوانه، بقدر ما هو تحسب لإجراءات أخري مماثلة قد تجري في القاهرة، فما يفعله الأردوغان أغا ربما يعتبره النظام هنا في مصر مسوغا لإجراءات أكثر صرامة مع المعارضين له والرافضين، خاصة أن بلادنا لا تحتمل قمعا أكثر من هذا.
وأما ما يثير الرثاء والشفقة والقرف في آن واحد هم جماعة الاخوان والمتعاطفين معها والمعطوفين عليها والموالين، الذين يتراقصون طربا لإجراءات أردوغانهم ضد المعارضين له في تركيا بينما يلطمون الخدود ويشقون الجيوب من ربع ما يفعله معهم النظام هنا، وكل حجتهم أن أردوغان نقل تركيا نقلة اقتصادية خلال فترة حكمه، تجعل منه لا “يسئل عما يفعل”.