ناصرأبوطاحون يكتب عن العسكر و خصومهم

ناصر أبوطاحون

فى ليلة 27 يناير 2011 كنا فى نقابة الصحفيين نتابع عن كثب أخر تطورات المظاهرات التى اندلعت يوم 25 يناير وانتقلت شرارتها لمعظم أرجاء مصر
كانت اخبار سقوط ضحايا من المواطنين قد بدات تأتى من مدينة السويس التى اشتعلت حماساً ضد نظام المخلوع فيما بعد مبارك وولده
فى تلك الأثناء كنا نتنسم أخبار الجيش وموقفه من المظاهرات، فى ظل غموض موقف قياداته من مشروع التوريث حتى اندلاع الاحتجاجات الشعبية فى يناير
وبدأ بعضنا يتحدث فى خجل عن قرب نزول الجيش للشوارع ، كنا نتداول هذه الأخبار ونحن -تقريباً- نقف على أطراف أصابعنا لنرتقى  !ونشاهد نزول الدبابات فى السويس ونحن فى قلب القاهرة
كان نزول الجيش بالنسبة لنا أملاً كبيراً نتوق إليه فى ظل إنحياز الشرطة للنظام تماماً وانخراطها فى مشاريعه سواء فى تزوير الانتخابات أو فى قمع الخصوم  ونهاية بضلوعها فى تمرير مشروع التوريث
لذلك كله كنا نحلم بنزول الجيش، فلم نكن فى خصومة معه ،بل الجميع كان يرى فيه طوق النجاة لكى تنجح الثورة فى إزاحة الطاغية مبارك ووأد مشروع توريث ابنه العبيط حكم البلاد
وبالفعل استجاب الجيش لتطلعات المصريين وفى القلب منهم شباب الثورة،
وبغض النظر عن نزول الجيش بتعليمات من مبارك أو من رأس قيادته ،إلا أنه نزل ، واستقبله الثوار بالورود، ونامت الدبابات فى حضن الثوار أمنة فى الميادين
بعدها بدأ الجيش يتحرك منفرداً بعيداً عن مؤسسة الرئاسة، سواء بإجتماع المجلس العسكرى فى غياب الرئيس، أو بإصداره للبيان الأول، ثم فى وضع يده على التلفزيون واحتلال ماسبيرو والتحكم فى ما يُذاع وما لا يذاع
كل ذلك يجرى والشعب يستبشر بوصول الجيش ،حتى رحل المخلوع وسلم البلد للمشير طنطاوى وخلع على شرم الشيخ
وكلنا يعلم ما جرى فى عهد المجلس العسكرى، سواء بإنفراط عقد الثوار و سعيهم للغنائم سواء شخصية أو لتيارات وأحزاب
وبالطبع كانت هناك تدخلات دولية وخارجية من كل الاتجاهات ، فمصر مع مبارك تحولت لدولة يتدخل الخارج فى سياساتها بأكثر مما يتصور البعض
فى ظل هذه الأوضاع المهترئة وانفلات أمنى ومطالب فئوية  وصراعات سياسية ومعارك مراهقين ثوريين ، كان على الجيش وقياداته أن يؤمن البلد ويسد مطالبها اليومية
ولعل الجميع يتذكر ان الجيش كان يؤمن وصول المرتبات للمحافظات ، ويؤمن كذلك وصول الدقيق للمخابز فى ظل انفلات أمنى كبير
وبدأت خيانات الساسة للثورة ومبادئها ،وحاول "العسكرى"بقيادة المشير طنطاوى أن يلعب بالجميع على أمل أن يتمكن من الفوز بالمباراة ويحسمها
نام الإخوان فى حضن المجلس العسكرى وكلاهما يخطط لاستغلال الأخر للوصول لهدفه  ثم كان ما كان
ولكن فى كل الأحوال العسكرى أدار انتخابات شفافة كسبها الإخوان والسلفيون القادمون من كهوف الزمن، وخسر الثوار خسارة عظيمة
