مقالات

د. محمد سيد احمد يكتب : الحرب مع إسرائيل قادمة لا محالة !!

14 يوليو 2016 | بتوقيت 10:17 مساءً

لقد أعتقد الكثيرون ومازالوا أن حرب أكتوبر 1973 هى آخر الحروب التى ستخوضها مصر مع العدو الصهيونى, وبالطبع كان المروج الأول لهذه النظرية هو الرئيس أنور السادات الذى كان مبهورا بالثقافة الغربية عموما والأمريكية بصفة خاصة, ويعتقد أن كل أوراق اللعبة فى يد الأمريكان لذلك أطلق مقولته الشهيرة فى وجه من يرى فى أمريكا وثقافتها أنها معادية لنا ولمجتمعاتنا ” أن 99 % من أوراق اللعبة فى يد الأمريكان “, لذلك حين تولى الحكم كانت مصر تجهز لحرب تحرير شاملة فى مواجهة الكيان الصهيونى وكانت خطة الحرب جاهزة وهى ما عرفت ( بجرانيت 1 ) , لكن السادات قام بتغيير الخطة لتتحول الى ( جرانيت 2 ) والتى بموجبها تصبح الحرب حرب تحريك فقط, لذلك حين أمرت أمريكا بوقف إطلاق النار وافق السادات على الفور حتى دون الرجوع لشركائه فى الحرب على الجبهة السورية, ففى الوقت الذى لم تستمر فيه الحرب على الجبهة المصرية غير 17 يوم فقط استمرت على الجبهة السورية 237 يوم, وبعدها سار السادات فى المسار الذى حددته أمريكا والذى أنتهى بمعاهدة كامب ديفيد معتقدا بذلك أن مصر قد خرجت وبشكل كامل من الصراع العربي – الصهيونى, وبدأ يروج لنظريته التى تعتبر إسرائيل صديق وليس عدو ولن نخوض معها حروب أخرى.

وجاء من بعد السادات تلميذه الوفى حسنى مبارك والذى آمن بنظرية السادات أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب مع إسرائيل, ولذلك ظل يحافظ على كامب ديفيد رغم مئات الخروقات التى ارتكبها العدو الصهيونى للمعاهدة على مدى ثلاثة عقود كاملة, واكتسبت نظرية السادات مؤيدين سواء على المستوى الرسمي حيث هرول الملك حسين لعقد اتفاقية وادى عربة مع العدو الصهيونى ثم تبعه ياسر عرفات الذى عقد اتفاقية أسلوا هذا بخلاف العلاقات الممتدة بين معظم الحكومات العربية والعدو الصهيونى سواء كانت معلنة أو خفية, وأما على المستوى غير الرسمى فقد قام بعض المثقفين بالترويج للنظرية عبر التشجيع على التطبيع مع العدو الصهيونى على المستوى الشعبي بعد أن أصبح التطبيع أمر واقع على المستوى الرسمى, لكن وعلى الرغم من كل هذه المحاولات التى تمت على المستويين الرسمى وغير الرسمى لتغيير المزاج الشعبي تجاه العدو الصهيونى ومحاولة تعميم نظرية إنهاء الصراع واعتبار حرب أكتوبر هى آخر الحروب معه ظل العقل والضمير الجمعى الشعبى على موقفه الذى يعتبر العدو الصهيونى عدونا الأول وأننا سندخل معه حروب أخرى لتحرير كامل التراب العربي المحتل والمغتصب بواسطة العدو الصهيونى, ومازال هذا العقل والضمير الجمعى يردد مقولات الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ” لا صلح لا تفاوض لا اعتراف “, ” وما أوخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة “.

      وفى الوقت الذى مازال أنصار نظرية انتهاء الصراع العربي – الإسرائيلي يتخندقون ويدافعون عن نظريتهم ويتمسكون باتفاقيتهم الوهمية مع العدو الصهيونى, فإن ذلك العدو مازال متمسك بحلمه القديم والذى يتجسد فى مقولة مكتوبة فوق باب الكنيست وهى ” دولتك يا إسرائيل من النيل الى الفرات ” وهذا الحلم لم يعد حلما بل سعي العدو الصهيونى لتحويله الى حقيقة, فمؤخرا قام العدو الصهيونى بنشر الفتن الطائفية والعرقية والمذهبية داخل مجتمعاتنا ليشعل النيران ويؤججها من الداخل, ثم أطلق الربيع العربي المزعوم الذى هو ربيع عبرى بامتياز, وقام بدعم الجماعات التكفيرية الارهابية المسلحة داخل مجتمعاتنا ليشغل جيوشنا عن التفكير في مواجهته, وفى هذه الأثناء يظهر دوره فى دعم دول حوض النيل خاصة أثيوبيا فيقوم بتحريضها وتمويلها لبناء سد النهضة الذى أصبح أمر واقع, والأسبوع الماضي يذهب رئيس وزراء العدو الصهيونى لزيارة أربع دول أفريقية من دول حوض النيل ويطالبهم بانضمام الكيان للاتحاد الإفريقي باعتباره مراقب.

وبالطبع مازال أصحاب نظرية انتهاء الصراع والحروب لا يعتبرون كل ما قام به العدو الصهيونى عداء ومازالوا يحاولون أن يتفاهموا معه ويذهبون إليه, وبالطبع هذا عبث وخداع للنفس على أقل تقدير, فدعم العدو الصهيونى للإرهاب فى سيناء هو بمثابة اعلان حرب على مصر, ودعم داعش على الحدود المصرية الليبية والمصرية السودانية هو أيضا بمثابة اعلان حرب على مصر, واللعب فى دول حوض النيل وبناء السدود للتأثير على حصة مصر بمياه النيل شريان حياة المصريين هو بمثابة اعلان حرب على مصر, لذلك يجب أن يفيق العقل والضمير الجمعى وينتفض فى وجه  أنصار نظرية انتهاء الصراع والحروب, ويجب أن نستعد جيدا لمواجهة وحرب قادمة لا محالة مع العدو الصهيونى, فما أوخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

زر الذهاب إلى الأعلى