مقالات

ناصر أبوطاحون يكتب : بورسعيد .. تاريخ نضالى يُدمره الاستسلام لهمجية التؤام

14 يوليو 2016 | بتوقيت 10:15 مساءً

من المسئول عن سقوط المدينة الباسلة فى يد مجموعة من الغوغاء الهمج؟؟
استقرت بور سعيد فى الضمير الوطنى للعالم الحر والشعب العربى كله وفى القلب منه الشعب المصرى بإعتبارها مدينة الصمود التى انكسر على أيدى أبناءها الاستعمار القديم بجبروته..
مثلت بور سعيد فى عام 1956 طليعة ممتازة للشعب المصرى تصدت للعدوان الثلاثى وأبهرت الصديق وأذهلت العدو فى ملحمة صمود تاريخية منحت الثورة المصرية دعماً هائلاً فى مواجهة قوى الاستعمار فى الخارج وحلفاءهم فى الداخل ، ومكنت مصر فيما بعد من استكمال مخططاتها نحو التنمية والتحرر..
وأكمل أبناء بورسعيد صمودهم فى وجه العدوان الصهيونى وثباتهم دفاعاً عن مدينتهم التى هى فى الأساس دفاعاً عن كل مصر، حتى النصر والعودة إلى بلادهم ..
وقد احتضنت مصر بكل انحاءها أبناء بورسعيد فى رحلة التهجير التى استهدفت حماية أبناء المدينة الباسلة من همجية العدوان الصهيونة المتكررة على المدارس والمستشفيات والمنشئات..
ما سبق ليس نفاقاً لأبناء المدينة الباسلة الذين يمثلون نسيج متكامل للشعب المصرى، فهم ليسوا بعرق مختلف ، او قبيلة ذات خواص معينة، بل هم جميعاً كل أبناء مصر، فقبل حفر قناة السويس لم تكن هناك بور سعيد بل كانت “الفرما” وهى قرية ذات تعداد سكانى محدود، ومع حفر القناة والتعمير الذى بدأ ينمو هاجر الألاف من المصريين من كل انحاء المحروسة إلى المدينة الجديدة ليعمروها ويستوطنوها .. إذن أبناء بورسعيد نتاج لكل أبناء مصر من اقصاها لأدناها، فلا يحق ولا يجوز بل يجب أن يُجَرم ان يُطلق عليهم شعب بورسعيد، كما يحلو لبعض الجهلاء أن يردد سواء بقصد أو بحسن نية .
اضطررت لهذه المقدمة لأن هناك قطاع كبير من شبابنا بفعل “سياسات 30 سنة مبارك” لم يعودوا يعرفون شيئاً عن تاريخ بلادهم ولا حتى جغرافيتها ،
وهذه الحقيقة، ومنذ أن توقف الإحتفال بيوم 23 ديسمبر بإعتباره عيد النصر لكل مصر ، وقصر الاحتفال به على مدينة بورسعيد بإعتباره عيداً خاصاً بهم وبدأ الأمر يتقلص شيئاً فشيئاً حتى لم تعد بورسعيد سوى قبلة لمن يريد ان يشترى بضائع مهربة من نفايات الغرب ، ولما انتهى هذا الأمر لم تعد بورسعيد تعنى شيئاً للمصريين سوى النادى المصرى وجماهيره المتعصبة .
لذلك فنحن بحاجة ان نستعيد تاريخناً النضالى ونلح عليه حتى نعلم أبناءنا أن بلادنا كان يخرج منها دوماً ابطال وقادة وليس لصوص او لاعبو كرة قدم فقط
نحن بحاجة إلى دراسات اجتماعية معمقة حول ظواهر الانقسام التى خلفتها كرة القدم فى حياتنا والمسئول عنها والمتاجر بها ،وهذه قصة اخرى،
لقد كان مستغرباً أن يرى أبناء بور سعيد أحد الأشخاص يرتكب جُرماً على الهواء مباشرة وعلى مسمع ومرأى من العالم كله ، ثم يهب بعضهم غضباً واعتراضاً على بدء إجراءات قانونية بحق المعتدى
كيف استحل أبناء بورسعيد لأنفسهم أن يكون أحد المنتمين إليهم خارج القانون؟؟ وكيف سيطلب أياً منهم لنفسه حقاً مستقبلاً؟؟
إن من يحرص بحسن نية أن يسير فى مواكب الغوغاء لهدم النظام والقانون يقوض على نفسه دولته بإعتباره أضعف فرد فى تلك الدولة.
المواطن الضعيف ليس له من وجاء ولا حماية سوى الدولة والقانون ، فإن استغله بعض المحرضين والمجرمين ليقدموه كقربان على مذبح الفتنة فلا يلومن إلا نفسه، لأنه إن لم يُذبح على مذبح الفتنة حالاً سيُذبح بعد حين ووقتها لن يشعر به أحد..
لاشك أن هناك من يشعلون نيران الفتن فى البلاد طوال الوقت -وبرضه بقصد أو بحسن نية- لكنها فى النهاية تُؤتى نفس النتائج، وفى هذه الفتن لابد من وقود للإشتعال ، والوقود دائماً جاهز من البسطاء و المهمشين الذين لا يملكون فى هذا البلد شيئاً، يسوقونهم إلى محرقة الفتنة فينجو من ينجو ويهلك من يهلك ولا عزاء لمن هلك ولا قيمة لمن بقى.
لقد حول البعض المنافسة فى ملاعب كرة القدم إلى حروب إعلامية واشتباكات فيسبوكية ، ولم نتعظ من مذبحة راح ضحيتها شباب من أبناء الشعب المصرى كله، لم نتعظ ولم يتعظ حسام حسن وشقيقه ، وظلوا يعزفون على نفس منوالهم فى العنف والاعتداء والبلطجة، لم يتعظوا رغم انه كان من السهل الربط بينهم -وبشكل قانونى ورسمى- وبين مذبحة ستاد بورسعيد، لم يتعظا من أنهما أفلتا من يد العدالة لأسباب لم يحن بعد وقت الكشف عنها، وفى موسم كروى واحد-الحالى- تم ايقافهما عدة مرات بعد أن كانا طرفاً فى العديد من المعارك فى الملاعب ، ولن اتكلم عن تفاصيل لا يتسع المكان لحصرها ولكن اذكركم بتهديد حسام حسن لأحد حكام الدورى بأنه “هيبوظ لهم الدورى” ، وعندما نربط دا “بتبويظه للدورى” فى مذبحة بور سعيد تعرف ان أهل بور سعيد يستدرجون لمعارك الوهم..
أرجو أن يتعظ أبناء مصر الذين يقطنون بورسعيد من احداث عدة جرت على أرض المدينة الباسلة شهدت جريان دماء ووفيات بشكل لا يستقيم مع الدين او العقل او القانون
وأرجو أن يتوقف الجميع وينتبه لنواب يزايدون على غضب البعض أو عدم فهمه ، ليس لشىء، إلا للدفاع عن اماكنهم ، وأن يتنبهوا لسماسرة الكورة وكابوهات الجماهير والألتراس ، فلا يصح أن نختزل بورسعيد وأهلها ونضالها وتاريخها المجيد فى منافسات كرة القدم وإلا نبقى ناس تافهة ولا نستحق الحياة ..
الكورة للمتعة وإن أصبحت لشىء غير ذلك فلا بأس أن نوقفها حتى يتبين لنا الأسود من الأبيض، والصالح من الطالح والضار من النافع
أفيقوا يا قوم فالحكاية موش ناقصة
زر الذهاب إلى الأعلى