د. محمد سيد احمد يكتب : عيد الفقراء .. هل يعرفه الرئيس السيسي ؟!
4 يوليو 2016 | بتوقيت 10:19 مساءً

بالطبع قد يتبادر الى ذهن الكثيرين ولأول وهلة أننى سوف أتحدث عن عيد الفطر المبارك الذى سيحل علينا غدا بإذن الله, وكيف يستقبله الفقراء من شعب مصر, وعندما أعلنت عن عنوان المقال على حسابي الشخصي على الفيسبوك تلقيت العديد من التعليقات تؤكد أن الرئيس السيسي لا يعرف شيئ عن معاناة الفقراء فى عيدهم, وهناك من ذهب الى أنه يعلم ولكنه يغض بصره عن تلك المعاناة, وهناك من أكد على أنه يقف فى صف الفقراء بالكلام المعسول فقط فى حين أن سياساته وسياسات حكومته تعمل على زيادة معاناة هؤلاء الفقراء وليس العكس.
وبالطبع عندما يضع الكاتب عنوان لمقال سيكتبه تكون فكرته متبلورة فى ذهنه بشكل كامل أو شبه كامل, وليس بالضرورة أن تكون الفكرة المتبلورة فى عقله هى نفس الفكرة التى تتبلور فى عقل القارئ الذى يتلقى العنوان ولأول وهلة, فقد تقترب أو تبتعد وفقا لرؤية كل متلقى, وهو ما حدث بالفعل فى هذا المقال, فما أقصده بعيد الفقراء والذى أتساءل هل يعرفه الرئيس السيسي ليس عيد الفطر الذى سنستقبله غدا وليست معاناة الفقراء من شعب مصر خلال أيام العيد, لكن المقصود هنا أبعد وأعمق من ذلك, عيد الفقراء هو أحلامهم ومطالبهم المشروعة التى ثاروا من أجلها مرتين فى 25 يناير و30 يونيو والتى حلت ذكراها الثالثة منذ أيام ورغم ذلك لم يتحقق منها شيئ حتى اللحظة, عيد الفقراء هو ذلك اليوم الذى يتحقق فيه العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
كم من أعياد مرت على الفقراء والكادحين والمهمشين من شعب مصر ولم يشعروا بها ولم تملئ الفرحة قلوبهم, بل انكسرت نفوسهم وتحطمت أمالهم وأحلامهم وازدادت معاناتهم عبر سنوات طويلة كانت سياسات الحكومات المتتالية تسعى لتكريس الظلم الاجتماعى والانحياز المطلق للأغنياء على حساب الفقراء فتحولت أيام فئة قليلة من المصريين الى أعياد مستمرة, مقابل تحويل أيام الغالبية العظمى من المصريين الى سواد حالك, وهو ما أدى فى النهاية الى نفاذ صبر الفقراء والكادحين والمهمشين وخرجوا للإطاحة بالمسئولين عن تحويل أحلامهم الى كوابيس, ونجحوا فى ذلك – كما توهموا – فى 25 يناير وعادوا الى بيوتهم ينتظروا قدوم العيد, لكنهم انتظروا طويلا ولم يأتى, عام ونصف فى ظل حكم المجلس العسكرى والعيد لا يأتى, وتطل علينا الجماعة الإرهابية برأسها الشيطانى واعدة الفقراء بأن عيدهم قد اقترب عبر مشروع النهضة المزعوم, وانتظر الفقراء عيدهم عام آخر كان الأصعب فى تاريخ مصر وتبدد الحلم تماما, لذلك خرج الفقراء ثائرون على الجماعة الإرهابية وأطاحوا بها من المشهد برمته, وعادوا الى بيوتهم كالعادة ينتظرون قدوم العيد, وهذه المرة كانت أمالهم وأحلامهم معقودة على ذلك الرجل الذى وقف فى مشهد اسطورى فى 3 يوليو 2013 ليعلن انحيازه التام لإرادة الفقراء والكادحين والمهمشين ويؤكد لهم أن عيدهم قد اقترب موعده, ووثق الفقراء فى الرجل ووضعوا كل أمالهم وأحلامهم بين يديه فما الذى حدث ؟! وما الذى تحقق ؟!
مرت ثلاثة سنوات كاملة على ذلك المشهد الاسطورى, والفقراء ينتظرون قدوم عيدهم, ومع مرور الوقت بدأت تتبدد أمالهم وأحلامهم فالرجل الذي وثقوا به يطمئنهم طوال الوقت بأنه معهم ويسعى لتحقيق مطالبهم المشروعة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية, وهى عيدهم الحقيقي الذى طال انتظاره, لكن وللآسف الشديد لم تتم ترجمة هذه الأقوال الى أفعال فى الواقع الملموس, فكلها وعود وهمية, فالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التى ينتهجها الرجل وحكومته تباعد بين الفقراء وعيدهم وليس العكس, فالرجل ليس لديه جديد يقدمه فمازال يعتمد فى رسم سياساته وبرامجه على رجال نظام مبارك سبب كل ما حل على الفقراء من بلاء باعد بينهم وبين عيدهم, لذلك يأتى سؤالنا المشروع, عيد الفقراء .. هل يعرفه الرئيس السيسي ؟!
وهنا تأتى الإجابة واضحة لا لبس فيها يا سيادة الرئيس أنت لا تعرف ما هو عيد الفقراء أنه اليوم الذى انتظروه لأكثر من أربعة عقود كاملة ولم يأتى بعد, أنه اليوم الذى ستبدأ فيه الاطاحة بسياسات نظام السادات – مبارك – المجلس العسكرى – مرسي, تلك السياسات الرأسمالية الفاشية المنحطة التى تعمل على تكريس فقر الفقراء وغنى الأغنياء, إن الاطاحة بهذه السياسات لا يمكن أن تتم إلا بصدام حقيقي مع رجال أعمال نظام مبارك الذين تستعين بهم فى إدارة شئون البلاد لأنهم هم الذين يقفوا حائلا بين الفقراء وعيدهم, فمتى تفعلها وتأتى للفقراء بعيدهم لقد تعبوا من الانتظار ولم يعد لديهم مخزون من الصبر وخروجهم القادم سيكون مدمرا, اللهم بلغت اللهم فاشهد.