ناصر أبوطاحون يكتب : صورة سامح شكرى

ناصر أبوطاحون

حظى كل من تولى وزارة الخارجية فى مصر لحالة من الاستهجان من أغلبية المصريين بسبب اتصالهم -بحكم المهنة - بالصهاينة، ربما بإستثناءات محدودة كنموذج عمرو موسى رغم أنه لا يفرق عنهم فى شىء ، لكن لأنه استطاع أن يبيع نفس البضاعة التالفة التى يبيعها زملاءه ولكن بفارق وحيد ، انه كان يجيد التغليف والتعليب وعمل "فيونكة" للعلبة!

وتحمل وزراء الخارجية للأنظمة التى تعاقبت من زمن الكامب وحتى اليوم كل أوزار الاتفاقية ، بل وكل أثام الصهاينة التى تعمدوا ارتكابها فى ساحة الصراع العربى الصهيونى بسبب اتصالهم بالصهاينة وظهورهم معهم أمام عدسات المصورين بابتسامات باهتة ومصافحات باردة

و رغم كل المحاولات التى حاول نظام مبارك ثم مرسى ثم السيسى لحلحلة الصراع  نحو تسوية تقوم على منح الفلسطينيين بعض من فتات اراضيهم ، إلا أن الصهاينة أحبطوا القادة ، قبل أن يحبطوا أمالهم فى الحصول على شىء ليقدموه للشعب العربى الذى يدرك ان صراعه مع الصهاينة هو صراع وجودى فى الأساس، مما لا ينفع معه اى إدعاء بحمله على محمل صراعات الحدود والمصالح.

ورثت الأنظمة الاتفاقية بتبعاتها ولم تحاول ان تحدث أى تغيير ذا قيمة على تلك الاتفاقية فى ظل اندماجهم شبه الكامل مع المصالح الأمريكية فى المنطقة وبالتالى تماهى تلك المصالح مع مصالح الكيان الصهيونى

وفى ظل عجز عربى تام وكامل دخلت المنطقة العربية فى اتون ملتهب ومتفجر من الصراعات البينية سواء بين اقطار عربية او داخل القطر العربى الواحد، مما جعلنا نتحدث عن ازمة يمينة واخرى عراقية وثالثة ليبية ورابعة سورية، وهو ما جعل قضية الصراع العربى الصهيونى تتراجع للخلف كثيراً، رغم كونها كانت وتبقى قضية العرب المركزية وبوصلة نضالهم.

فى ظل تلك الأوضاع لم يكن بوسع احد تسخين جبهة الصراع مع الصهاينة،، بل ربما كانت اقصى أمانى بعض المطبعين-رسمياً- هو تبريد الجبهة لأقصى حد ، وربما التجميد التام، هذا بالطبع غير أولئك-من حكام المشيخات- الذين كانوا يسخنون علاقاتهم مع الصهاينة فى السر .

وأمام تلك الصورة المفزعة للواقع العربى لم يكن أمام تلك الأنظمة سوى تصدير وزير الخارجية للواجهة فى لقاءات بروتوكولية مع مسئولى دولة الكيان الصهيونى كلما احتاج الأمر ذلك

ومن ذلك ما حدث فى تشييع جنازة مجرم الحرب النافق شيمون بيريز بمشاركة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى

وبالطبع حمل المصريون على شكرى بشكل كبير واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بصور وتعليقات ومشاركات تصب فوق رأسه غضباً مصرياًعارماً

بل وتم توزيع صورة لشكرى على أنها حالة حزن كاملة له على المجرم النافق

و رأيى أن لحظة التقاط الصورة لم تكن موفقة بالنسبة لشكرى ، وربما أنه كان يجلس فى مكان والشمس مسلطة عليه أو أنه مخنوق من جلسته التى أملتها عليه ظروف معينة

لا أبرر له ولا ادافع عنه ، فلو كنت مكانه لاستقلت قبل أن أدنس نفسى بالمشاركة فى مثل هذا الحدث، ولكنى لا أصدق ولا اتصور عقلاً أن يكون استبد به الحزن على النافق ليظهره بهذا الشكل، رغم أنه يعرف أنه يصادم الشعور الوطنى المصرى والعربى بوجوده فى هذا المكان أصلاً

فالوزير المصرى ليس مطلوباً منه أن يبدى حزناً على المجرم بيريز، ولا حتى أن يتظاهر بذلك،فماذا يحمله على ذلك؟؟

فى اعتقادى أننا نحمل الأمور بأكثر مما تحتمل فى مثل هذا الموضع وهو انتهاك شكرى بشكل شخصى  وبهذا الشكل رغم أنه مضطر أن يكون فى هذا المكان فى تلك الظروف

مرة أخيرة لا أبرر له ولا أقبلها على نفسى ، و لكن قد تحملك نوائب الدهر على الجلوس مع من لا تطيق رؤيته

ويقينى أننا فى تلك المرحلة التى تتساقط نوائب الدهر على رؤوسنا كما لم يحدث من قبل