 خسر الثوار لأنهم انقسموا وتفتتوا وتصارعوا مع انفسهم أكثر من صراعهم مع خصومهم
ثم جاءت انتخابات الرئاسة لتكشف أن الثوار كانوا أحرص على الغنائم من الثورة  ليفيق الجميع وكرسى رئاسة مصر تحت سرير المرشد
سلم العسكرى السلطة ورحل ، واختار الإخوان وزير دفاع بنكهة الثورة ،وقبل أن ينتهى العام الأول للإخوان على كرسى الرئاسة بشهرين كانت الأزمات اليومية تعصف بالمصريين خاصة فى إمدادات الكهرباء والسولار والبنزين مما احال حياة الناس إلى جحيم
وفى ابريل 2013 دشن المصريون حملة تمرد وانخرط فيها من جديد شباب ثورة يناير ونجحت تمرد فى حشد المصريين للثورة على الإخوان فى 30 يونيو
قبلها كانت جبهة الإنقاذ التى انضوى تحتها كل الاحزاب والقوى السياسية،وعندما دعا وزير الدفاع لحوار سياسى بين الرئيس وجبهة الإنقاذ قبلت الجبهة ورفض الرئيس بعد سبق له الموافقة
أذكر ذلك لأن الجميع رحب بدخول الجيش كحكم بين الرئيس وخصومه
ومرة أخرى وقفنا ننتظر موقف المؤسسة العسكرية من تحرك الشعب فى 30 يونيو، واحتفل الجميع بالبيان الذى ألقاه  السيسى يوم 3 يوليو خاصة انه تقريبا تضمن كل ما كنا قد اتفقنا عليه كقوى سياسية  قبل 30 يونيو
واحتفل الجميع بالانتصار على الإخوان
ثم جاء رد فعل الإخوان وزبانيتهم من جماعات العنف والإرهاب مما زاد من تمسك الأغلبية الشعبية بالجيش وبقائده الذى هو وزير بنكهة الثورة
ثم احتفل الجميع بإقرار الدستور الذى توافق الجميع عليه تقريباً
و مرة أخرى فشل الثوار و النشطاء فى بلورة وحدة او كيان لكسب مقاعد البرلمان والتأثير على صنع القرار
و عندما جاء الدور على عملية انتخاب الرئيس، انفرط عقد جبهة الإنقاذ و هرب الثوار إلى معارك صغيرة وتافهة لا تسمن ولا تغنى من جوع
وعندما نتحدث عن بلد فيها ما يزيد عن 25 مليون صوت انتخابى شاب، وأن هؤلاء مقاطعين للانتخابات وساخرين من جميع من اشترك فيها سواء بالترشح أو بالانتخاب، فيجب أن نتوقف ونتبين ونسأل بجد : إنتم عاوزين إيه؟؟
متى ستشاركون وتنتزعون حقوقكم عبر الصناديق وقد كانت متاحة أكثر من مرة؟؟
قيادة بلد بحجم مصر لا يمكن ان تتم من خلال فيس بوك وتويتر
وكمان لا يمكن ان تتم من خلال الهدم بدون خطط للبناء
 وتقريباً إحنا ماشيين زى ما إحنا
ناس كانت بتشتم المجلس العسكرى والإخوان  تلم الغلة
ودلوقتى ناس بتشتم الجيش والفلول برضه بتلم الغلة
لو هتقضوها شتيمة وسخرية واجتزاء كلمات من هنا  ومقاطع فيديو من هناك يبقى ابشركم  بالخسران المبين
لقد أثرت أن أُقدم لكم ملخصاً لما جرى فى ثورتين،وعليكم ان تعيدوا قراءة ما جرى ولا تخلطوا بين خياراتكم السيئة ومواقفكم الخاطئة ومعارككم التافهة وعداءكم غير المبرر للجيش